متظاهرة تحمل صورة مهسا أميني
متظاهرة تحمل صورة مهسا أمينيرويترز

تقارير: شبكة مؤثرين دولية لتغيير صورة إيران

كشفت تحقيقات إخبارية عن جهود إيرانية لتبييض صورتها أمام الرأي العام تجاه الملفات الدولية.

ونشر موقع "سيمافور" الإخباري تقريرًا أشار فيه إلى جهود طهران لبناء شبكة من الأكاديميين والباحثين المؤثرين من أصول إيرانية في الخارج، أطلق عليها اسم "مبادرة خبراء إيران" برعاية مباشرة من وزارة الخارجية الإيرانية، في ربيع عام 2014، وذلك سعيا منها لتعزيز صورة طهران ومواقفها بشأن قضايا الأمن العالمي وخصوصا برنامج إيران النووي.

وكشف بناء إيران هذه الشبكة عن حجم هذا المشروع وكمية المراسلات الحكومية الكبيرة ورسائل البريد الإلكتروني التي نقلها الموقع، بالإضافة إلى ما رصدته قناة "إيران إنترناشيونال" التلفزيونية .

وأشار تقرير "سيمافور" إلى أن المسؤولين الإيرانيين الذين عملوا تحت قيادة الرئيس الإيراني السابق، المعتدل حسن روحاني، أشادوا بهذه المبادرة وهنأوا أنفسهم على تأثيرها، وأن ثلاثة من العاملين في المبادرة  كانوا، أو أصبحوا، من كبار المساعدين لروبرت مالي، المبعوث الخاص لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن إيران، الذي تم وضعه في إجازة في حزيران/ يونيو الماضي بعد تعليق تصريحه الأمني.

روحاني يطلع على مشاريع إيران النووية
روحاني يطلع على مشاريع إيران النوويةرويترز

"دولة منبوذة"

وقال موقع "إيران إنترناشيونال" إن فوز حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية عام 2013، وسياسته الرامية إلى خفض التصعيد مع الغرب، قد خلقا أساسًا لحل القضية النووية، وكان من الممكن أن تساعد "مبادرة خبراء إيران" طهران على استعادة صورتها باعتبارها "دولة منبوذة" في العالم.

وقدمت وثائق المبادرة الإيرانية رؤى جديدة، عميقة وغير مسبوقة، حول طريقة تفكير وزارة الخارجية الإيرانية وأعمالها الداخلية في وقت حرج من ممارسة "الدبلوماسية النووية.

وأظهرت الوثائق كيف استطاعت إيران القيام بهذا النوع من عمليات التأثير المماثلة لتلك التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة في كثير من الأحيان، بحسب الموقع .

وقد تم الحصول على رسائل البريد الإلكتروني التي تبادلها أعضاء المبادرة وتمت ترجمتها بواسطة قناة "إيران إنترناشيونال"، وهي قناة إخبارية تلفزيونية ناطقة باللغة الفارسية ومقرها في لندن، وكان مقرها لفترة وجيزة في واشنطن بسبب تهديدات الحكومة الإيرانية، وتمت مشاركتها مع موقع "سيمافور" الإخباري.

وقدم موقع "سيمافور" وقناة إيران إنترناشيونال تقريرًا مشتركًا عن بعض جوانب معهد الصناعات النووية، حيث أنتجت كلتا الجهتين تقاريرهما الخاصة حول هذا الملف بشكل مستقل.

الملف النووي يتصدر أجندة طهران الدولية
الملف النووي يتصدر أجندة طهران الدوليةرويترز

دوائر صنع القرار

وتكشف هذه  الاتصالات عن مدى قدرة دبلوماسيي الرئيس الإيراني السابق روحاني على الوصول إلى دوائر صنع القرار في واشنطن وأوروبا وخصوصا خلال السنوات الأخيرة لإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، من خلال هذه المبادرة .

وعرض أحد الأكاديميين الألمان المشاركين في "مبادرة خبراء إيران"، وفقًا لرسائل البريد الإلكتروني، كتابة مقالات افتتاحية بالنيابة عن المسؤولين في طهران، بينما طلب آخرون المشورة في بعض الأحيان، من موظفي وزارة الخارجية الإيرانية، بشأن حضورهم المؤتمرات وجلسات الاستماع في الولايات المتحدة وإسرائيل.

