لغة المصالح تنهي سنوات القطيعة الإسرائيلية – التركية في 2016
لغة المصالح تنهي سنوات القطيعة الإسرائيلية – التركية في 2016لغة المصالح تنهي سنوات القطيعة الإسرائيلية – التركية في 2016

لغة المصالح تنهي سنوات القطيعة الإسرائيلية – التركية في 2016

شهد عام 2016 زخما كبيرا على صعيد العلاقات التركية – الإسرائيلية، انتهى بالتوقيع على اتفاق المصالحة الذي وضع حدا لست سنوات من القطيعة التي بدأت عام 2010.

 وتوترت العلاقات بين البلدين إثر واقعة سيطرة البحرية الإسرائيلية على سفن "أسطول الحرية"، وما شهدته تلك الواقعة من مقتل 10 نشطاء أتراك قضوا على متن السفينة الشهيرة "مافي مرمرة".

وواجه الاتفاق الإسرائيلي - التركي هذا العام اختبارين حقيقيين، أظهرا أنه قابل للتماسك والبقاء، على الرغم من أن ترجمته إلى واقع عملي مازالت خطوة لم تر  النور.

 وتمثل الاختبار الأول في ردة الفعل الإسرائيلية إزاء الانقلاب العسكري الفاشل في 5 تموز/ يوليو 2016، وردة الفعل التركية إزاء عمليات عسكرية غير مسبوقة ضد حماس في قطاع غزة في آب/ أغسطس.

وفيما يلي التسلل الزمني منذ الحديث عن الاتفاق وصولا إلى ترجمة بعض بنوده إلى واقع عملي:

 بايدن يتحرك من وراء الكواليس

منذ كانون الثاني/ يناير 2016، لم تتوقف التسريبات بشأن دور يلعبه نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، ضمن محاولات للوساطة بين تل أبيب وأنقرة، بهدف التوصل إلى اتفاق، من شأنه أن يضع نهاية لشهور طويلة من التصريحات المتبادلة بين الجانبين، بشأن إمكانية تطبيع العلاقات، دون  إحراز نتائج على الأرض.

وقامت وجهة النظر الأمريكية على أن التقارب التركي - الإسرائيلي يخلق توازنا أمام محور إيران، سوريا، حزب الله، فضلا عن دفعه باتجاه الاستغلال الأمثل لحقول الغاز الطبيعي الإسرائيلي، حيث تعتقد واشنطن أن تحول تركيا لمعبر للغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، يعني منح الأوروبيين مصدر جديد للطاقة، يرفع ضغوط الاحتكار الروسي.

بوادر المصالحة

لم تنتظر أنقرة التوقيع على المصالحة مع إسرائيل، وبدأت في استئناف علاقاتها العسكرية معها، حيث أكدت تقارير في آذار/ مارس 2016 أن الجيش التركي لديه رغبة في التزود بأسلحة ومعدات عسكرية إسرائيلية، كاشفة أن وزير الدفاع التركي كلف مندوبا خاصا، بزيارة إسرائيل، وأن الأخير توجه عبر وسطاء لوزارة الدفاع الإسرائيلية في هذا الصدد.

واستمرت الأنباء عن تقدم المفاوضات التركية الإسرائيلية، وفي مطلع حزيران/ يونيو 2016  أفادت مصادر إسرائيلية رسمية أن الفترة القادمة ستشهد الإعلان عن إنهاء الأزمة مع أنقرة، والتوقيع على اتفاق مصالحة شامل.

وأكد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس أن جميع النقاط العالقة شهدت حل نهائي، وأن 95% من الملفات التي كانت مطروحة للتفاوض وجدت بالفعل طريقها للحل، ولم يعد سوى تفاصيل بسيطة سوف يتم التوصل إلى حلول بشأنها نظرا لرغبة الطرفين في ذلك.

ودلل وجود شتاينتس في المعادلة على أن  أحد أهم أسباب إعادة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى ما كانت عليه قبل ست سنوات هو ملف الغاز الطبيعي، الذي ترغب إسرائيل في تصديره إلى تركيا ومن ثم استغلالها كمنطلق إلى دول أوروبا. وفي المقابل رغبة أنقرة في تقليص تبعيتها للغاز الروسي.

