كيف تمكّن أردوغان من إحكام قبضته على آخر قلاع العلمانية في تركيا؟
كيف تمكّن أردوغان من إحكام قبضته على آخر قلاع العلمانية في تركيا؟كيف تمكّن أردوغان من إحكام قبضته على آخر قلاع العلمانية في تركيا؟

كيف تمكّن أردوغان من إحكام قبضته على آخر قلاع العلمانية في تركيا؟

منذ وصول حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية إلى الحكم في تركيا العام 2002 تمكن زعيمه السابق والرئيس الحالي للبلاد، رجب طيب أردوغان، من إحكام قبضته على المؤسسة العسكرية؛ آخر قلاع العلمانية في تركيا.

ويبدو أن اتساع نفوذ أردوغان في الجيش كان من أبرز العوامل التي حالت دون نجاح الانقلاب العسكري المفاجئ، في 15 تموز/يوليو الجاري، الذي كاد يطيح بالحكومة، وبأردوغان شخصياً. 

ويرى مختصون في الشأن التركي، أن رؤية أردوغان الطامحة للسيطرة على الجيش، شهدت تحولاً منذ فضيحة الفساد التي طالت مسؤولين بارزين في الحزب الحاكم، وكادت تطيح بالحكومة العام 2013، إذ تحول نهجه من الحذر والترقب والتغلغل الناعم في المؤسسة العسكرية، إلى قرارات أكثر تشدداً وحِدّة، ليعمد حينها إلى فصل ونقل مئات الآلاف من ضباط وعناصر الجيش المعارضين لسياساته، وإبعادهم عن دائرة القرار.

وبعد أن شهدت العلاقات بين الحكومة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية، والمؤسسة العسكرية، أعواماً من انعدام الثقة والتوتر؛ حاول الرئيس المحافظ، أردوغان، احتواء جنرالات الجيش ليتمكن من التصدي للتحديات الداخلية والخارجية.

الضباط الأمراء

وتراوح أسلوب أردوغان في التعاطي مع الضباط الأمراء؛ بين الترهيب والترغيب، فلم يقتصر على عزل وفصل ونقل الضباط المناوئين، بل عمد إلى تقريب وتكريم من يدينون له بالولاء.

وشهد شهر آب/أغسطس 2015، تقليد أردوغان، للرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش التركي، نجدت أوزال، وسام شرف الدولة، في حين عمد إلى تعيين المقرب منه قائد القوات البرية خلوصي أكار، رئيساً لهيئة الأركان العامة. 

ويعد آكار من الشخصيات المقربة من أردوغان، وكان الانقلابيون اختطفوه من مبنى هيئة الأركان، في العاصمة أنقرة، خلال الساعات الأولى للانقلاب الفاشل، لتعلن القيادة العامة التركية، أمس السبت، تحريره واعتقال أكثر من 3 آلاف عسكري مشارك في الانقلاب الأخير.

ومنذ تأسيس الدولة التركية الحديثة، في عشرينيات القرن الماضي، على يد الزعيم العلماني الراحل، مصطفى كمال (أتاتورك) استمرت المؤسسة العسكرية التركية في نهجها العلماني، الذي بقي محصناً من المد الإسلامي المتنامي في معظم مرافق الدولة، إلا أن سياسة أردوغان حيال الجيش، اتسمت بالتغلغل الحذر والبطيء، ما ساهم في المزيد من الثبات.

بروز مظاهر أسلمة الجيش

وفي أكثر من مناسبة؛ تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لأفرادٍ من الجيش وهم يرددون هتافات إسلامية باللغة العربية؛ أبرزها "الله أكبر" و"يا الله.. بسم الله" ما يشير إلى توجه إسلامي بات ينشط في صفوفه.

وفي سابقة غير معهودة، عمد بعض عناصر الجيش التركي، أواخر العام الماضي، في مدينة يوكسيك أوفا، التابعة لولاية هكاري، ذات الغالبية الكردية، والتي تُعدّ إحدى أكثر المناطق المضطربة، شرق البلاد، إلى رفع الآذان في أحد جوامع المدينة، بعد توقفه لأسابيع بسبب المعارك.

وخلال شهر حزيران/يونيو 2015، أنهت رئاسة أركان الجيش التركي، دراسة طلبات بإنشاء مساجد في الوحدات العسكرية.

وشملت الدراسة البحث عن أماكن صالحة لبناء المساجد في كل مقر عسكري، أو تخصيص أماكن للعبادة خاصة بعناصر القوات المسلحة.

وكان أحد المواطنين في ولاية أضنة، جنوب البلاد، تقدم بعريضة إلى المجلس الوطني الكبير (البرلمان) يطلب فيها تخصيص أماكن للعبادة في مقر قيادة القوات البحرية.

وجاء في الطلب إن "عدم وجود مثل تلك الأماكن يُعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان" ما دفع رئاسة أركان الجيش إلى دراسته، وإصدار قرار بإنشاء مساجد في جميع مقرات الجيش.

وكانت المحكمة العسكرية العليا، أصدرت يوم 20 آذار/مارس 2015، حكماً يلغي الإجراءات المتشددة، التي تمنع دخول المحجبات من أقارب عناصر الجيش إلى المنشآت والوحدات والنوادي العسكرية، للمرة الأولى في تاريخ الدولة التركية الحديثة.

ومنذ تأسيس الجمهورية التركية، مُنِعت المرأة المحجبة من زيارة أقاربها الذين يخدمون في الجيش، وحضور احتفالاتهم وعروضهم العسكرية، وسبق أن مُنِعت زوجة أردوغان؛ أمينة، من الدخول إلى المستشفى العسكري في أنقرة، لعيادة أحد المرضى، بسبب ارتدائها الحجاب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com