كما ذهب المشاركون في هذه المبادرة إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال تكثيف كتابتهم للمقالات الصحفية الافتتاحية والتحليلات، وقدموا رؤاهم على شاشات التلفزة وموقع  تويتر، وروجوا بانتظام من خلال ذلك كله للحاجة إلى تسوية مع طهران بشأن ملفها النووي، وهو موقف يتماشى مع إدارتي أوباما وروحاني في ذلك الوقت.

ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي شاركها أعضاء المبادرة، فقد تواصلت وزارة الخارجية الإيرانية، من خلال مركزها البحثي الداخلي المعروف باسم معهد الدراسات السياسية والدولية، مع عشرة أعضاء "أساسيين" في المبادرة من أجل الترويج  بشدة لمزايا الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن، الذي تم الانتهاء منه في يوليو 2015.

سعيد زادة مع حسين عبداللهيان
سعيد زادة مع حسين عبداللهيانأ ف ب

وتتألف "مبادرة خبراء إيران" من مجموعة أساسية مكونة من 6 إلى 10 إيرانيين متميزين من الجيل الثاني للمهاجرين ذوي الأصول الإيرانية الذين أقاموا ارتباطات مع مراكز الفكر والمؤسسات الأكاديمية الدولية الرائدة، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، وذلك بحسب مراسلات سعيد خطيب زاده، وهو دبلوماسي إيراني مقيم في برلين والمتحدث باسم وزارة الخارجية فيما بعد، إلى مصطفى زهراني رئيس مركز أبحاث الدراسات السياسية والدولية "IPIS " في طهران في الـ5 من مارس 2014، مع اكتساب هذه المبادرة زخمًا.

وزهراني هو أيضًا المدير العام السابق للشؤون الإستراتيجية بوزارة الخارجية الإيرانية ومستشار محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق.

وقد تنوعت اتصالاتهم بين اللغتين الإنجليزية والفارسية، وترجمتها "إيران إنترناشيونال"، وتم التحقق منها بشكل مستقل بواسطة موقع "سيمافور" الإخباري.

مبادرة خبراء إيران تلقت تمويلا من حكومة أوروبية وبعض المؤسسات الأوروبية
مجموعة الأزمات الدولية

أكاديميون شباب

وكتب خطيب زاده مرة أخرى بعد أسبوع، في الـ11 من آذار/ مارس، وقال إنه حصل على الدعم لمعهد التعليم الدولي من اثنين من الأكاديميين الشباب، هما أريان طباطبائي ودينا اسفندياري، وذلك بعد اجتماع معهما في براغ، قائلًا: "اتفقنا نحن الثلاثة على أن نكون المجموعة الأساسية لمعهد التعليم الدولي."

وتعمل  طباطبائي حاليًّا في وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاغون، رئيس أركان مساعدا للعمليات الخاصة لوزير الدفاع، وهو المنصب الذي يتطلب الحصول على تصريح أمني من الحكومة الأمريكية، وعملت سابقًا دبلوماسية في فريق مالي للتفاوض مع إيران بعد تولي بايدن منصبه في عام 2021.

وذكر موقع سيمافور أن طباطبائي لم تستجب لطلبات التعليق على هذه "المبادرة" الإيرانية، بينما أكدت مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة فكرية ترأستها مالي من 2018 إلى 2021، أن اسفندياري، التي  تعمل لديها كمستشارة كبيرة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شاركت في المبادرة الإيرانية، لكنها أشارت إلى أن "المبادرة عبارة عن شبكة غير رسمية من الأكاديميين والباحثين لا تشرف عليها وزارة الخارجية الإيرانية"، وأنها "تلقت تمويلا من حكومة أوروبية وبعض المؤسسات الأوروبية".

وأكد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن أحد زملائه، ويدعى إيلي جيرانمايه، شارك أيضا في المبادرة الإيرانية، فيما قال متحدث باسم المجلس إن حكومة أوروبية لم يسمها تدعم "مبادرة خبراء إيران" لكنه لم يحدد هويته، وشدد على أن مركز الأبحاث يغطي دائما "التكاليف الأساسية" للرحلات البحثية لموظفيه.

وكانت رسائل البريد الإلكتروني التي تناقش موضوع "مبادرة خبراء إيران" جزءًا من مجموعة من آلاف المراسلات التي بعث بها زهراني والتي تقول قناة "إيران إنترناشيونال" إنها حصلت عليها.

