نيكول باشينيان
نيكول باشينيانرويترز

بعيدًا عن روسيا.. أرمينيا تبحث عن ضمان أمنها في الفلك الأوروبي

اتخذت أرمينيا في الأشهر القليلة الماضية إجراءات جديدة للنأي بنفسها عن روسيا وتقليص التعاون العسكري مع موسكو، وفق ما ذكر تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية بالنسخة الفارسية "بي بي سي".

وقال التقرير إن السلطات الأرمينية تعرب عن رغبتها في أن تصبح بلادها عضوًا في الاتحاد الأوروبي وأن تكون لها علاقة أوثق مع حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وتدهورت العلاقة بين يريفان وموسكو بعد رفض منظمة معاهدة الأمن الجماعي وروسيا تقديم الدعم الكامل لأرمينيا خلال الحرب الدموية، التي خاضتها البلاد مع جمهورية أذربيجان في شهر أيلول/سبتمبر من عام 2022.

وأدت السيطرة الكاملة على منطقة "ناغورنو كاراباخ" الأرمنية في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، من قبل أذربيجان إلى جعل العلاقة بين أرمينيا وروسيا أكثر توتراً.

أخبار ذات صلة
محللون: مساعي أرمينيا للاستغناء عن روسيا تصطدم بغياب البدائل

عضوية الاتحاد الأوروبي

وأعرب المسؤولون الأرمن، في الأشهر الأخيرة، عن رغبتهم في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه أعلنوا أن البلاد قد تنسحب من المعاهدة العسكرية، التي تقودها موسكو.

وصرح وزير الخارجية الأرمني أرارات ميرزويان للتلفزيون الرسمي التركي في أوائل شهر مارس/آذار الجاري، أن يريفان تدرس التقدم بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.

وقال رئيس البرلمان آلان سيمونيان أيضًا إن البلاد يجب أن تفكر في أن تصبح مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، لأن بلاده "في وضع أفضل بكثير فيما يتعلق بالمؤشرات الديمقراطية مقارنة بالعديد من شركائنا الذين هم بالفعل أعضاء في الاتحاد الأوروبي".

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يمكنه ضمان أمن أرمينيا بشكل أفضل من روسيا.

وذكر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان أن حكومته "تريد مواصلة الجهود لتعميق وتطوير" العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن القرار بشأن عضوية بلاده المحتملة في الاتحاد الأوروبي، وكذلك العضوية الحالية في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي يتركز في موسكو، سيتم طرحه للاستفتاء.

وأبلغ باشينيان أمين عام حلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، الذي زار يريفان الأسبوع الماضي: "نريد تعميق التعاون مع الناتو، وآمل أن يتم تنفيذ البرنامج، الذي تم إعداده فقط لتلبية احتياجات أرمينيا، في أقرب وقت ممكن".

وأضاف: "أنتم تعلمون أننا نجري حاليا إصلاحات واسعة النطاق، وآمل أن يكون هذا البرنامج مفيدا لاحتياجاتنا الخارجية أيضا"، مشيراً إلى أن "تعاون أرمينيا مع الناتو لا ينبغي أن يشكل مصدر قلق لدول المنطقة"، لكنه لم يذكر روسيا.

وأشار باشينيان إلى أن "علاقاتنا الخاصة مع جورجيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية مهمة للغاية، ولا ينبغي أن يستهدف تعاوننا هذه المنطقة".

وبحسب "بي بي سي"، فإن أرمينيا زادت تعاونها العسكري مع فرنسا، وبعد الاتفاقية العسكرية الأولى بين البلدين في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكدت يريفان وباريس أيضًا رغبتهما في توسيع العلاقات العسكرية في شهر فبراير/شباط الماضي.

وأردفت: "لم يعد يعتبر الشعب الأرمني روسيا حليفته وضامنة لأمنه، ووفقاً لاستطلاع جديد للرأي، صنف الأرمن روسيا في المرتبة الخامسة بين الدول التي يعتبرونها شريكاً سياسياً مهماً - بعد فرنسا والولايات المتحدة وإيران والاتحاد الأوروبي".

وأشارت إلى أن فرنسا وإيران والولايات المتحدة تعتبر شركاء أمنيين أكثر أهمية من روسيا بين الشعب الأرميني، بينما كانت مكانة روسيا كشريك اقتصادي أفضل، وكانت تحتل المرتبة الثانية بعد إيران.

من ناحية أخرى، أعلن مركز أبحاث تطوير العلاقات الروسية، وهو مؤسسة بحثية مؤيدة للكرملين، في تقريره الأخير أن تصنيف الصداقة مع أرمينيا انخفض من 46 إلى 58.

أخبار ذات صلة
بعثة أوروبية بحصانة وامتيازات في أرمينيا.. نُذر "طلاق" بين موسكو ويريفان؟

تداعيات الابتعاد

وفي الوقت نفسه الذي يحاول فيه إقامة علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو"، أشار زعماء أرمينيا أيضاً إلى استعداد البلاد للانسحاب من منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

وخلال رحلته إلى باريس في شهر فبراير/شباط الماضي، قال باشينيان لقناة "فرانس 24" التلفزيونية، إن يريفان "علقت فعليا" مشاركتها في الاتفاقية، لافتًا إلى أن "هذا الاتفاق العسكري ينتهك التزاماته بأمن أرمينيا".