تطبيع العلاقات

لم يمر حزيران/ يونيو دون أن يوقع البلدان على اتفاق المصالحة، بعد تعهد  الحكومة التركية بوقف مطالبها برفع الحصار عن قطاع غزة، مقابل موافقة الحكومة الإسرائيلية على السماح للجانب التركي بإرسال مساعدات ومعدات متعلقة بالشق الإنساني عبر ميناء أشدود الإسرائيلي، وتحت إشراف إسرائيلي، على أن تسمح إسرائيل لتركيا بإقامة محطة طاقة في غزة، ومحطة لتحلية مياة البحر بالشراكة مع الحكومة الألمانية، فضلا عن السماح لها بإنشاء مستشفى بالقطاع.

وشمل الاتفاق قيام إسرائيل بدفع 21 مليون دولارا لذوي قتلى السفينة التركية "مافي مرمرة"، تم إيداعها في صندوق خاص لصالح أسر الضحايا، على أن تلغي الحكومة التركية الدعوة القضائية بشأن التعويضات.

وتعهدت تركيا بأن لا يشكل تواجد قادة حماس على أراضيها خطرا على أمن إسرائيل، بمعنى عدم التخطيط لعمليات أو خلافة، حتى على الصعيد السياسي، انطلاقا من الأراضي التركية، لكن باستثناء القيادي بالحركة صلاح العروري، الذي تعهدت أنقرة بعدم السماح له بدخول أراضيها.

ووضع الاتفاق الأسس لتعميق التعاون الأمني والإستخباراتي بين البلدين، كما شمل بندا ينص على بدء مفاوضات لمد خط أنابيب يربط بين حقول الغاز الإسرائيلية بالبحر المتوسط وبين أحد الموانئ التركية، حيث ستعد الأراضي التركية منطلقا لدخول الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.

الاتفاق على المحك

بدأ الاختبار الأول لاتفاق التطبيع بين إسرائيل و تركيا إبان انقلاب تموز/ يوليو 2016 حين حاول فصيل تابع للجيش الإطاحة بنظام أردوغان، ونجحت قوات الجيش والشرطة الموالية للنظام في السيطرة على الأوضاع.

وتحفظت تل أبيب على إدانة الانقلاب العسكري في تركيا فور بدءه، وانتظرت إعلان النظام التركي أنه سيطر على الأوضاع، وأشارت بعض المصادر إلى أن تأخر إعلان الموقف الإسرائيلي الرسمي يعود إلى حقيقة أن حكومة نتنياهو كانت تفضل سقوط نظام أردوغان.

وتعرض الاتفاق لاختبار آخر في آب/ أغسطس 2016، عقب التوتر العسكري في قطاع غزة، والغارات التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على أهداف متفرقة داخل القطاع، ردا على صاروخ سقط على مستوطنة سديروت، ما فتح المجال أمام الحديث عن مستقبل اتفاق المصالحة بين تل أبيب وأنقرة.

ووقتها اعتبر الرد العسكري الإسرائيلي على سقوط صاروخ خرج من القطاع وسقط في مستوطنة سديروت دون أن يحدث إصابات، ردا استثنائيا مقارنة بما كان الحال عليه منذ نهاية عدوان "الجرف الصامد" في صيف 2014، حيث اعتبر الرد الأعنف على الإطلاق.

وتبادل البلدان حينها بيانات شديدة اللهجة، إلا أن الأمور سرعان ما عادت إلى طبيعتها بعودة الهدوء إلى غزة.

نجاح الاختبار

خاض اتفاق المصالحة الاختبارين السابقين بنجاح، وبدا وأن الطرفين على استعداد لتجاوز خلافتهما بشتى السبل، منعا للعودة إلى نقطة البداية، لذا فقد شهد منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 ترجمة اتفاق المصالحة إلى واقع عملي، بعد أن عينت وزارة الخارجية الإسرائيلية سفيرا جديدا لدى أنقرة.

وردت أنقرة على الفور بتعيين المستشار الحكومي السابق كمال أوكيم سفيرا في تل أبيب، كما أعلن المدعي العام التركي في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر 2016 توجهه للمحكمة بطلب سحب الدعوى القضائية المقدمة ضد شخصيات سياسية وعسكرية إسرائيلية على خلفية واقعة السفينة مرمرة، وذلك عقب التزام حكومة نتنياهو بدفع تعويضات لذوي لضحايا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com