الرياض وأنقرة بين التحدي الإيراني والضغط الروسي
 الرياض وأنقرة بين التحدي الإيراني والضغط الروسي الرياض وأنقرة بين التحدي الإيراني والضغط الروسي

 الرياض وأنقرة بين التحدي الإيراني والضغط الروسي

 تأتي زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة السعودية الرياض، اليوم الثلاثاء، والتي يلتقي خلالها العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسط مرحلة حساسة تعيشها المنطقة وتسارع للأحداث.

وتأتي هذه الزيارة في وقت تتطابق مواقف السعودية وتركيا فيما يخص تنامي دور إيران الطائفي في سوريا، ولا سيما بعد اتهام الرئيس التركي إيران بأنها تتبنى سياسات طائفية في سوريا من خلال دعمها بشار الأسد.

 وقال أردوغان في كلمة متلفزة في اسطنبول "لو لم تقف إيران خلف الأسد لأسباب طائفية، لما كنا نناقش اليوم ربما قضية مثل سوريا".

وانتقد أردوغان روسيا وإيران وتنظيم داعش واتهمهم بـ"قتل الأبرياء بدون رحمة" في سوريا.

 وبالمقابل، قال روحاني "لا يمكن أن نضعف مركز السلطة في سوريا وفي نفس الوقت نزعم أننا نريد محاربة الإرهاب هناك". وانتقد روحاني بشدة الدول التي تضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي، مشيراً إلى أن تقويض سوريا لن يعزز مواقف تلك الدول.

 وتستمر الزيارة يومَين، ومن المتوقع أن تتوج شهوراً من التقارب السياسي والاقتصادي والعسكري غير المسبوق، ذلك التقارب الذي أعقب أعواماً من القطيعة على خلفية دعم تركيا لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، ما أثار -حينها- حفيظة حلفاء مصر، حكام السعودية، ومعظم دول الخليج.

 وتكتسب الزيارة أهميتها من كونها تأتي في أعقاب إعلان الرياض عن حشد التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، الذي يضم إلى جانب تركيا 33 بلداً، وتسارع الأحداث في سوريا والعراق واليمن، كما تعقب الزيارة، مؤتمر الرياض للمعارضة السورية الذي استضافته المملكة، منذ أيام، في إطار مساع لتشكيل فريق موسع عن المعارضة لمفاوضة دمشق.

 وقال أردوغان، اليوم الثلاثاء، إن العلاقات التركية السعودية تشهد تحسناً متسارعاً لم يسبق أن شهدت له مثيلاً.

 هل تساهم السعودية في المصالحة التركية المصرية؟

 أثارت الزيارة الكثير من التكهنات، حول دور سعودي محتمل، في تقريب وجهات النظر بين تركيا ومصر، لحل الخلاف السياسي بينهما، بعد أعوام من القطيعة والعداء.

ولم تصدر تصريحات رسمية حول أي دور سعودي في المصالحة، ورفضت المصادر تأكيد أو نفي تناول الجانبين السعودي والتركي المصالحة بين القاهرة وأنقرة، خاصة بعد الحديث عن اجتماع ثنائي في الرياض، بين تركيا ومصر، برعاية السعودية في كانون الثاني/يناير القادم.

الإرهاصات الأولى للتقارب

وبدأت مؤشرات التقارب تظهر مع اعتلاء الملك سلمان سدة الحكم في المملكة، إلا أن ذلك التقارب كان يشوبه الحذر والقلق؛ وكانت المبادرة الأولى من قبل أردوغان، الذي قطع جولته الإفريقية، وزار السعودية، لتقديم واجب العزاء برحيل الملك عبد الله، يوم 23 كانون الثاني/يناير الماضي.

الخطوة الثانية كانت عسكرية أكثر منها دبلوماسية؛ بإرسال أنقرة -بعد مضي أسبوع واحد على زيارة أردوغان للرياض- سفينة حربية إلى ميناء جدة البحري، ضمن مناورات عسكرية مع دول البحر الأحمر، والتركيز الإعلامي التركي على الحدث.

 وفسّر محللون وصول الطرّادة التركية، بأنه امتداد للتعاون العسكري بين البلدين الذي وقع عليه الملك سلمان حين كان ولياً للعهد ووزيراً الدفاع، وهو من رسم أسس العلاقات خلال زيارته لأنقرة في أيار/مايو 2013.

 ويبدو أن تنظيم البيت الداخلي الخليجي، وحل الخلافات السعودية القطرية، ومن ثم إعادة فتح قنوات دبلوماسية بين الدوحة والقاهرة، ساهم في تحجيم الدور التركي في المنطقة، ما جعل الأتراك يبحثون عن قنوات تواصل جديدة، لاستعادة دور اللاعب الأساسي، ودعم التقارب مع السعودية.

 المصالح الاقتصادية تدعم التقارب

 كما يدعم التقارب بين البلدين، المصالح الاقتصادية التي تجمعهما، كونهما عضوان في مجموعة دول العشرين، والتبادل التجاري بينهما والاستثمارات المشتركة، إذ احتل مواطنو المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى بين أكثر الجنسيات العربية شراءً للعقارات في الجمهورية التركية للعام 2014، في حين بلغ عدد الشركات التي أسسها سعوديون في تركيا أكثر من 486 شركة، تستثمر في مختلف المجالات، وعلى رأسها السوق العقاري.

وصادق أردوغان في آذار/مارس الماضي، على اتفاقية التعاون الجمركي مع السعودية ضمن استراتيجية أنقرة في إعادة فتح العلاقات مع الرياض.

 تركيا تحاول كسر عزلتها الإقليمية

 وعقب تزايد الضغوطات الروسية على تركيا الغارقة بعزلتها الإقليمية، التي يفرضها عليها حلفاء موسكو الإقليميون، تنشط الدبلوماسية التركية لكسر تلك العزلة عبر تعزيز علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي.

 ولم تنجح الجهود الدبلوماسية التركية المكثفة حتى الآن في منع روسيا من تصعيد الأزمة، واستنفار حلفائها في المنطقة، ودفعهم إلى اتخاذ تدابير لتطويق تركيا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، عقب إسقاط تركيا لمقاتلة روسية؛ قالت إنها اخترقت أجواءها، يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

وازدادت حدة الضغط الروسي على تركيا عبر الضغط العسكري والدبلوماسي، الناتج عن متانة العلاقات الروسية بحلفائها الإقليميين الذين يحيطون بتركيا، انطلاقاً من أرمينيا، إلى إيران، وسوريا، مروراً بالعراق، ما جعل البوصلة التركية تتجه جنوباً إلى السعودية ذات الثقل السياسي والاقتصادي.

وتنبع أهمية التقارب السعودي التركي، من امتلاكهما أوراق قوة نابعة من الموقع والثقل الديمغرافي، ما قد يحتم عليهما وضع الخلافات جانباً، وإعادة رسم ملامح العلاقات لإدارة المستجدات الإقليمية، واتخاذ مواقف أقل حدة، الأمر الذي قد يضمن التوازن السياسي في المنطقة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com