لغز ميخائيل ليزين.. هل قتل بوتين صديقه المقرب؟
لغز ميخائيل ليزين.. هل قتل بوتين صديقه المقرب؟لغز ميخائيل ليزين.. هل قتل بوتين صديقه المقرب؟

لغز ميخائيل ليزين.. هل قتل بوتين صديقه المقرب؟

لا يزال الغموض يكتنف ملابسات مقتل رجل الأعمال والسياسة والإعلام الروسي ميخائيل ليزين منذ العثور على جثته قبل 5 أشهر في غرفته بفندق في العاصمة الأمركية واشنطن.

وفور العثور على جثة ليزين ثارت الشكوك، وتبادرت إلى أذهان الكثيرين فرضيات عن إمكانية تورط أحدهم في جريمة قتل الرجل الذي كان الصديق المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وذراعه الإعلامية اليمنى.

وأثارت وفاة ليزين بتلك الطريقة الغامضة كذلك، تساؤلات داخل أمريكا عن ماهية ممارسات ليزين في عاصمة الولايات المتحدة التي تعتبر وكالات الإعلام فيها أكبر عدو لروسيا.

واستغرق الطب الشرعي لمدينة واشنطن 4 أشهر ليصرح أن سبب الوفاة لم يكن أزمة قلبية كما ذكرت حينها وكالات الأنباء الروسية، بل كانت جراء إصابة لم يفلح تشريح الجثة في فك طلاسمها.



وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الأحد أن ليزين كان يخطط للانتقال نهائيا للعيش في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن علاقته ببوتين لم تكن على مايرام.

وتقول الصحيفة أن ميخائيل ليزين لم يختلف في مسعاه عن غيره من أثرياء روسيا، فقد استغل النظام السياسي المتهالك لفلاديمير بوتين لتكوين ثروته، وكما هو متعارف عليه في روسيا فعندما يطفو على السطح منافس جديد ذو تأثير، قد ينافس بوتين في سعيه للسلطة، لا يلبث أن يتم إقصاؤه بطريقة أو بأخرى من موقعه في إعلام الكرملين الأكثر تأثيرا على نطاق العالم.

وتضيف الصحيفة: يبدو أن ليزين توقع مبكرا أنه في طريقه للإقصاء، حيث كان يحضر منذ فترة لبدء حياة جديدة في أمريكا.

الرحيل بعد فوات الأوان

ونشرت الصحيفة علامات على تخطيط الملياردير الروسي لحياة آمنة ومستقرة في المنفى، منها نقله لابنه وابنته للعيش في الولايات المتحدة، وإنشاؤه لمؤسسة في لوس أنجلوس تعنى بشراء العقارات باهظة الثمن.

وأضافت نيويورك تايمز أن ليزين البالغ من العمر 57 عاما قد اعتاد السفر إلى الولايات المتحدة باستمرار، صحبة صديقته الجديدة والتي أنجبت له طفلا في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.

وتنقل الصحيفة عن سيرغي ألكيساشنكو وهو نائب سابق لرئيس البنك المركزي الروسي قوله: "يمكنك القول أنه قام بتصفية أعماله في روسيا وبدأ بالبحث عن بداية جديدة"، وقد انتقل سيرجي نفسه إلى الولايات المتحدة بعد اشتراكه في مظاهرات مناهضة للرئيس بوتين.



وتستغرب الصحيفة مرور خبر حادثة وفاة السيد ليزين في روسيا بكل تلك السلاسة، دون أن تلطق أي تفسيرات مخالفة للرواية الرسمية، أو يعبر أحد عن أي شكوك حول مقتله.

ولمحت الصحيفة إلى أنه في ظل حكم بوتين في روسيا لن تكون تلك الشكوك نابعة من فراغ، حتى في حال غياب الدليل الذي قد يدين أيا كان.

وفي سجل روسيا التاريخي أسماء عديدة من النخبة الروسية ممن توفوا في ظروف غامضة، مثل أليكساندر ليتفينينكو الذي مات مسمما بمادة البولونيوم المشعة في عام 2016، وأليكساندر بيريفيليتشني وهو أحد المسؤولين عن الإبلاغ عن المخالفات والفساد، وقد توفي بينما كان يمارس رياضة المشي في إنجلترا في عام 2012، جراء سموم دخيلة على الجسم.



التدرج شيئا فشيئا..

وتعود الصحيفة إلى مسار الرجل المثير للجدل داخل روسيا، وبداية علاقاته ببوتين والمراحل المختلفة التي مرت بها هذه العلاقة، حيث بدأ ليزين مهندسا متدربا قبل أن ينشئ شركة دعاية في فترة التسعينات تحولت فيما بعد إلى كبرى شركات الدعاية في البلاد، ومنحته خبراته فرصا وظيفية لدى وكالة الأخبار الروسية الرسمية RIA.

ثم وصل نتيجة لتراكم خبراته وإنجازاته إلى التلفزيون الرسمي الروسي وشركة الإذاعة، وحينئذ اتهم باستغلال منصبه الوظيفي لدعم شركته الدعائية الخاصة فيديو انترناشنال.

من متدرب إلى وزير

وفي عام 1999 وخلال فترة حكم الرئيس بوريس يلتسن أصبح ليزين وزيرا للإعلام، فقد كان له تأثير لا يستهان به في حملة يلتسن الانتخابية قبل ذلك بثلاثة أعوام، وعلى الرغم من أنه كان ضمن كواليس فريق السيد بوتين في بادئ الأمر.

