الساحات الأوروبية باتت تعج بالعاطلين
الساحات الأوروبية باتت تعج بالعاطلينمتداولة

بطالة وإقصاء وصعوبات اقتصادية.. عوامل تكدر العيش في أوروبا (فيديو إرم)

تتحول دول القارة الأوروبية شيئاً فشيئاً إلى دول طاردة للمهاجرين، نظراً للعوامل الاقتصادية، وتدني فرص العمل، وارتفاع نسب البطالة، وتداعيات جائحة "كورونا"، والحرب الروسية الأوكرانية؛ ما خلًف وضعاً اقتصادياً غير ملائم.

ويمثل العديد من دول قارة أوروبا، حلماً يراود الكثيرين في شتى أنحاء العالم، لاعتبارات تتعلق بالعيش المناسب، في ظل ما تتسلح به دول في القارة من اقتصاد قوي، جعلها جاذبة على مدار عقود للمهاجرين.

إرم نيوز

وهنا يمكن التركيز على أصحاب الكفاءات منهم، الذين لم يحصلوا على فرصهم في بلدانهم، فضلاً عن ما كان يتوفر بها من فرص عمل ومزايا في الحياة التي لا تحمل مخاطر أو تهديدات.

لكن عوامل الجذب بدأت تتراجع بشكل تدريجي، في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وما ترتب عنها من آثار اقتصادية وانعكاس على توفر فرص العمل، وارتفاع نسب البطالة في العديد من الدول الأوروبية.

عوامل اقتصادية

ويرى مراقبون، أن صعود تيارات اليمين أيضاً، بات يهدد الجاليات الأجنبية والمقيمين في الحصول على فرص العمل الجيدة، والتعايش الآمن اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.

يضاف إلى ذلك ما يرصده بعض أصحاب الكفاءات، سواء كانوا مقيمين قادمين من خارج أوروبا، أو من أبناء دول القارة العجوز، بأن هناك دولاً أخرى في جنوب شرق آسيا والخليج وصولاً إلى استراليا، هي بمثابة أرضية مؤهلة تتسع لطموحاتهم وأفكارهم وأيضاً كفاءاتهم وأعمالهم؛ لما اكتسبوه من تعليم وتأهيل مهني جيد في معاهد وجامعات وأيضاً شركات ومؤسسات في أوروبا.

ويقول المختص في شؤون الهجرة في باريس، سعيد يوسف، "إن ما يتردد عن أن أوروبا أصبحت غير جاذبة للهجرة بل طاردة يتعلق بأمرين، الأول أن هناك كفاءات ومتخصصين وأصحاب مشاريع وابتكارات، يتجهون إلى آسيا ودول خليجية؛ لأن فرص النجاح والمناخ المؤهل لتطوير أعمالهم بات أخيراً أكبر من استمرار وجودهم بالدول الأوروبية".

ويضيف: "وهناك أصحاب أعمال وكفاءات من خارج أوروبا من دول عربية وآسيوية وأفريقية ولاتينية، يستهدفون حالياً دولاً أخرى غير أوروبية، على عكس ما كان في عقود ماضية، وهذه الدول توفر لهم مزايا وتعتبر ذات مجالات مفتوحة تتعلق بأعمالهم ومشروعاتهم، في جنوب شرق آسيا، ودول خليجية، ونيوزيلندا، وأستراليا".

وأوضح يوسف أن "الأمر الثاني هو أن أوروبا تسير في طريق القارة "غير الجاذبة" للهجرة، مع ارتفاع الضرائب بشكل مبالغ فيه، وعدم تقديم أي مزايا بخصوص هذا الملف لأصحاب المشاريع ورواد الأعمال، إضافة إلى بعض الأمور الاجتماعية المتعلقة بصعود اليمين، الذي يعلن رفضه لوجود الأجانب بهذا الشكل".

