ملصقات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال احتفال في موسكو
ملصقات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال احتفال في موسكو رويترز

الغرب يتجنب الاعتراف بفوز بوتين وتحديات كبيرة تواجه سيد الكرملين

تتجنب الدول الغربية الاعتراف بفوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية رئاسية جديدة، فيما يواجه الأخير تحديات كبيرة.

وتشابهت ردود الأفعال الغربية، على نتائج الانتخابات الرئاسية في روسيا، التي حقق فيها بوتين، فوزًا ساحقًا، بحصوله على أكثر من 87% من الأصوات. ووصفت العديد من الدول الغربية، الانتخابات بـ"غير النزيهة"، لكنها أقرت بضرورة التواصل مع بوتين.

ويرى خبراء روس أن المواقف الغربية لن تتغير اتجاه روسيا، سواء "أعجبتهم الانتخابات أم لم تعجبهم"، مشيرين إلى أن معالم الولاية الخامسة لبوتين، وآفاق التعاون بين روسيا والغرب، باتت واضحة منذ بدايتها.

فيما يرى آخرون، أن هذه الولاية الرئيسة هي الأكثر حساسية بالنسبة لسيد الكرملين، مع قائمة طويلة من المهام والتحديات سياسية كانت أو اقتصادية أو حتى عسكرية.

أخبار ذات صلة
متفوقًا على ستالين.. بوتين الأطول بقاء في السلطة منذ 200 عام

"انتخابات غير نزيهة"

وتعليقًا على نتائج الانتخابات، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية، سيباستيان فيشر، إنه بعد الانتخابات في روسيا، تعتزم الوزارة خلال توثيقها وبياناتها الحد من استخدام صفة الرئيس الروسي قبل اسم فلاديمير بوتين.

 فيما أكدت نائب الناطق باسم الحكومة الألمانية، كريستيان هوفمان، أن الحكومة الألمانية مستعدة للتواصل مع بوتين، لكنها لن تهنئه بفوزه بالانتخابات الرئاسية.

في المقابل كانت فرنسا والولايات المتحدة أكثر مباشرة بموقفيهما، حيث عدّوا الانتخابات"غير حرة وغير نِزيهة".

يرى الباحث في الشؤون الروسية أوليغ سوباتشكين، أن التصريحات الغربية كانت متوقعة بغض النظر عن "نزاهة الانتخابات".

ويوضح سوباتشكين في حديثه لـ"إرم نيوز" بالقول إن الغرب: "بالتأكيد لن يبارك لبوتين حتى لو كان الغرب راقب الانتخابات وفاز بوتين بها، الأمر ليس له علاقة بالامور الإجرائية للانتخابات، بل بشخص بوتين والدولة الروسية الحالية".

ويستدرك: "لكن الغرب مدرك لحقيقة أن التواصل مع روسيا ورئيسها ضروري وليس اختياريًا، فروسيا ليست دولة صغيرة ضمن الخريطة السياسية العالمية، وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، والتعامل معها مثل أية دولة لا تأتي الانتخابات فيها على مزاج الغرب هو أمر غير ممكن، إطلاقًا".

وعن مستقبل العلاقات مع الغرب ضمن ولاية بوتين الخامسة، يعتقد سوباتشكين أن المستقبل "مرتبط بشكل وثيق بمستقبل الحرب الدائرة في أوكرانيا، وسيحاول الغرب تقسيم العلاقات، بين علاقات تجارية تتم بالخفاء مع روسيا، خاصة في مجال الطاقة والمعادن، وعلاقات سياسية علنية معها، وبالطبع الأهم، الآن، لهذه الدول هو الارتباط التجاري لتفادي الأزمات، أما السياسي فسيبقى على ما هو عليه حتى يجتمع الغرب مع بوتين نفسه على طاولة تفاوض لإنهاء الأزمة بشكل جذري".

تحدٍ اقتصادي

ويرى الخبير الاقتصادي الروسي ألكنسدر ديريابين، بدوره، أن "الأرقام في الانتخابات كانت مهمة، كما ستكون مهمة أيضًا في الاقتصاد الروسي، في ظل الولاية الجديدة لبوتين." 

