تقرير: حزب الله يتعرض للسخط الشعبي حتى داخل قاعدته الشيعية
تقرير: حزب الله يتعرض للسخط الشعبي حتى داخل قاعدته الشيعيةتقرير: حزب الله يتعرض للسخط الشعبي حتى داخل قاعدته الشيعية

تقرير: حزب الله يتعرض للسخط الشعبي حتى داخل قاعدته الشيعية

استعرض تقرير لمجلة “ذا ناشيونال انترست” الأمريكية مقابلة كانت قد أجرتها الصحفية اللبنانية كارول معلوف مع اثنين من أعضاء حزب الله ممن كانوا أسرى لدى تنظيم جبهة النصرة في سوريا. وتكشف المقابلة عن معلومات بشأن التنظيم وما يحظى به من سطوة في لبنان، والدعم الذي يتلقاه من إيران.

وكانت الصحفية اللبنانية أجرت في أواخر ديسمبر العام 2015، مقابلة مع اثنين من أسرى حزب الله لدى تنظيم جبهة النصرة. ويبدو أن المقابلة كانت الأولى من نوعها: أعضاء حزب الله تحدثا بصراحة عن التنظيم وأساليبه.

وبطبيعة الحال، ويرد التشكك على ملاحظاتهم كونهما أسيرين سابقين لدى جبهة النصرة، وفق تقرير المجلة الأمريكية، ومع ذلك، تسلط ملاحظاتهم الضوء على تأثيرات الحرب في سوريا على علاقة حزب الله مع الشيعة في لبنان.

التدخل في سوريا

وبحسب التقرير، أثار تدخل حزب الله في سوريا السخط الشعبي ضد الحزب في لبنان، حتى داخل قاعدته الشيعية، وكجزء من معركة التنظيم للحفاظ على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في السلطة، فقد المجتمع اللبناني المئات من أبنائه في ميادين القتال في سوريا والهجمات الإرهابية التي شنتها قوات المعارضة من السنة، مع عدم وجود نتائج ملموسة.

وعلى الرغم من مشاعر الغضب التي انتابت مجتمع الشيعة في لبنان، فإنهم ومع ذلك، لم يتخلوا عن الحزب.

ووفقًا لأحد الأسرى اللذين أجريت معهما المقابلة، ويدعى حسن طه، فإن ذلك يعزى إلى نجاح حزب الله في توظيف الضغط الاجتماعي بشكل جيد، بحيث لم يعد أمام الشيعة سوى بدائل قليلة.

وقال طه:”واجب على الشيعة، فكريًا وماليًا، الانضمام إلى حزب الله”، أولئك الذين يختارون الاستقلال السياسي أصبحوا منبوذين اجتماعيًا” ولا يستطيعون الذهاب إلى قراهم، وباتوا مكروهين من قبل مجتمعهم”، وفق ما نقلته “ذا ناشيونال انترست” عن طه.

السيطرة على جوانب المجتمع

أنشأ حزب الله هذه الصلة التي لا تنفصم من خلال تأكيده على السيطرة على جميع جوانب حياة الشيعة، وإنشاء مراكز ثقافية وتعليمية، ومؤسسات محيطة بأيديولوجية الحزب منذ ولادة هؤلاء الأشخاص.

وخلال مقابلة الأسير، محمد شعيب الذي يحكي عن واحدة من تلك المؤسسات، وهي “كشافة المهدي”، قال إنه يتم تلقين أطفال لا تتجاوز أعمارهم 5 سنوات الفكر السياسي والديني الذي يتطور زمنيا وفي السابعة عشرة، يصبحون في الكشافة وجزء من “التعبئة”، حيث يتلقى المقاتلون دورات تعليمية وعسكرية إضافية.

التعليم في حزب الله

تكشف المقابلة أيضًا عن نظام التعليم الذي يتبناه تنظيم حزب الله، حيث يدير حزب الله نظام التعليم الخاص به، والذي يخرج نحو 2000 طالب جامعي مدربين تدريبا جيدا كل عام.