بيئة طاردة

ومن برشلونة، أكد الباحث في الشؤون الأوروبية هشام الصدر، أن "بروز مشاكل وأزمات تتعلق بالأوضاع الاقتصادية، وإتاحة فرص العمل كان من أهم العوامل التي تدفع أوروبا إلى أن تكون طاردة وليست جاذبة للهجرة، نتيجة لبعض المتغيرات خلال السنوات الأخيرة".

وأردف: "منها ما ترتب عن انتشار الأوبئة، وفي صدارة ذلك أزمة كورونا التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الأوروبي، فضلاً عن ملف الحرب الروسية الأوكرانية، وهي أمور لها التأثير الأكبر على أوروبا اقتصادياً ومعيشياً.

وأشار الصدر إلى أن "هناك ارتفاعاً كبيراً لنسب التضخم والبطالة، التي تؤثر بشكل كبير على جاذبية أوروبا للمهاجرين في الوقت الحالي"، لافتاً إلى أن "الكثير من السكان الأصليين للدول الأوروبية لا يجدون فرص عمل مناسبة، وبالتالي لا توجد فرص العمل المثالية والجاذبة للأجانب، مع كثرة ارتباطاتهم والتزاماتهم"، وفق تأكيده.

وتابع: "من يريد أن يهاجر، فهو يرغب في تحقيق عوائد مالية مناسبة توفر له الحياة التي يطمح فيها، بينما باتت فرص العمل المناسبة صعبة للغاية"، بحسب قوله.

وتؤكد تقارير ودراسات حديثة هذا المنحى الذي يتبعه كثير من المهاجرين من أصول عربية وأفريقية للعودة إلى موطنهم الأصلي بسبب عدم ملاءمة الظروف الاقتصادية والاجتماعية في دول المهجر مع ما كانوا ينتظرون.

وعلقت المحللة السياسية د. جيهان جادو، من باريس، على ذلك قائلة: "المنطقة الأوروبية أصبحت قارة طاردة للمهاجرين لعدة أسباب أهمها: غلاء المعيشة، والحياة الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى مشكلات البطالة، ونقص العمالة في بعض المهن ولا سيما في الدول الكبرى في أوروبا مثل فرنسا وألمانيا."

وأكد أستاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي د. عبد المسيح الشامي، من برلين، أن "أوروبا لم تعد تلك البيئة الحاضنة للمهاجرين وهذه حقيقة، والتحول يعود إلى سببين أساسيين أولهما الوضع الاقتصادي الناجم عن الحرب في أوكرانيا؛ ما تسبب في تردّ كبير جداً للوضع الاقتصادي في أوروبا التي دخلت في أزمات متراكمة، ولم تعد قادرة على تحمل عبء اللاجئين، وخلق بيئة غير جاذبة للمهاجرين".

وأضاف أن "العامل الثاني يتمثل في موجات اللجوء التي جاءت في السنوات الأخيرة وكان لها تأثير كبير على المزاج الأوروبي، بسبب وجود عدد كبير من المتطرفين الذين حملتهم هذه الموجات، وكانت لها أجندات خطيرة؛ ما خلق حالة رفض لدى الأوروبيين لدواع أمنية"، وفق قوله.

وفي سياق متصل، يوضح أستاذ القانون الدولي د.مجيد بودن، أن "اليمين المتطرف في أوروبا، يريد أن يستغل ملف الهجرة، لتأجيج الكراهية والتحكم في السلطة".

وأشار بودن إلى أن "الحكومات الأوروبية من اليمين الى اليسار تعرقل وتضع صعوبات للهجرة، لتتمكن من الوصول للسلطة؛ إذ يعتبر هذا الملف بمثابة الطريق المهم للوصول إلى الحكم في الوقت الحالي".

وأكد الخبير القانوني أن "أوروبا الآن محكومة بتيارات اليمين والوسط المعتدل؛ ما أدى إلى مصادقة البرلمان الأوروبي على قانون الهجرة الذي يضع شروطا جديدة"، وفق قوله.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com