ويعتقد ديريابين في حديث لـ"إرم نيوز"، أن أهم تحدٍ سيواجهه بوتين هو "التحدي الاقتصادي،  فبدون نصر اقتصادي لن تكون الأمور سلسة في روسيا، ولدينا، اليوم، 13 حزمة عقوبات، والتالية يخطط لها الغرب لفرضها قريبًا، وهذا يتطلب سياسة اقتصادية مدروسة في ظل التغيرات الجارية".

ويتابع الخبير في الشؤون الاقتصادية: "بالتأكيد نجحت السياسية الاقتصادية الروسية في ظل 3 سنوات من الحرب، لكن المتغير هو زيادة الضغوط على حلفاء موسكو الاقتصاديين؛ فالغرب يركز، الآن، على الأسواق البديلة خاصة الصين، ومؤخرًا باتت المعاملات مع بكين أكثر تعقيدًا. ورغم أن العديد من الصفقات تتم بشكل أو بآخر، وبشكل سري أحيانا سواء مع الصين أو غيرها، إلا أن القنوات نفسها والسرية منها باتت أكثر تعقيدًا وصعوبة، ولذلك هذا يشكل تحديًا كبيرًا أمام بوتين، يحتاج لدراسة وسياسة اقتصادية مبتكرة لإتمام كل شيء".

 ويشير ديريابين، إلى أن الاقتصاد الداخلي هو الآخر بحاجة لسياسة خاصة لا تقل "حساسية" عن الخارجية على حد قوله، مضيفًا: "الصناعة المحلية ونظام الاقتصاد المحلي، والاسثمار الداخلي، كله بحاجة لرعاية خاصة، وهناك شركات صغيرة بحاجة لدعم وقوانين جريئة تحصنها من أي عمليات إفلاس، نتيجة انخفاض سعر الروبل، وارتفاع التكلفة، والتضخم، وإذا كانت الشركات الكبيرة تستطيع أن تنقذ نفسها، فالصغيرة منها مهددة، وهذا ينجم عنه ارتفاع بنسبة البطالة، ومشاكل اقتصادية أخرى".

ويعتقد الخبير الروسي أن" الإدارة الروسية التي يقودها بوتين، تضع الخطط وتقوم بعملية تهيئة للظروف التي ستكون حاضرة في الأشهر والسنوات المقبلة"، متوقعًا "أن السياسة الجديدة ستعتمد على رفع كفاءة التصنيع الداخلي، وتقليل الاعتماد على الخارج، هناك إمكانيات، لكن ينقصها الإدارة الصحيحة، وهذا أهم تحدٍ أمام الولاية الخامسة".

عنوان المرحلة

يجتمع خبراء السياسة الروسية في الرأي، بأن المرحلة المقبلة التي سيقودها بوتين 6 سنوات مقبلة ستكون التوجه شرقًا بامتياز؛ إذ يرى الخبير في الشؤون السياسية الروسية سيرغي شفاجريف، أن السياسة التي انتهجتها موسكو قبل أعوام ستستمر خارجيًا، وتحديدًا تغيير الأولويات السياسية في العلاقات مع الخارج.

 ويوضح شفاجريف في حديث لـ"إرم نيوز"، أن السعي إلى "توطيد العلاقات مع الغرب كما كان يحدث حتى العام 2022، ومحاولة تطبيع مفهوم روسيا الغربية، يُعدان عصرًا قد انتهى".

ويضيف: "ما تنتهجه موسكو، اليوم، يعد تغيرًا كبيرًا، فخلال أول عقدين في القرن الحالي، كانت روسيا تتجه غربًا بعلاقاتها، وكانت سوقًا مغرية للشركات الأجنبية، لكن مع بداية التصعيد في أوكرانيا، تغيّر كل شيء وأثبت الانقلاب الغربي، أنه لا جذور للثقة بين روسيا وهذا التكتل، بل كشفت الحرب أن العداء التاريخي لا يمحوه عقد أو عقدان من الزمن، لذلك واجهت روسيا الانقلاب الغربي، بآخر شرقي. وبدأت بمدّ الجذور مع الصين وبقية الدول الآسيوية وكذلك مع الشرق الأوسط والدول الفاعلة فيه كالسعودية والإمارات، على قواعد الثقة المتبادلة والمنافع المنصفة لكل طرف".

