الحروب وويلاتها تُغذي عودة مفهوم الاستعمار

ألقت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء في تقرير لها على عودة مفهوم "الاستعمار والمستعمر" للظهور مجددًا، بعد مرور أكثر من نصف قرن على انقراضه، وذلك بالتزامن مع اندلاع عدة حروب في المنطقة، أهمها الحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة.

وبحسب التقرير، عادت حالة الجدل حول الاستعمار وإرثه المستمر، للظهور بالتزامن مع اندلاع الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط وارتباطها بأشكال الهيمنة والتحيز، سواء في مجالات الطبقة أو العِرق أو الجنس أو الدين.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الشهر الماضي، عندما قال: "إننا نشهد غرائز استعمارية جديدة في الغرب، هناك رغبة في مواصلة العيش على حساب الآخرين، كما اعتادوا فعله منذ أكثر من 500 عام".

كما لفت التقرير إلى ما أسماه عنصرا جديدا ملفتا للنظر في الجولة الحالية من إراقة الدماء الإسرائيلية الفلسطينية في الشرق الأوسط، بصرف النظر عن حجم القتل، تمثل في الطريقة التي أدان بها المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين، إسرائيل، مستعملين وصف "الاستعمارية الاستيطانية".

وأكدت "نيويورك تايمز" أن هذا الطرح لم يتكرر بهذه القوة سابقًا، حتى في حرب إسرائيل على غزة عام 2014.

ونقل التقرير عن جيفري ألكسندر، أستاذ علم الاجتماع في جامعة ييل قوله: "تحتاج الحروب والحركات الاجتماعية إلى الارتباط بالمجازات الثقافية السائدة، وأصبح الاستعمار هو المصطلح المفضل لوصف الحالة".

وأضاف ألكسندر: "إن وسم إسرائيل بهذا المصطلح يُعتبر فعّالا؛ لأنه يربط اليهود بالمستعمرين الأوروبيين البيض الذين قتلوا ملايين العرب والمسلمين".

وذكرت "نيويورك تايمز": "هناك أمر واحد يبدو واضحا حول الاستعمار الإسرائيلي المزعوم الذي ترسخ  في أذهان الناس، إذ أصبح النضال الوطني الفلسطيني قضية العدالة التي يطالب بها المحرومون في جميع أنحاء العالم".

وقال التقرير: "في الوقت نفسه، أصبح سعي اليهود لإيجاد ملجأ في وطن قومي باعتباره الحل الوحيد، لكونهم منبوذين إلى الأبد، معركة لإثبات أن إسرائيل، بعيداً عن كونها استعمارية، هي أمة متنوعة تشكلت إلى حد كبير من خلال تجمع المضطهدين".

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن الصراع بين الشرق والغرب، وحتى بين الشمال والجنوب، كان نواة الاستعمار وشرارته الأولى على مر الزمن، والتي سمحت لبعض القوى العالمية بانتهاك سيادة وخيرات الدول وحتى استغلال مواردها البشرية.

واختتمت الصحيفة التقرير بالقول: "بغض النّظر عن التسميات المختلفة التي قد تُعطى لمفهوم الاستعمار لتبريره، إلا أنه يبقى ذاك الاستعمار الذي عانى العالم من ويلاته لقرون طويلة ولم تلتئم جراحه، وطالما لم تتم معالجة عواقب الاستعمار بشكل كامل، سيستمر النضال الإنساني العالمي من أجل الكرامة".

المصدر: صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية