هل حقًا يحتاج اللوفر وبرج إيفل كلّ هذا العدد من الجنود؟
هل حقًا يحتاج اللوفر وبرج إيفل كلّ هذا العدد من الجنود؟هل حقًا يحتاج اللوفر وبرج إيفل كلّ هذا العدد من الجنود؟

هل حقًا يحتاج اللوفر وبرج إيفل كلّ هذا العدد من الجنود؟

تكثف دوريات الحراسة وجودها تحت برج إيفل وسط باريس وحول اللوفر أشهر متاحف العالم بجنودها ذوي الزي المموه وبنادقهم الهجومية من نوع FAMAS الذين يعرفون باسم "حراس المهمات".

ويشكل هؤلاء الحراس في مجملهم جزءا من قوة الحماية التي تضم حوالي 10 آلاف جندي تم نشرهم مباشرة بعد الهجمات التي تعرض لها مكتب تحرير صحيفة "تشارلي إبيدو" في كانون الثاني/يناير عام 2015، وتمت إعادة نشرهم مرة ثانية في تشرين ثاني/نوفمبر من نفس العام عقب هجمات باريس التي راح ضحيتها 130 قتيلاً.

ولأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة يتم نشر جنود عسكريين في وسط فرنسا بأعداد مقاربة لأعداد القوات الفرنسية التي تقوم بمهمات عسكرية في دول أخرى حول العالم.

ولكن المهمات العسكرية هنا تختلف تماماً عن المهمات التي يقوم بها جنود حفظ السلام الفرنسيين في تلك المهمات، والتي رغم سطحيتها إلا أنها مكلفة وينظر إليها فقط كوسيلة لطمأنة المواطنين المدنيين والسياح، ولكن ذلك عادة ما يكون على حساب تحسين كفاءة الأمن القومي داخل فرنسا.

إنفاق مليون يورو لليوم

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" تشير التقديرات المالية للعام 2015 إلى أن الحكومة الفرنسية تدفع ما يقارب مليون يورو يومياً للإنفاق على عمليات الحراسة الداخلية في فرنسا، ويقول الجنرال الفرنسي المتقاعد فنسنت ديسبورتس "إن هذه الحراسات غير منطقية ولكنها تبدو كأنها لتأدية عمل ما، وفي حقيقة الأمر فهي لا تغير من واقع الحال شيئاً".

وفي ذات السياق أفاد المساعد السابق لرئيس أركان الجيش الفرنسي الكولونيل مايكل جويا بأن هذه الحراسات تشكل عبئاً ثقيلاً على الجيش وتزيد من الضغوط على قدراته التدريبية و"على المدى البعيد فهي أشبه بالعقوبات المفروضة على الجيش".

ويقول المتحدث الرسمي باسم الحاكم العسكري لمدينة باريس الكولونيل بينوا برولون الذي يقوم بالإشراف على عمليات الحراسة هذه بأن هناك العديد من الانتقادات التي توجه إلى العديد من المهمات العسكرية التي تعد واحدة من المبادرات العديدة التي تقوم بها الحكومة لمكافحة الإرهاب، ويضيف "إنه من الصعب جداً تحديد رؤية أساسية واحدة لمثل هذه المهمات ولكنها جزء لا يتجزأ من برنامج الأمن القومي".

مبررات نشر القوة

وعلى ضوء الهجمات الأخيرة قام وزير الدفاع الفرنسي بنشر عدد قياسي، حوالي 10% من إجمالي الجيش الفرنسي، كوسيلة لحماية المناطق الهامة في أرجاء فرنسا رغم أن معظمها تتركز في مدينة باريس.

ومن هذه المناطق الحساسة والتي تعتبر من أوائل وجهات السياح وعادة ما تكون مشددة الحراسة، متحف اللوفر وكاتدرائية نوتردام، ولكن بعد هجمات كانون الثاني/يناير عام 2015 التي انتهت بإطلاق النيران الذي وقع في أحد الأسواق خارج مدينة باريس فقد تم نشر العديد من دوريات حراس المهمات الخاصة في عدة أماكن دينية.

