الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيانرويترز - أرشيفية

بعثة أوروبية بحصانة وامتيازات في أرمينيا.. نُذر "طلاق" بين موسكو ويريفان؟

صادق البرلمان الأرميني على اتفاقية بشأن وضع بعثة الاتحاد الأوروبي، التي تراقب الوضع على الحدود الأرمينية الأذريّة، ومنح أعضاء البعثة حصانة وامتيازات، في رسالة تقرّب واضح ترسلها يريفان إلى الاتحاد الأوروبي.

وتثير مواقف أرمينيا المتتالية استياء روسيا، خاصة أن موسكو باتت تشعر بأن يريفان بات هواها غربيًّا، بعد أن كانت تحكم البلدين علاقات وثيقة ضمن عدد من المنظمات والتكتلات التي تقودها روسيا، والتي تفكر أرمينيا بالانسحاب منها، أو حدّ مشاركتها فيها.

حصانة مطلقة تقلق موسكو

وحول مصادقة البرلمان على الحصانة المطلقة للبعثة الأوروبية، يصف الخبير في الشؤون الروسية الأرمينية أوليغ بيغلاريان، في حديث لـ"إرم نيوز" أن " هذه حصانة أشبه بتشريع احتلال، ولن أنظر إليها بمنظور آخر، فما أقره البرلمان ينص على أنه لا يجوز احتجاز أو اعتقال أعضاء البعثة، يعني في حال ارتكاب أي جرم أو قام بإدخال أجهزة تجسس أو أي شيء آخر يبقى هذا الشخص حرًّا طليقًا، ويبقى أعلى من سلطة الدولة".

ويتابع: "الاتفاقية الموقّعة تنصّ أيضًا أنه لا يُسمح بتفتيش أو مصادرة أو الاستيلاء على ممتلكات ومقتنيات المراقبين الأوروبين، وهذا سيضرّ بأرمينيا في المقام الأول، ومن بعدها دول الجوار، وهو أمر لا يجب السكوت عنه".

وحول خطر وجود هذه البعثة على روسيا يقول بيغلاريان: "بالتأكيد لا خطر مباشرًا، لكن الخطر يكمن بالإبعاد، اليوم هناك 200 شخص يتمتّعون بحصانة مطلقة في هذه البعثة، وغدًا ربما يصبحون 2000 من يدري، وبينهم مسلحون ومعهم معدات عسكرية، وكأن هناك قاعدة عسكرية للاتحاد الأوروبي ظهرت في دولة جارة لروسيا".

ويضيف: "لا بد لروسيا من أن تقوم بعقد مباحثات سريعة وفوريّة مع أرمينيا لإنهاء التصرفات غير المحسوبة من قبل يريفان، فالأمور تتدهوّر، ويبدو أن أرمينيا ماضية في مخطّطها الغربي دون أي حسابات".

أخبار ذات صلة
محللون: مساعي أرمينيا للاستغناء عن روسيا تصطدم بغياب البدائل

القوفاز - أفريقيا "واحدة بواحدة"

وفيما تسعى روسيا إلى إنهاء النفوذ الغربي في قارة أفريقيا، وإخراج السيطرة الغربية التاريخية من نافذة أفريقيا، يدخل الغرب من بوابة أرمينيا الواقعة في منطقة جنوب القوقاز، التي تعد الحديقة الخلفيّة لروسيا الاتحادية، والتي كانت أيضًا محسوبة على الحلف الروسي منذ عقود، وهذا ما يشير إليه العديد من المراقبين.

ويرى الباحث في الشؤون الروسية بافيل ماردونوف، أنه "لمعرفة ما يجري في أرمينيا، لا بد لنا من العودة إلى لبّ الأزمة التي ظهرت بين يريفان وموسكو خاصة بعد حرب ناغورنو كاراباخ الثانية في 2020، إذ ترى يريفان أن موسكو تخلّت عنها، واصطفّت مع أذربيجان لمصالحها، وتركت يريفان لوحدها، فيما ترى روسيا العكس، وتعتقد أنها وقفت مع أرمينيا، وحافظت على دماء الشعب الأرميني".