وظل ليزين يشغل منصب وزير الإعلام في فترة حكم بوتين الأولى، وكان له دور غير مسبوق في محاولات لتخليص شبكة الإعلام المحلية من قبضة كبار رجال الأعمال الذين كانوا يحتكرون إدارتها.

ولا ينسى الكثيرون كيف قام السيد ليزين بزيارة صاحب الشبكة الإعلامية المستقلة "إن تي في" فلاديمير جوسينكي عندما اعتقل في السجن في عام 2000، للضغط عليه ليقوم بالتوقيع على اتفاق مشكوك في نزاهته، ساعده فيما بعد في إسقاط جميع التهم المنسوبة إليه، وقد قام بذلك في مقابل بيع محطة غازبروم للغاز وذلك بحسب ما أفادته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.



وشغل ليزين في الفترة الثانية لحكم بوتين منصب مستشار رئاسي في الكرملين، إضافة إلى دوره الإعلامي الذي لا يقل أهمية في المحطة الإعلامية التي تبث الأخبار على مدار الساعة في برنامجه روسيا اليوم والذي كان يبث باللغة الإنجليزية.
وقد تحولت المحطة التي أضحت تدعى اختصارا بـ "أر تي" إلى أداة إعلامية تستخدمها روسيا في الحرب الإعلامية التي تشنها نحو الغرب.

ميدفيديف منافس جديد

وانتهت خدمات ليزين في مؤسسة الكريملين في عام 2009 عندما حدث التعارض بينه وبين بوتين، بعد دخول المنافس الجديد ديميتري ميدفيديف، وبذلك تم اعفاؤه من مهامه.

ويقول ميدفيديف في أحد تصريحاته لأنترفاكس "إن ما حدث كان نتيجة تقصير ليزين في فهم مبادئ وأساسيات خدمة الدولة".
وعاد ليزين إلى منصبه ثانية عندما تولى بوتين الحكم لفترة رئاسية ثالثة، وتولى في عام 2013 مؤسسة غازبروم الإعلامية، وهي بديلة شركة إنتاج الطاقة الأم، والتي أصبحت وبعد سلسة من انتقال الملاك تحت سيطرة أحد المقربين للرئيس بوتين هو يوري كوفالتشك، أحد أكبر المساهمين في بنك روسيا.

وقد توقع ليزين خطة الاستيلاء على شركة "بروف ميديا" وهي تابعة لأحد أكبر رجال الأعمال في البلاد وهو بوتين ذاته، كما توقع الاستيلاء على شبكات إعلامية ومحطات تلفزية وإذاعية أخرى عديدة، وقد أشير إلى الصفقات التي تمت آنذاك والتي تقدر قيمتها بما لا يقل عن 600 مليون دولار، بأنها خطوة يتخذها الكرملين في سبيل تجنيد المزيد من المؤسسات الإعلامية المستقلة، وصبغها بالصبغة السياسية وإخضاعها للسيطرة المادية.

وقد كتب أحد الصحفيين يوما في أحد مقالاته في "موسكو تايمز" في شهر دجمبر/ كانون الأول من عام 2013 أن "هناك خطرا حقيقيا يكمن في استغلال ليزين للمصادر الإدارية والسلطات المنوطة به لأغراض تتعدى خدمة مصالح مرؤوسيه، لتحقيق أغراض وأهداف شخصية تهدف لتسوية حسابات قديمة."

ولم يخل الأمر من بعض المشاحنات بين ليزين ومن تبقى من الإدارة السابقة لوكالات الإعلام المستقلة؛ ففي تصريح له أفاد أيكو موسكفي أحد محرري الإذاعة التي تملك شركة غازبروم جزءا منها، أن ليزي قام يوما بدعوته لتناول العشاء في أحد أفخم المطاعم في العاصمة موسكو، وحاول ممارسة ضغوط عليه، ليقوم رئيس التحرير بإعفاء عدد من الصحفيين الذين قد ظهروا على الهواء، أو على موقع المؤسسة من وظائفهم، وقد كان منبين كاتب المقال.

وفي أحد رسائل السيد فيديتيكوف الإلكترونية يقول: "نجح سياسات السيد ليزين في تكوين عداوات مع كافة أصحاب المحطات التلفزيونية الرسمية ومع رؤساء وكالات الدعاية والإعلام".

وتخلى ليزين عن منصبه كمدير للشركة الفرعية الروسية لصناعة الغاز الطبيعي العظمى غازبروم، وذلك بعد أن قضى عاما واحدا في وظيفة كان هدفها تجنيده لتحقيق الجهود الحثيثة للكريملين، لتحسين صورة روسيا أمام العالم بعيد اقتراب الألعاب الأولومبية في سوتشي عام 2014.

ورأت الصحيفة أن ليزين بدا على أتم الاستعداد للانضمام لسابقيه، ممن تعرضوا لنهج النفي السياسي أو المالي، الذي تنتهجه سياسة بوتين، التي أصبحت واضحة للجميع وخاصة العالم الغربي.

ويعلق يفيجينا ألباتس وهو صحفي بارز يتابع قضية السيد ليزين المثيرة للتحفظات قائلا: " لقد كان من الواضح أن السيد ليزين يحاول أن ينفد بجلده".

وقد كان دور رجل الأعمال والسلطة ليزين في تمكن بوتين من الوصول إلى السلطة في روسيا كبيرا، وهذا ما أثار شكوكا قوية إثر حادثة وفاته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com