وفي السياق، يشير أيضًا الباحث في الشؤون السياسية الروسية إيفان دوبروك، إلى أن "التحالف الروسي الشرقي الذي سعى إليه بوتين وسيستمر بمساعيه، بدأت تظهر معالمه، وهناك حالة انسجام فعلية بين روسيا وعدة دول".

لكنه يؤكد ضرورة، "استغلال الإدارة الروسية لهذا النهج بطريقة لا تجعل أي تطور سياسي يؤثر على هذا التحالف".

ويتابع في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "المهم، الآن، هو تقوية هذه العلاقات بعدة أنظمة عملية، مثلاً مجموعة بريكس، لا بد لها أن تتحول الى أوسع من مجموعة اقتصادية، يجب أن تاخذ طابع الاتحاد، وتشعر كل دولة أن الانضمام له فوائده سواء اقتصادية أو سياسية حقيقة".

وختم دوبروك، بالقول إن" الوصول إلى الشراكة الكاملة بين روسيا والشرق، سيكون مهمة بوتين الأولى في ولايته الجديدة، وهي ليست مهمة سهلة بالتأكيد، لكن المناخ العام والإرادة التي يملكها الكرملين من جهة، والأطراف المقابلة من جهة أخرى، ستسرّع إتمام المهمة".

جبهة مشتعلة

ومن بين الأمور الأساسية التي واجهها بوتين في الفترة الأخيرة من ولايته الرابعة هي الحرب في أوكرانيا، التي ستبقى حاضرة في ولايته الخامسة دون وجود سقف زمني ينهي هذه الحرب، بحسب الخبراء.

أخبار ذات صلة
هل يغير فوز بوتين مسار حرب أوكرانيا انطلاقا من خطابه؟

ويرى الخبير في الشؤون العسكرية فلاديمير مارشينكو، أن "معالم انتهاء الحرب لم تظهر بعد وهذا تحدٍ كبير لروسيا وبوتين في ولايته الرئاسية الجديدة، ولا أحد يستطيع أن ينكر أنه، خلال الأشهر الأخيرة، حققت روسيا إنجازات كبيرة على الجبهة، وانتقلت زمام المبادرة إليها، لكن التقدم في المعارك يشي بأن سنوات الحرب طويلة، وهذا يترتب عليه الكثير من المعطيات: أولها استمرار خطوط الإنتاج العسكري، والتي تحتاج لأموال ضخمة بشكل دائم، كما يحتاج تطويرها أيضا لأموال أكثر، يضاف إلى ذلك تعزيز الجيش بشكل دائم بمقاتلين مدربين وهذا عنصر بشري يحتاج لمقومات ودعم مالي".

ويتابع مارشينكو: "يمكن بقراءة الوضع العسكري السياسي أن نرى أن موسكو تراهن على انهيار الجبهة الأوكرانية نتيجة تخلّي الغرب عن دعمها، وهذا بات واضحًأ وجليًا على الجبهة، ويقود بوتين المعارك وهو واثق من أن الجيش الروسي قادر على تحقيق الأهداف، فالتراجع هنا هزيمة، والاستمرار مكلف في الوقت نفسه، هذه المعادلة صعبة ويميل الروس العاديين من وجهة نظري إلى كفة الاستمرار، وهذا ما عبروا عنه بالانتخابات التي فاز بها بوتين، فالتراجع يعني هزيمة، والهزيمة ثمنها سيكون أكبر بكثير من أي حرب حتى لو دخلت في نفق حرب الاستنزاف".

وخلص للقول إنه: "لا شك أن الولاية الخامسة ستكون تاريخية لبوتين، فكما بدأها بنصر انتخابي حاسم، سيسعى إلى نصر عسكري حاسم، وهو ما سيستطيع تحقيقه من وجهة نظري".

أخبار ذات صلة
خبير روسي: "نصر بوتين" يمهد لبناء نظام عالمي جديد

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com