مبنى البرلمان الأوروبي
مبنى البرلمان الأوروبيرويترز

وسط صعود اليمين المتطرف.. انتخابات البرلمان الأوروبي تنذر بتفكك "القارة العجوز"

تضع انتخابات البرلمان الأوروبي المرتقبة في يونيو المقبل مصير الاتحاد الأوروبي على المحك، مع انحسار ثقة الرأي العام الأوروبي في هذه المؤسسة، ومخاوف من سطوة اليمين المتطرف عليها.

وقبل أسابيع قليلة من إجراء انتخابات البرلمان الأوروبي (من 6 إلى 9 يونيو 2024) تتصاعد مؤشرات نفور المزاج العام الأوروبي من الاتحاد الأوروبي كهيكل جامع لدول ذات مصير مشترك وسياسات موحدة، وتسجل استطلاعات الرأي تراجعا لافتا لثقة الأوروبيين في الاتحاد.

وفي أحدث استطلاع للرأي نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، اليوم الخميس، يعبر غالبية الفرنسيين عن "مشاعر سلبية" تجاه أوروبا، ويقول 46 % من المستجوبين إنهم "قلقون"، ويذهب 13 % إلى التعبير عن حالة الغضب، فيما لم تتجاوز نسبة من عبروا عن الثقة الرُبع.

قلق وغموض

ووفق الاستطلاع، فإنّ مشاعر "القلق" تتسع أكثر بين مؤيدي اليمين واليمين المتطرف (53 %)، كما أن مشاعر القلق تغلب على الإحساس بالثقة، حتى بين الفرنسيين الذين يقولون إنهم "فخورون" بانتمائهم إلى الاتحاد الأوروبي.

وقبل أيام كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "فيافويس"، لصالح عدد من وسائل الإعلام الفرنسية، أن الفرنسيين "يفتقرون إلى المعلومات الأولية بشأن الانتخابات الأوروبية ودور البرلمان الأوروبي"، ما يفاقم من حالة التشاؤم وقلة وعيهم بالمؤسسات الأوروبية، وآلية عملها، ودورها القانوني.

ويبدو الفرنسيون منقسمين تماما بنسب متقاربة بين من يقولون إنهم مهتمون بالانتخابات الأوروبية (49 %)، ومن يقولون عكس ذلك (48 %)، لكن نسبة مرتفعة تقرب من 80 % منهم تُجمع على "جهلهم" بطبيعة مهام البرلمان الأوروبي ودوره التشريعي، ويقول هؤلاء إنه لا علم لهم على الإطلاق أو لديهم معلومات غامضة وشحيحة عن هذه الهيئة الأوروبية.

أخبار ذات صلة
استطلاعات: اليمين المتطرف يتجه لتعزيز موقعه في البرلمان الأوروبي

وفي ألمانيا، العضو الأكثر وزنا في الاتحاد الأوروبي، يبدو المزاج العام أيضا متجها إلى عدم المبالاة بهذه المحطة الانتخابية، وترافق ذلك مع هجمات استهدفت السياسيين والمرشحين للانتخابات الأوروبية المرتقبة، ما دفع المستشار الألماني أولاف شولتس، اليوم، إلى حث الألمان على التصويت بكثافة في هذا الاستحقاق.

ويُضاف إلى هذا المناخ المتوتر الصعود اللافت للخطاب الشعبوي ولليمين المتطرف في أكثر من دولة أوروبية معنية بهذه الانتخابات، بما في ذلك في الأقطاب الثلاثة الكبرى: ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا.

وتؤكد استطلاعات الرأي وتوقعات المراقبين أن حزب البديل من أجل ألمانيا (اليميني المتطرف) سيحتل المركز الثاني في انتخابات البرلمان الأوروبي المرتقبة، وينسحب الأمر ذاته على إيطاليا، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "يورونيوز" أواخر أبريل الماضي، أنّ حزب "إخوة إيطاليا" اليميني الذي تتزعمه رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني سيفوز بأكبر عدد من الأصوات في هذه الانتخابات.

