مشاعر الاستياء تغلي من جديد في شوارع اسطنبول
مشاعر الاستياء تغلي من جديد في شوارع اسطنبولمشاعر الاستياء تغلي من جديد في شوارع اسطنبول

مشاعر الاستياء تغلي من جديد في شوارع اسطنبول

يبدو أن الأوضاع في حي جيهانجير العصري حيث تنتشر المقاهي والحانات في وسط اسطنبول تستعيد حالها كأنها تسترجع أحداث صيف العام 2013 عندما بدأ المحتجون يلعبون لعبة القط والفأر مع شرطة مكافحة الشغب وسط تصاعد سحب الدخان من قنابل الغازات المسيلة للدموع ليلة تلو ليلة.

لكن لا يعتقد كثيرون في مقاهي جيهانجير أنه من الممكن استئناف الاحتجاجات على مستوى ما حدث العام 2013 عندما تصاعد رد الفعل على خطط لإعادة تطوير متنزه غازي القريب وتحول إلى موجة معارضة غير مسبوقة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان حينذاك رئيسا للوزراء.

حينها سقط ستة قتلى وأصيب الآلاف خلال قمع الشرطة للاحتجاجات التي انتشرت في مختلف أنحاء البلاد، ومنذ ذلك الحين لم تشهد الشوارع مظاهرات تذكر.

لكن بالرغم من ذلك، فقد انتهت مظاهرتان بتدخل الشرطة التركية مطلع الأسبوع الجاري، الأولى كانت مظاهرة تعاطف وتضامن مع صاحب متجر للتسجيلات الموسيقية هاجم بلطجية متجره ويبدو أنهم كانوا غاضبين لأن رواد متجره كانوا يحتسون المشروبات الروحية خلال شهر رمضان.

أما المظاهرة الثانية فكانت مسيرة لمن أجروا عمليات جراحية لتغيير هويتهم الجنسية.

ورغم عدم وجود رابط ظاهري يربط المظاهرتين فقد لمستا وترا حساسا كان قبل ثلاثة أعوام سببا في احتجاجات على مستوى البلاد استمرت لأسابيع تمثل في إحساس بين الشباب التركي من ذوي الاتجاهات الليبرالية بأن الحزب الحاكم وأتباعه المصرين على فرض مثلهم الدينية المحافظة يقيدون حرية التعبير.

وعلى النقيض مما حدث العام 2013 انتهت المظاهرتان بالسرعة التي بدأتا بها تقريبا بفعل وجود مكثف للشرطة.

إزاء ذلك، يبدو أن مشاعر الاستياء في الشارع التركي بدأت تتراكم وتغلي من جديد لاسيما بسبب تصريحات لأردوغان اعتبرت تدخلا في الحياة الخاصة من بينها دعوة في الآونة الأخيرة لكي يرفض المسلمون استخدام وسائل منع الحمل.

إضافة إلى ذلك، يعتقد أن إقدام أردوغان على تعزيز سلطاته وتجاوز تحديات من بينها فضيحة فساد بعد ذلك ببضعة أشهر وصفها بأنها مؤامرة من أعدائه ثم فاز في أول انتخابات شعبية لاختيار رئيس للبلاد في أغسطس آب العام 2014، يعمل على ارتفاع مشاعر الاستياء والاحتجاج.

الأمر الآخر الذي يرى مراقبون أنه يتسبب في رفع وتيرة النقد تجاه الحزب الحاكم، هو ما أقدم عليه مدعون عموميون من رفع أكثر من 1800 دعوى على أفراد من بينهم صحفيون وشبان في سن المراهقة وفائزة سابقة بلقب ملكة جمال تركيا بتهمة إهانة رئيس الدولة منذ تولى الرئاسة ورأى خصوم أردوغان في ذلك محاولة لإسكات كل أشكال المعارضة.

