تحذيرات لتركيا من التدخل في سوريا
تحذيرات لتركيا من التدخل في سورياتحذيرات لتركيا من التدخل في سوريا

تحذيرات لتركيا من التدخل في سوريا

إسطنبول- ارتفعت وتيرة التحذيرات، التي صدرت عن قِوى داخلية وخارجية للحكومة التركية من أي تدخل بري محتمل للجيش التركي في سوريا.

وأبدت المعارضة التركية ردة فعل عنيفة، تجاه تصريحات الحكومة بالتدخل البري في سوريا، إذ أكد رئيس حزب الوحدة الكبرى، مصطفى دستجي، أن العمليات البرية تحمل مخاطر كبيرة. في حين طالب نائب زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر الأحزاب المعارِضة، أوزتورك يلماز، بضرورة تزويد المجلس الوطني الكبير (البرلمان) بالمعلومات بشكل عاجل.

وبدوره؛ عبر النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، تانري كولو، عن مخاوفه من دفع تركيا الثمن غالياً في حال التدخل في سوريا.

وكان الجيش التركي أقدم خلال اليومَين الماضيَين، على قصف معاقل تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، المعادي لأنقرة، في قرية المالكية، ومطار منغ العسكري، في ريف حلب الشمالي.

واستثمرت فصائل من المعارضة السورية المسلحة، وعلى رأسها جبهة "النصرة" وتنظيم "أحرار الشام" القصف التركي، لتستهدف بالقذائف حي الشيخ مقصود، ذي الغالبية الكردية، في مدينة حلب.

ووجهت صحف تركية معارضة، انتقادات لاذعة للتوجه العسكري بضرب الشمال السوري، مشيرة إلى "انهيار السياسات التي تنهجها حكومة حزب العدالة والتنمية في عموم الشرق الأوسط، وسوريا على وجه الخصوص".

حرب التصريحات

وعلى الجانب الآخر من الحدود؛ قال زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، إن "تركيا ليس من حقها التدخل في شؤون سوريا الداخلية.. وإذا أقدمت تركيا على هذه الخطوة، فإنها ستواجه الشعب السوري بأكمله".

وعبر رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، عن امتعاضه من حصار حزب الاتحاد الديمقراطي، لبلدة إعزاز، قرب الحدود التركية، معتبراً أن هجمات الحزب الكردي على البلدة تشكل خطراً على الحدود التركية.

وقال أوغلو، إن "التهديد الذي يشكله جناح العمال الكردستاني في سوريا (الاتحاد الديمقراطي) في المناطق التي يسيطر عليها، دعانا إلى الرد على هذه القوات في إعزاز وضواحيها، وإن كل خطوة يقوم بها هذا التنظيم لتشكيل خطر على الحدود التركية، سنرد عليها بالمثل".

وأضاف أوغلو، إن حزب الاتحاد الديمقراطي يترتب عليه "الابتعاد عن أعزاز وضواحيها فوراً، ولن يصبح بإمكانه الاقتراب من المناطق المحيطة بأعزاز، ولن يُسمح باستخدام مطار منغ ضد تركيا أو المعارضة، ويجب إخلاؤه فوراً".

جذور العداء

وتنبع حساسية تركيا، تجاه اتساع نفوذ حزب الاتحاد الديمقراطي، شمال سوريا، من تأزم القضية الكردية شرق تركيا، وخوف الأتراك من اتساع طموح الأكراد ليشمل إقامة حكم ذاتي في تركيا، على غرار أبناء جلدتهم في سوريا؛ ما قد يعزز موقف "الكردستاني" الذي عاد للعمل المسلح، بعد ثلاثة أعوام من هدنةٍ، أوقفت حرباً دامية استمرت أكثر من ثلاثة عقود، وراح ضحيتها نحو 40 ألف شخص.

ويهدف حزب الاتحاد الديمقراطي، إلى السيطرة على ممر جرابلس- أعزاز، وتحقيق الحلم الكردي في ربط "كانتون عفرين" بمناطق شمال شرق سوريا، التي يملك نفوذاً واسعاً فيها.

وأثار المد العسكري الروسي في سوريا، وقطع الإمدادات اللوجستية التركية عن المتمردين الموالين لأنقرة في بعض مناطق حلب، حفيظة الحكومة التركية، إذ أسهمت الضربات الجوية الروسية القاسية ضد فصائل سورية معارِضة، في تشجيع حزب الاتحاد الديمقراطي، للتصدي للمتمردين التركمان في محيط بلدة عفرين، التابعة لحلب، رغم التفاهم الذي كان سائداً بين الطرفين، لتشكيل جبهة لمحاربة تنظيم الدولة المتشدد.

وتستمر أنقرة في عدائها لحزب الاتحاد الديمقراطي، على الرغم من الدعوات الأميركية لوقف قصف مواقع الأكراد، وبالتزامن مع تصريحات الحكومة التركية بعزمها إرسال قوات برية مشتركة مع المملكة العربية السعودية إلى سوريا.

ويرى محللون، أن القصف التركي جاء رداً على الدعم الذي تقدمه واشنطن، لحزب الاتحاد الديمقراطي بالسلاح، وتوفير الحماية الجوية، في حربه ضد "داعش".

حرب دولية

وكانت الخارجية التركية، استدعت مطلع شباط/فبراير الجاري، السفير الأميركي لدى أنقرة، جون باس، للتعبير عن استيائها، بعدما أدلى المتحدث باسم الخارجية الأميركية بتصريحات لم يعد فيها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا منظمة إرهابية.

ويبدو أن أنقرة تحاول عبر قصفها لمعاقل الأكراد، إظهار استعدادها للوقوف في وجه النفوذ الروسي في سوريا، واكتساب عمق إستراتيجي شمال سوريا، بإرساء وجود دائم لها بالتزامن مع حملاتها عبر الحدود، وبشكل خاص بعد ارتفاع وتيرة الحملات العسكرية التي تقودها دمشق لاسترداد ريف حلب الشمالي، بتغطية جوية روسية مكثفة.

ويرى محللون أتراك، أن الضربات التركية يجب أن تبقى في إطار التوازن العسكري، الذي لا يتجاوز حدود الاشتباكات المحدودة والصغيرة، لأن أي تصعيد تركي على الساحة السورية من شأنه أن يخلق سيناريو صدام عسكري بالغ الخطورة، يصعب احتواؤه؛ لأن المواجهة المباشرة، ستُدخِل كل من روسيا، وحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تنضوي تركيا تحته، في النزاع، ما ينذر بحرب دولية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com