أخبار ذات صلة
محللون: مساعي أرمينيا للاستغناء عن روسيا تصطدم بغياب البدائل

ويتابع الباحث في حديثه لـ"إرم نيوز"، "ومن هنا بدأت الأزمة فعليًّا، والإبحار الذي تنفّذه أرمينيا نحو الغرب، إذ تفكّر يريفان بأن تُصبح عاصمة ضمن عواصم الاتحاد الأوروبي، وأن يُرفع العلم الأزرق ذو النجوم الصفراء (علم الاتحاد الأوروبي) إلى جانب علم أرمينيا فوق المؤسسات الرسمية".

وفي هذا الصدد أيضًا يقول الخبير في الشؤون الأوروبية، ألكسندر فلاديميروفيتش: "بالتأكيد حاول الغرب استغلال شعور يريفان اتجاه موسكو، وفتح ذراعيه لهذه الدولة، لضرب عدة عصافير بحجر واحد".

ويتابع فلاديميروفيتش في حديثه لـ"إرم نيوز: "أوروبا ترى الانقلاب الأفريقي نحو روسيا، وبعض الدول الأوروبية باتت تخسر فعليًّا كل ما لديها في هذه القارة، والبديل روسي، لذلك التحرش بالقوقاز هو رسالة تأخذ بمضمونها مفهوم واحدة بواحدة، تزعجني في أفريقيا أزعجك في القوقاز".

وخلُص الخبير في الشؤون الأوروبية إلى القول إن "التحوّل الأرميني خطير ويثير قلق موسكو بشكل جديّ، فالتجربة الأوكرانية كانت كافية لروسيا، ولا تريد أوكرانيا أخرى على حدودها."

أخبار ذات صلة
أرمينيا تجمد مشاركتها في معاهدة الأمن الجماعي

أرمينيا - روسيا والطلاق الأخير

خطوة بخطوة تبعتد أرمينيا عن كل شيء يربطها بروسيا، في كل المناحي سواء السياسية أو الاقتصادية وحتى العسكرية، فبعد تهديد يريفان من الانسحاب من منظمة معاهدة الأمن الجماعي الذي تقوده روسيا بشكل أو بآخر، طلبت أرمينيا من روسيا سحب قوات حفط السلام الروسية من أكثر من موقع في الدولة، آخرها مطار العاصمة، وفي آخر الخطوات يأتي الحديث عن إيقاف بث القنوات الروسية في أرمينيا.

وحول الخطوات الأرمينية يرى الباحث في الشؤون الأرمينية، رافائيل ديرغالين، أنه من الواضح أن أرمينيا تتجه لإنهاء كل شيء مرتبط بروسيا، وموسكو تستشعر هذا بشكل واضح حتى إن الخارجية الروسية قالت قبل أيام إن موسكو حذّرت يريفان من مخاطر الانجرار إلى السياسة الغربية المناهضة لروسيا بعد إعلان وزير خارجية أرمينيا أرارات ميرزويان أن بلاده تدرس التقدم بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ويتابع: "لم يقف التوجه الأرميني عند هذا الحد، بل تقرّب أكثر إلى حلف الناتو، وهذا من وجهة نظري لعبة خطيرة تلعبها يريفان، ولا بد لها من حساب العواقب، فقطع كل خطوط الوصل مع روسيا، دون وجود مبررات حقيقية قد يضرّ بشكل كبير".

ويضيف ديرغالين في حديثه لـ"إرم نيوز"، :"لكن يبدو أن التحذيرات التي تُطلقها موسكو كل فترة وتوجّهها ليريفان لا تؤثر على المساعي الأرمينية للالتصاق بالغرب أكثر، وتستغلّ أرمينيا هذه الفترة تحديدًا لإنجاز كل شيء بسرعة، وهي تعلم أن روسيا منشغلة بأكثر من ملف وعلى رأسها أوكرانيا والحرب، وتحاول بأقصى قدراتها إنجاز الانضمام لكل ما هو غربي، قبل أن تتفرّغ موسكو من ملفاتها، وحينها يكون الأوان قد فات على مناقشة أرمينيا أو محاسبتها على ما فعلته".

ويختم الباحث الروسي حديثه بالقول، :"اقترب الطلاق الأخير على ما يبدو، وستظهر أرمينيا جديدة شبيهة بكل دول الاتحاد السوفيتي السابق التي انضمّت للمعسكر الغربي، والتي تعد الأشد عداءً لروسيا من الدول الغربية الأساسية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com