وما ساعد على تراكم الغضب تجاه أردوغان، هو ما صرح به مؤخرا من أنه سيعيد إحياء خطط لبناء مسجد، ونسخة طبق الأصل من ثكنة ترجع للعصر العثماني في متنزه غازي بالإضافة إلى دار للأوبرا وقال إن هذه من المجالات التي يجب أن نتحلى فيها بالشجاعة ونستعيد تاريخنا.

وفيما يبدو أن من أسباب ازدياد مشاعر السخط لدى فئات من الشعب، ما أقدمت عليه السلطات الأمنية من منع السماح لمسيرة بالانطلاق في منطقة قريبة تأييدا للمتحولين جنسيا، حيث تم حظر المسيرة بسبب مخاوف أمنية بعد أن قال قوميون متشددون إنه لا يجب السماح للمنحلين بالتظاهر.

من ناحيتهم، يتهم خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يهيمن على الحياة السياسية في تركيا منذ نحو 15 عاما بالحكم الاستبدادي على نحو متزايد في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 78 مليون نسمة وهو من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ويطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

في هذا الإطار، قال أحد سكان جيهانجير ويدعى جوكسيل تونلي ويبلغ من العرم 40 عاما  "ثمة إحساس بالإرهاق واليأس، لكن حدثت مؤخرا زيادة في الهجمات على الحياة الخاصة للناس وهو ما أعتقد أنه سيطلق شرارة موجة أخرى من الاحتجاج."

وقالت صدف جكمك وهي ناشطة في أوساط المثليين تعمل في مكتب رئيس البلدية في حي بشكطاش الذي يخضع لسيطرة المعارضة ويقع بالقرب من حي جيهانجير "يجري جهد منسق لإبعاد الناس عن الشوارع لخلق مجتمع مجرد من ردود الفعل."

وأضافت "رغم كل ما بها من مساوئ فلتركيا ثقافة معينة من الديمقراطية يبذل جهد لتدميرها، وسيتصدى الناس لذلك بأي شكل من الأشكال."

ومن الأحداث الأخيرة التي تشير إلى فرض ثقافة ورؤية معينة، ما حدث من احتجاج على تجمع لمحبي الموسيقى بداية الأسبوع الجاري، حيث ألقى عشرات من المحتجين الزجاجات على محبي الموسيقى الذين تجمعوا في متجر للموسيقى في جيهانجير لحضور حفل بمناسبة إطلاق ألبوم غنائي جديد لفريق راديوهيد الانجليزي.

في ذلك، قال مهندس كمبيوتر يدعي إمري يلدريم يبلغ من العمر 30 عاما حضر الحفل "شاهدت ما بين 25 و30 رجلا بعضهم يحمل هراوات. وكانوا يصيحون ‘سنحرقكم في الداخل، كيف تجرؤون على الشرب خلال رمضان؟"

وأضاف يلدريم بقوله "أعتقد أن الاستقطاب يتزايد في تركيا"، منوها إلى أنه "خلال السنوات الثلاث الأخيرة تقريبا تزايدت على ما يبدو المساحة المتاحة لمثل هؤلاء الناس، وهم يؤمنون بأنهم مدعومون وأن ثمة قوة وراءهم، وهم يعتقدون أنهم إذا فعلوا ذلك فسيجدون من يربت على ظهورهم."

لكن كان للرئيس التركي أردوغان موقف تجاه أحداث العنف في متجر الموسيقى، فقد ندد في إفطار رمضاني حضره يوم الأحد فنانون من بينهم أبرز مغنٍ تحول جنسيا في تركيا، ندد بما حدث من أعمال عنف في المتجر.

وقال أردوغان إن صاحبه الكوري الذي يعيش في تركيا منذ ست سنوات أصبح ضحية، لكنه أقر بأن الطرفين مسؤولان عما حدث"، مشددا على أن"استخدام القوة الغاشمة للتدخل في تنظيم احتفال يمتد للشارع خلال شهر رمضان أمر خاطئ."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com