وتوضح العضو في معهد باريس للعلاقات الدولية إيلي تينيىنبام بأن هذه الأماكن والتي يبلغ عددها 300 موقع في منطقة باريس وحدها يغلب على معظمها طابع المعابد والمدارس اليهودية ولكن هناك أيضاً بعض المساجد وخاصة بعد تنامي حوادث الخوف من الإسلام أو ما يعرف بـ"الإسلاموفوبيا".

ويقول النقاد بأن الإستراتيجية المتبعة لنشر حراس المهمات غير فعالة في محاربة أنواع معينة من الاعتداءات "الإرهابية" التي تعتمد في الغالب على الهجمات العشوائية، وتضيف تينينبام بأن التركيز على الأماكن الدينية يزيد من خطورة خلق انطباعات عسكرية معينة فقط لتتوافق مع مصالح المجتمع.

ويرى الكولونيل جويا أن الأماكن ذات الطابع الديني مهمة بالطبع ولكن بالنظر إلى هجمات تشرين الثاني/ نوفمبر فهي لم تستهدف إلا الأماكن الترفيهية مما يعني بأن كافة المواطنين على مختلف اهتماماتهم معرضين للخطر، "ونحن لا نستطيع تأمين الحماية لكل مواطن".

تأثير تهديد "الإرهاب" على السياحة

و بعد هجمات تشرين الثاني/ نوفمبر تنامى الشعور بعدم الأمان حتى في أبسط نواحي الحياة اليومية، فقد كان لهذه الهجمات تأثير كبير أيضاً على السياحة وخاصة على بلد يعتبر سياحياً بامتياز على مستوى العالم كله.

وتشير إحصائيات مجلس ترويج السياحة الفرنسي بأن القطاع السياحي يوفر حوالي مليوني وظيفة ويشكل حوالي 7% من نشاط الاقتصاد الكلي في البلاد.

وكما ورد في اتفاقية باريس ومكتب الزائرين فإن حجوزات الفنادق بدأت بالانخفاض بشكل ملموس بعد هجمات تشرين الثاني/ نوفمبر، وإن عاودت الارتفاع خلال الشهر التالي ولكن على المدى البعيد فإن نتيجة تأثر الاقتصاد الكلي بهذه الهجمات وعلى القطاع السياحي تحديداً ليست واضحة كلياً.

إجراءات احترازية

وبالرغم من كل المساعي التي تقوم بها الحكومة الفرنسية من وضع تصور لفرض قوتها وسيطرتها منذ وقوع هذه الهجمات، فقد قام الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بفرض قانون الطوارئ منذ 14 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر وقد تم تمديده لثلاث مرات آخرها في وقت سابق من الشهر الحالي.

وسيشمل هذا التمديد سباق الدراجات الفرنسي الشهير الذي سيقام في شهر تموز/يوليو المقبل كما سيشمل فعاليات بطولة اتحاد الدوري الأوروبي لكرة القدم والتي ستبدأ في العاشر من شهر حزيران/يونيو الحالي في ستاد باريس الذي تعرض للهجوم الانتحاري في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

ويمنح قانون الطوارئ الشرطة الفرنسية كافة السلطات التي تخولها لتفتيش الأماكن المشبوهة والقيام بفرض الإقامات الجبرية على مشبوهين دون الحصول على إذن المحكمة.

ومنذ هجمات تشرين الثاني/ نوفمبر قامت الشرطة بتفتيش ما يقارب 3200 منزل وفرضت الإقامة الجبرية على ما يقارب من 350 - 400 شخص.

استعراض القوة

وتعتبر قوات حراس المهمات عنصراً مهماً أيضاً في الحملات التي تقوم بها الحكومة لإضفاء صفة الأمن والأمان على البلاد والأماكن السياحية للمواطنين والسياح على السواء، ولكن بالنسبة للعديد من الناس فإن محاولات الحكومة هذه تعتبر نوعاً من استعراض القوة وليس لديهم شجاعة سياسية لأي إجراء آخر.

ويقول الكولونيل جويا بأن من ينتقدون مثل هذه المهمات يرون بأنه يجب أن تكون هناك استجابة أقوى للتصدي لمثل هذه المخاطر بأن يتم تنظيم الخدمات الأمنية الداخلية في فرنسا مثل قوات الشرطة والدرك وأطلق عليها ما يسمى بـ"القوى البيزنطية" ولكن بتعقيدات أكبر.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com