وعلى الرغم من اختلاطه مع أيديولوجية الحزب، فإن التعليم الذي توفره تلك المدارس يفوق بكثير ذلك الذي تقدمه الدولة ، وينافس حتى المدارس التبشيرية المسيحية المرموقة في البلاد.

وأشار التقرير إلى أن التلقين في هذه المؤسسات يبني هوية الطفل بحيث تستند البوصلة الأخلاقية على عقيدة ولاية الفقيه، والوصاية على نموذج الحقوقيين الذي يحكم الحياة السياسية في إيران، الداعم الرئيس لحزب الله.

الخوف:

يسيطر حزب الله أيضا على الشيعة من خلال الخوف. قبل الحرب السورية، يقول شعيب: كان الخوف من غزو “العدو الإسرائيلي” للبنان.

وأضاف:”في هذه الدورات وفي الكشافة، كانت معركتنا ضد إسرائيل وكانت معركتنا مع إسرائيل”.

أما الآن، فإن تنظيم حزب الله يغذي مشاعر الخوف إزاء الجماعات السنية “التكفيرية” مثل (داعش)، مدعيًا أن تلك التنظيمات بمساعدة من إسرائيل، تسعى إلى تدمير المزارات الشيعة في سوريا، وغزو لبنان وإبادة المجتمع الشيعي.

هذا الخوف، بحسب التقرير، مكن حزب الله من صياغة وجهات النظر بشأن الحروب المدمرة التي جلبها على لبنان، مثل الحرب بين إسرائيل وحزب الله العام 2006م، أو الحرب السورية.

ويقدم حزب الله نفسه باعتباره المنقذ للبلاد من خلال التأكيد على ضعف الجيش اللبناني. شعيب أكد خلال المقابلة كيف أن هذا قد خلق بيئة اجتماعية تجعل الانضمام إلى الجيش اللبناني أمرا غير جذاب، ما يسمح لحزب الله بتضخيم صفوفه بالشباب الحريص على حماية الوطن.

الفقر

من جانبه، كشف طه أيضا كيف يستغل حزب الله الفقر النسبي للمجتمع لاستدراج الشيعة، كما حدث معه، للانضمام للتنظيم الشيعي، فقد عينه التنظيم كفني كمبيوتر، وقدم له فوائد و مزايا وظيفية. 

وفقًا لتقرير المجلة الأمريكية، يستخدم حزب الله هذا الحافز الاقتصادي لإرسال هؤلاء الشبان للقتال نيابة عن نظام الأسد. ويتقاضى المقاتلون بدوام كامل في سوريا رواتب مجزية وهو ما يقرب من 2000 دولار في الشهر، في حين لا يحصل المقاتلون المتطوعون، مثل شعيب وطه، على أربعة دولارات في اليوم.

وقد يبدو ذلك المقابل زهيدا، لكنه كان كافيا لخشية شعيب من تحدي رؤسائه والتعرض للطرد من التنظيم.

وعلاوة على ذلك، يحصل أطفال المقاتلين على التعليم المجاني، حتى تخرجهم من الجامعة، إضافة إلى راتب في حالة وفاة الوالد. 

المرابطة على الجبهة السورية:

وتنتشر قوات حزب الله بالقرب من حلب، ولذلك فإنه يعتمد بشكل متزايد على الأفراد الذين يفتقرون إلى أية خبرة قتالية. الأسيران، على سبيل المثال، وصفا خبرتهما العسكرية بـ”الحد الأدنى” وغير الكافية حتى لصد الكمين الذي أدى إلى احتجازهما.

وقال طه إنه كان في حزب الله لمدة تقل عن عامين قبل اعتقاله، فيما قال إن آخر مرة حصل فيها على التدريب على القتال كانت في “التعبئة”.

وكان مقاتلون لحزب الله عبروا عن شكواهم بشأن تلك المسألة من قبل.

ومع ذلك، يلتزم جميع أعضاء الحزب، حتى أولئك الذين يحملون وظائف إدارية، مثل شعيب وطه، بخدمة المرابطة على جبهات القتال لمدة 15 مناوبة في العام. وقبل الحرب السورية، كانت المرابطة في المقام الأول على الجبهة الجنوبية التي تواجه إسرائيل، وفق ما ذكره طه.

وعلى الرغم مما ذكره شعيب من أنه لا يزال هناك مقاتلون متمركزون بشكل دائم في الجنوب، فقد تحولت خدمات المرابطة على الخطوط الأمامية الخطرة في المقام الأول إلى الجبهة السورية.

إيران تدير المعركة:

وبينما يتواجد هؤلاء المقاتلون عديمو الخبرة في سوريا، فإنهم غالبا ما يتم تسليمهم للإيرانيين. وفي سوريا، كما قال شعيب وطه، فإن الإيرانيين “يديرون المعركة” بما في ذلك إعطاء الأوامر لمقاتلي حزب الله، المجتمعين مع المقاتلين الأجانب الشيعة. 

وفي سوريا، عادة ما يترك حزب الله هؤلاء المقاتلين لمصيرهم. وادعى شعيب وطه أنه تم إرسالهما إلى قرية العيسى دون حراسة عسكرية وجرى إخبارهما أن المنطقة كانت “آمنة بنسبة 100 %”. وفور وصولهما، تعرضا لهجوم بقذائف الهاون. وشكا الاثنان أيضًا أن حزب الله لم يقم حتى بإقامة نقاط تفتيش لمنع مقاتليه من الوقوع في أيدي الأعداء، كما حدث لهما.

مقاتلون آخرون أشاروا لروايات مماثلة، بحسب التقرير. بعد المعركة الأخيرة في ضواحي حلب، وصف مقاتلو حزب الله الكيفية التي تم بها التأكيد لهم على أن المنازل التي كانت في الجهة اليمنى كان يسيطر عليها قوات عراقية صديقة.

وقال أحد المقاتلين: “عندما وصلنا إلى منتصف الطريق أعلى التل، تعرضنا للقصف دون توقف من ناحية المنازل العراقية التي يسيطر عليها أصدقاؤنا!”

الجيش السوري

وبينما يتولى مقاتلو حزب الله المعارك، فقد تولى الجيش السوري مؤخرًا دورًا ثانويًا إزاء دور الميليشيات الشيعية. وفقًا لطه. 

مقاتلو حزب الله الآخرون أكدوا على ذلك كثيرًا، وأدانوا تقديم قناة المنار التابعة لحزب الله تقارير تشير إلى أن الجيش السوري سيطر على حلب.

وقال أحد المقاتلين: “فعلنا ذلك، بلحمنا ودمنا، وليس الجيش السوري”.

مجتمع للمقاومة:

وبحسب التقرير، يمثل طه وشعيب عينة من قاعدة دعم حزب الله الشيعية. وكما كتب زعيم الحزب نعيم قاسم، فإن حزب الله لا يهدف فقط لزيادة قوته القتالية، وإنّما لتحويل شيعة لبنان ككل إلى “مجتمع للمقاومة”.

وبذلك، يمتد نطاق حزب الله خارج مؤسساته. وعلى الرغم من أنه غالبا ما يغلف رسالته بلغة الوطنية اللبنانية، إلا أنه يقوم بتلقين أعضاء هذا “المجتمع” منذ الصغر أن يكونوا مخلصين لولاية الفقيه وللحزب أكثر من لبنان، بحسب ما ذكره شعيب.

هذه “الطاعة المطلقة”، كما قالت الصحفية اللبنانية كارول معلوف، هي بالضبط ما يحاول حزب الله استنساخها في نهاية المطاف بين جميع اللبنانيين: مجتمع مطواع على استعداد للتضحية بنفسه من أجل أهداف حزب الله الطائفية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com