"الفزعة".. سلاح يقاوم هدم إسرائيل للمنازل بالضفة
"الفزعة".. سلاح يقاوم هدم إسرائيل للمنازل بالضفة"الفزعة".. سلاح يقاوم هدم إسرائيل للمنازل بالضفة

"الفزعة".. سلاح يقاوم هدم إسرائيل للمنازل بالضفة

نابلس- يحرس شبان فلسطينيون في مناطق بالضفة الغربية، منازل مواطنين مهددة بالهدم من قبل السلطات الإسرائيلية، في محاولة منهم للتصدي لهذه العملية، تحت مسمى ما يطلقون عليه "الهبة" أو "الفزعة" التي يعتبرونها إحدى صور "التعاضد والتلاحم".

ففي مدينة نابلس، شمالي الضفة، يغلق شبان ملثمون، مع منتصف الليل، طرقات مؤدية إلى عدد من تلك المنازل، بالحجارة، وحاويات القمامة، ويشعلون النيران، متسلحين بالحجارة، والعبوات الفارغة والحارقة، يترقبون دخول قوات من الجيش الإسرائيلي.

وكانت السلطات الإسرائيلية، سلمت الأسبوع الماضي، عائلات في نابلس، إخطارات بهدم منازل المعتقلين كرم المصري (في حي خلة الإيمان)، ويحيي حمد (في حي الضاحية)، وسمير كوسا (حي الجبل الشمالي)، الذين تتهمهم بالمشاركة في عملية قتل اثنين من مواطنيها، قرب مستوطنة "إيتمار"، مطلع الشهر الجاري، وهو ما تنفيه عائلاتهم.

وجاءت هذه الإخطارات في أعقاب تعليمات أصدرها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بهدم منازل منفذي عمليات ضد أهداف إسرائيلية على وجه السرعة، في محاولة منه لردع الفلسطينيين من تنفيذ مثل تلك الهجمات التي أودت بحسب إحصائيات إلى مقتل عدد من الإسرائيليين، وجرح العشرات.

في المقابل، دعت الفصائل الفلسطينية، منذ عدة أيام، عبر مكبرات الصوت في المساجد، المواطنين للحشد والرباط عند المنازل المهددة بالهدم، في نابلس، لحمايتها ومنع الجيش من هدمها.

الساعة كانت تقترب من الثانية بعد منتصف الليل، والشاب أبو العز، يرابط بصحبة ثلة من رفاقه، بالقرب من منزل أحد المعتقلين، في حي "خلة الإيمان" بمدينة نابلس.

أبو العز (19عاماً)، يقول بينما كان يرتدي لثاماً على وجهه:" منذ عدة أيام ونحن نرابط هنا، نغلق الشوارع، ونشعل النيران في إطار المركبات الفارغة، ونراقب تحركات الجيش".

ويضيف أبو العز الذي كان يرابط بالقرب من منزل المعتقل كرم المصري، أحد المتهمين بقتل مستوطنين اثنين، مطلع الشهر الجاري، "نهدف إلى حماية البيوت المهددة بالهدم، ومنع الجيش من تنفيذ مثل تلك القرارات، هذه بيوت أصدقائنا، وجيراننا (..) ما نقوم به عمل وطني".

وإلى جانب أبو العز الذي فضل عدم الكشف عن اسم عائلته، تحسباً من الملاحقة الأمنية لهم، شاب آخر يخفي وجهه بالكوفية الفلسطينية، ويحمل بيده مقلاعاً، يساعده على رشق الحجارة باتجاه القوات الإسرائيلية.

و"المقلاع" عبارة عن حبلين متوازيين، تتوسطهما وتربط بينهما رقعة، يوضع فيها الحجر، ويمسك القاذف الحبلين من طرفيهما، ويقوم بالتلويح دائرياً فوق رأسه قبل أن يفلت أحد الحبلين،‏ فيندفع الحجر في الهواء بقوة كبيرة منطلقًا نحو هدفه.