وقال الموقع إنه في الـ14 من أيار/ مايو 2014 عُقد مؤتمر انطلاق في فندق "باليه كوبورغ" في فيينا، حيث تعقد المحادثات النووية الدولية، وقد تم إدراج وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، ضمن قائمة الحاضرين، وفقًا لرسالة بالبريد الإلكتروني، بالإضافة إلى أعضاء فريقه المفاوض النووي وثمانية ممثلين من مؤسسات الفكر والرأي الغربية.

وكان الوزير الإيراني يركز خلال المناقشات في فيينا على ترقية أو إنشاء شخصية عامة يمكنها الترويج لوجهات نظر إيران على الساحة الدولية في ما يتعلق بملف إيران النووي، وفقًا لرسائل البريد الإلكتروني.

ويقول التحقيق إن ظريف ذكر على وجه التحديد اسم عدنان طباطبائي، عضو" مبادرة خبراء إيران"، وهو أكاديمي إيراني يحمل الجنسية الألمانية.

وبحسب رسائل البريد الإلكتروني، عرض على ظريف، القيام بنشر مقالات من المجموعة تتعلق بالمحادثات النووية. وقد قبل ظريف الاقتراح وأوصى بنشر هذه المقالات أو المقالات الافتتاحية بأسماء مختلفة لإيرانيين وغير إيرانيين في الخارج، فضلًا عن المسؤولين السابقين.

الاضطرابات الداخلية أثرت بشدة على صورة إيران أمام العالم
الاضطرابات الداخلية أثرت بشدة على صورة إيران أمام العالمرويترز - أرشيف
أخبار ذات صلة
طرد السفير الإسرائيلي من قاعة الأمم المتحدة بعد مهاجمة الرئيس الإيراني ‎

صناع السياسات

ومضت مبادرة خبراء إيران قدمًا في تحقيق أحد الأهداف الأساسية للمبادرة، ألا وهو نشر مقالات الرأي والتحليلات في وسائل إعلام رفيعة المستوى في الولايات المتحدة وأوروبا، واستهداف صناع السياسات على وجه التحديد.

ووفقًا لرسائل البريد الإلكتروني، فقد زارت أريان طباطبائي، المسؤولة الحالية في البنتاغون، وزارة الخارجية الإيرانية مرتين على الأقل قبل حضور الأحداث السياسية.

وكتبت إلى زهراني باللغة الفارسية في الـ27 من حزيران/ يونيو 2014، تقول إنها دُعيت لحضور ورشة عمل حول البرنامج النووي الإيراني في جامعة بن غوريون في إسرائيل.

وبحسب الموقع، قالت له: "أنا لست مهتمة بالذهاب، ولكن بعد ذلك فكرت أنه ربما يكون من الأفضل أن أذهب وأتحدث، بدلا من إسرائيلية مثل إميلي لانداو التي تذهب وتنشر معلومات مضللة، كما أود أن أسأل عن رأيك أيضًا وأرى ما إذا كنت تعتقد أنني يجب أن أقبل الدعوة وأذهب؟".

وأجاب زهراني في اليوم نفسه: "مع أخذ كل الأمور بعين الاعتبار، من الأفضل تجنب زيارة إسرائيل. شكرًا".

وبعد ساعات قليلة أجابت طباطبائي: "شكرًا جزيلًا لك على النصيحة. وسأبقيكم دائمًا على اطلاع بالتقدم المحرز."

أخبار ذات صلة
الولايات المتحدة تصدر عقوبات جديدة ضد إيران

وختم تحقيق "سيمافور" بالقول، إن تغطية أخبار إيران عمومًا تعد حقل ألغام، حيث يخضع الوصول إلى كلّ من الدولة والمسؤولين الإيرانيين لرقابة مشددة، وإن الفرص تأتي مع محاذير خطيرة.

وفيما تدفع طهران بقوة بعملياتها المعلوماتية إلى الخارج، لكنها في بعض الأحيان تحقق نجاحًا، وتفشل في أحيان أخرى، كما حصل بعد القبض على الأكاديمي الإيراني كاوه أفرآسيابي، المقيم في الولايات المتحدة عام 2021، بزعم أنه يعمل عميلًا غير مسجل للنظام الإيراني، حيث تم السماح  له بالعودة إلى طهران كجزء من اتفاق تبادل الأسرى الذي تم التوصل إليه بين إدارة الرئيس بايدن وإيران في وقت سابق من الشهر الحالي.

 المصدر: موقع "سيمافور" الإخباري وقناة "إيران إنترناشيونال"

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com