وفي فرنسا، أظهر أحدث استطلاع لشركة "إبسوس" أن حزب التجمع الوطني، اليميني المتطرف، سيفوز بنسبة 32 % من الأصوات.

اجتياح اليمين المتطرف

وتؤكد تقارير أنّ اليمين المتطرف والمحافظين المتشددين يتصدرون استطلاعات الرأي في فرنسا، وإيطاليا، وهولندا، وبلجيكا، وهي أربع من أبرز الدول التي تمول الاتحاد الأوروبي، مع صعود منتظر لحزب "التجمع الوطني" الفرنسي برئاسة مارين لوبان، وحزب "أخوة إيطاليا" بزعامة جورجيا ميلوني، و"حزب الحرية" بزعامة فيلدرز في هولندا، وحزب "فلامس بيلانغ" في بلجيكا.

وتوقع تقرير صدر عن فريق التفكير التابع للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن يتصدر "الشعبويون" نتائج الاقتراع في 9 دول على الأقل، هي النمسا، وبلجيكا، والتشيك، وفرنسا، والمجر، وإيطاليا، وهولندا، وبولندا، وسلوفاكيا، مع احتمال تقدمهم في دول أخرى من بينها ألمانيا، والبرتغال، ورومانيا، وإسبانيا، والسويد، وفنلندا، وإستونيا، ولاتفيا.

ومن المنتظر أن يؤثر هذا الصعود المرتقب على السياسات العامة لهذه الحكومات وتوجهاتها ومواقفها من القضايا الإقليمية الكبرى، ومنها الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية، ومن خطط مكافحة التغير المناخي، والقضايا البيئية، وغيرها.

أخبار ذات صلة
"خيانة لقيم الاتحاد".. البرلمان الأوروبي يقر تعديلات متشددة إزاء اللجوء

ويثير انعطاف المشهد السياسي الأوروبي نحو "اليمين الشعبوي" قلق طائفة واسعة من السياسيين والمراقبين في أوروبا.

ويُشير مصطلح اليمين الشعبوي" إلى مجموعة من الأحزاب والحركات السياسية التي تتبنى مواقف قومية متشددة، وتُعادي العولمة والتعددية الثقافية، وتُؤكّد أهمية الهوية الوطنية والسيادة الشعبية، ما يُضعف مؤسسة الاتحاد الأوروبي كهيكل جامع للأعضاء الـ 27.

ويقول متابعون إنّ صعود اليمين الشعبوي في أوروبا يعود إلى جملة من العوامل، منها الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2008 حيث أدت إلى تفاقم مشاعر عدم الرضا والغضب الشعبي في العديد من الدول الأوروبية، إضافة إلى موجات الهجرة المتزايدة نحو أوروبا، والتي أدّت إلى تنامي مشاعر القلق والخوف لدى قطاعات من المجتمع الأوروبي، وهو ما استغله اليمين الشعبوي للترويج لخطاب معادٍ للمهاجرين.

لكن الأحزاب اليمينية الشعبوية تواجه خلافات حول قضايا متعددة، مثل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وتبدو بعض الأحزاب، مثل حزب الحرية النمساوي، متشككة بشكل كبير في الاتحاد الأوروبي وتدافع عن سيادة الدول الأعضاء بشكل مطلق، بينما تدعم أحزاب أخرى، مثل "حزب الشعب الأوروبي"، الاتحاد بشكل عام مع سعيها إلى إصلاحه من الداخل.

وسيكون البرلمان الأوروبي المنتظر انتخابه الشهر القادم ذا تركيبة غير منسجمة، ومن المنتظر أن يشهد عواصف داخلية تعكس هذا المنحى إلى تغليب النزعة القومية على حساب التوجه نحو تأصيل الاتحاد الذي يواجه مطبات كثيرة في طريق توسيع تركيبته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com