وأشار إلى أن يريفان "ليس لديها سبب" لإثارة مسألة وجود القاعدة العسكرية الروسية في أرمينيا.

وفي منتصف شهر مارس/آذار الجاري، ذكر باشينيان إن بلاده قد تنسحب من معاهدة الأمن الجماعي إذا فشلت في معالجة المخاوف الأمنية لأرمينيا.

وطلبت أرمينيا من روسيا هذا الشهر إزالة حرس حدودها من مطار يريفان الدولي، وتقول يريفان إن "وكلاء الحدود التابعين لها يمكنهم تقديم الخدمات الحدودية اللازمة في المطار وحدهم".

ووفق التقرير، فقد تمركز حرس الحدود الروسي في مطار زفارتنوتس منذ أوائل التسعينيات، وكذلك على طول حدود البلاد مع تركيا وإيران، وهو القرار الذي يشير إلى العلاقات العسكرية الوثيقة بين البلدين في الماضي، وبموجب اتفاق عام 1995، ستبقى القاعدة العسكرية الروسية في أرمينيا حتى عام 2044.

وقال باشينيان أيضًا في شهر فبراير/شباط الماضي، إن "أرمينيا ليست حليفة روسيا" في حرب أوكرانيا.

تميل إلى أوروبا

واتهمت روسيا الغرب "بالميل إلى تحويل أرمينيا إلى أداة ضد روسيا"، وحذرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من أن يريفان قد تسبب "ضررا لا يمكن إصلاحه" للعلاقات بين البلدين و"خطراً جسيماً" على استقلال البلاد وأمنها.

وفي شهر مارس/آذار الماضي، اتهمت زاخاروفا أيضًا مكتب الاتحاد الأوروبي في يريفان بـ "التجسس" على روسيا وإيران وجمهورية أذربيجان، مضيفة أن "مثل هذه الأنشطة التدميرية ستؤدي إلى زيادة التوتر في المنطقة، وقد تكون لها عواقب لا رجعة فيها".

وحذّر وزير الخارجية سيرغي لافروف من أن "القرار الواعي"، الذي اتخذته أرمينيا بتهدئة العلاقات مع موسكو قد يدفع روسيا إلى إعادة النظر في علاقاتها مع البلاد.

وردّدت وسائل الإعلام الموالية للكرملين الروايات الرسمية عقب زيارة السيد ستولتنبرغ إلى يريفان.

أخبار ذات صلة
أتال: روسيا تريد معاقبة أرمينيا

عواقب مُحتملة

وتحذّر المعارضة والمحللون في أرمينيا من أن الابتعاد عن موسكو قد يكون له عواقب وخيمة على البلاد، حيث لا يزال الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على روسيا.

ووفقاً لبيانات الحكومة الأرمينية، فإن ثلث التجارة الخارجية للبلاد كانت مع روسيا بين شهري يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2023، ونمت المعاملات المالية الثنائية بنسبة 40% إلى 6.3 مليار دولار.

وقالت وكالة "فيتش"، للتصنيف الائتماني، في وقت سابق من العام الجاري، إن "اقتصاد أرمينيا يعتمد بشكل كبير على التجارة والطاقة الروسية، ولا نتوقع أن نرى تنويعًا اقتصاديًا بعيدًا عن روسيا على المدى القريب".

وأضافت الوكالة أن "صادرات السلع إلى روسيا نمت بنسبة 300 بالمئة منذ عام 2021، ومن يناير إلى أكتوبر 2023، كانت روسيا وجهة 51 بالمئة من صادرات أرمينيا ومصدر 30 بالمئة من واردات البلاد".

مهمة صعبة للغاية

وذكرت صحيفة "هاراباراك"، أن الفصيل البرلماني للحزب الحاكم وأرمين غريغوريان، أمين مجلس الأمن الأرميني، تبادلا وجهات النظر حول العواقب المحتملة للحصول على منصب مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي.

وقالت الصحيفة إن أحد نواب وزير الاقتصاد قدم للممثلين تقريراً موسعاً عن الاعتماد الاقتصادي على روسيا.

وقال المعلق السياسي ألكسندر إسكندريان إن روسيا قد تغلق معبر لاريس الحدودي أمام الشحنات الأرمينية، أو تشكك في جودة البضائع المستوردة من أرمينيا.

من جانبه، قال المحلل السياسي أرجيشتي كيفريان، قد تنتقم روسيا من خلال رفع سعر الغاز المصدر إلى أرمينيا، أو طرد العمال المهاجرين الأرمن، أو إصدار أوامر لقواتها بمغادرة الشريط الحدودي لأرمينيا مع أذربيجان وتركيا.

وقال وزير المالية السابق فاردان أراميان إن إيجاد بديل للعلاقات الاقتصادية الوثيقة مع روسيا سيكون مهمة صعبة للغاية.

وحذّر الخبير السياسي أرمان خوكاسيان من أن ما يسميه البعض بعدم القدرة التنافسية للسلع الأرمنية يعني أن الأسواق الأوروبية لا يمكن أن تكون بديلاً عن السوق الروسية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com