يقول هذا الشاب الذي فضل هو الآخر عدم الكشف عن اسمه، لنفس الداعي الأمني: "نحن هنا لحماية المنازل المهددة بالهدم، يدفعنا إلى ذلك أننا نواجه الاحتلال".

وعن إمكانية قدرتهم على حماية المنازل، يتابع بقوله: "نسأل الله أن نستطيع ذلك، ولكن ما نفعله هو رسالة للاحتلال، بأن هذه العائلات ليست وحيدة، وهؤلاء الشبان (المعتقلون) هم إخوتنا، وبيوتهم بيوتنا (...) سنعيق تنفيذ عمليات الهدم بكل قوتنا".

ووفق هذين الشابين، فإن المنزلين الآخرين يتلقيان حماية مماثلة من قبل شبان، يسهرون يومياً، بالقرب منهما، في كل من حيي الضاحية، والجبل الشمالي.

وتساهم هذه الحراسة الليلية من قبل الشبان، في رفع معنويات أصحاب البيوت المستهدفة، وعن ذلك بارك أيمن، أحد أقارب المعتقل المصري، الهبة الشعبية أو ما يطلقون عليها باللهجة المحلية "الفزعة"، واعتبرها "تضامن وتعاضد أبناء الشعب الفلسطيني مع بعضهم البعض".

وقال المصري: " هذا دور كبير ينم عن تكاثف وتعاون وتعاضد الشارع الفلسطيني في مواجهة المخاطر الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن نحو 30 فرداً يعيشون في منزل قريبه المهدد بالهدم.

ووصف ما يجري بأنه "مناف للقانون الدولي والإنساني"، داعياً السلطة الفلسطينية، وقواها الأمنية إلى حماية المنازل أيضاً، قائلا:" منازلنا تقع في المناطق المصنفة (أ) حسب اتفاق أوسلو وتعطي السلطة كامل الحق في الدفاع عنها، وحمايتها وفق الاتفاقيات".

وأشار إلى أن أقاربه قدموا اعتراضاً لدى المحاكم الإسرائيلية لإيقاف قرار الهدم.

ووفق اتفاقية أوسلو الثانية الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1995 تم تقسيم الضفة الغربية إلى 3 مناطق "أ" و"ب" و "ج".

وتُمثل المناطق "أ"، 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإدارياً، أما المناطق "ب" فتمثل 21% من مساحة الضفة وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.

فيما المناطق "ج" والتي تمثل 61% من مساحة الضفة، تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، طالبت السبت الماضي، الحكومة الإسرائيلية "بالتوقف فوراً عن تنفيذ قرارها بهدم منازل لفلسطينيين في الضفة الغربية، كإجراء عقابي بحقهم"، معتبرة أن عمليات الهدم "ترتقي إلى منزلة العقوبة الجماعية المحرمة دوليًا".

وسبق أن نجحت محاولات فلسطينية مشابهة، في منع عمليات هدم، كانت إحداها في مخيم شعفاط الواقع شرق القدس، العام الماضي، حيث تصدى فلسطينيون بالحجارة والعبوات الحارقة، لمحاولة هدم منزل إبراهيم العكاري الذي قتلته القوات الإسرائيلية بزعم محاولته تنفيذ عملية دهس.

يأتي ذلك، فيما تدور منذ مطلع الشهر الجاري، مواجهات في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، بين شبان فلسطينيين، بسبب إصرار يهود متشددين على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة أمنية إسرائيلية. وأسفرت تلك المواجهات عن سقوط عشرات القتلى، ومئات الجرحى في صفوف الفلسطينيين.

في المقابل، ادعت السلطات الإسرائيلية أنها قتلت عددًا من الفلسطينيين، خلال الأيام الماضية، بعد تنفيذ عمليات طعن ودهس إسرائيليين، أدت إلى مقتل وإصابة عدد من مواطنيها، أو محاولة تنفيذ عمليات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com