عناصر من جيش النيجر
عناصر من جيش النيجرأ ف ب

العطب المُزمن.. لماذا تتوالى انقلابات العسكر في إفريقيا؟

حين يقع انقلاب عسكري في بلد إفريقي، فهو يحظى حتما بتغطية إعلامية واسعة، وترافقه التحليلات بإسهاب، لكن عنصر المفاجأة في الأمر يظل محدودا، لأن القارة السمراء، ألفت هذه المحطات من الصراع حول السلطة؛ سواء بين المؤسسات المدنية من جهة والجيش من جهة أخرى، أو بين رؤوس المؤسسة العسكرية أنفسهم.

وفي أحدث انقلاب عسكري بإفريقيا، شهدت النيجر، خلال اليومين الأخيرين، انقلاب الحرس الرئاسي على الرئيس، محمد بازوم، ثم أذعنت قوات الجيش للأمر الواقع، وسط اضطراب وفوضى في العاصمة نيامي.

وتشير أرقام منشورة في موقع جامعة "كنتاكي" الأمريكية، إلى أن العالم شهد 486 انقلابا أو محاولة انقلاب بين سنتي 1950 و2022؛ أغلبها في القارة السمراء (214).

وإزاء توالي الانقلابات، تثار الأسئلة حول السبب الذي يجعل دول القارة، تستأثر بـ"حصة الأسد"، في الانقلابات الحاصلة في العالم.

أول تلك الأسباب؛ "هشاشة الدولة"؛ لأن أغلب الدول التي تتوالى فيها الانقلابات، لا تنعم باستقرار مؤسساتي، وربما تندرج ضمن الدول التي توصف بـ"الفاشلة" حيث لا توجد سلطة مركزية قادرة على الإمساك بزمام الأمور والتحكم في مجريات الأوضاع، داخل حدودها.

موازاة مع هشاشة الدولة، يزداد احتمال الانقلابات، عند بروز ميليشيات وقوات موازية للجيوش النظامية، لا سيما أن المؤسسات العسكرية في الكثير من الدول الإفريقة، تشكلت ونظمت صفوفها "على عجل" في مرحلة ما بعد الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي، في نطاق ما عرف بـ"تصفية الاستعمار".

وحيال هذا المشهد، يلوح عامل ثان هو الدور الأجنبي، حيث تقول أصوات إفريقية، إن الدول العظمى، ولا سيما قوى الاستعمار السابقة مثل فرنسا في منطقة غرب إفريقيا، لم تكن بريئة من انقلابات كثيرة حصلت في القارة، من أجل ضمان استمرار مصالح اقتصادية وجيوستراتيجية مرسومة بعناية.

وقبل نهاية الحرب الباردة في سنة 1991، كانت الانقلابات محكومة أيضا بمجريات الصراع بين المنظومتين الغربية والشرقية، حيث يقال إن كل واحدة منهما، كانت تدعم ما يطيح الأنظمة الموالية لخصومها، فتحولت بلدان إفريقية إلى أطراف في صراع "لا ناقة لها فيه ولا جمل".

أما العنصر الثالث، فهو أزمة التنمية، وغرق دول كثيرة إفريقية، في دوامة الفقر والحرمان، بينما تغيب طبقة متوسطة قادرة على إخضاع النخب الحاكمة، للمحاسبة وضمان التمثيل السياسي، في حين يأتي قادة عسكريون على ظهر الدبابة، واحدا تلو الآخر، لأجل تقديم وعود بالقضاء على الفساد، واجتثاث الإرث القديم، ثم يتكرر السيناريو بعد حين.

وينضاف الموقف الدولي "المتردد" إلى الأزمة، حيث تضطر الدول في الغالب إلى الخضوع للأمر الواقع والتعامل مع السلطات الجديدة التي تستولي على الحكم في دولة من الدول، رغم التنديد الأولي، من باب الواقعية المفروضة في العلاقات الدولية.

وتضطر دول كثيرة إلى إعادة العلاقات والسفراء، في ظل تأثير العقوبات بشكل مباشر على فئات الشعب الفقيرة، عوض النخب التي توصف بالمترفة في الدول المضطربة، وهذا الأمر يرجح أن يكون بمثابة عامل يبث الطمأنينة لدى من يرتبون الانقلابات العسكرية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com