سوريا... أيقول العالم شكرا لبوتين ؟
سوريا... أيقول العالم شكرا لبوتين ؟سوريا... أيقول العالم شكرا لبوتين ؟

سوريا... أيقول العالم شكرا لبوتين ؟

من المتفق عليه أن فلاديمير بوتين رجل فظيع، لقد احتل  بلا مقاومة شبه جزيرة القرم في العام الماضي، وهو الآن يجرؤ على التدخل بشكل كبير في شؤون الشرق الأوسط المعقدة، فهو يرسل مقاتلاته إلى السماء السورية.

في كل يوم أكثر العقول استنارة، وأكثر النفوس نقاء تفجر جم سخطها ضد هذه السلطة القيصرية الجديدة المنتشية بالقوة والسلطة، وتُشرّح نواياها الشريرة، وتفحص دوافعها الخفية.

وتتساءل لوبوان في تحليلها إذا كان تدخل الأمريكان والفرنسيين والإيرانيين والأتراك والسعوديين، والقطريين وغيرهم في الفوضى السورية الدموية أمرا طبيعيا، فأي شرعية للروس في تدخلهم!

وردا على هذا السؤال تقول أنه من الواضح، لو تأملنا الأمور عن كثب، أننا سنكتشف أن موسكو لديها بعض المبررات التي لا تقل سوءا عن مبررات آخرين، في إرسال طائرتها القتالية إلى سوريا.

أسباب موسكو الثلاثة

هناك أوّلا السبب الاستراتيجي: انهيار نظام بشار الأسد يعني بالتأكيد خسارة نقطة الاستناد العسكري والسياسي الروسي الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك فإن الوصول إلى "البحار الدافئة" يشكل منذ قرون انشغالا دائما للكرملين، حتى لا تظل روسيا محصورة في دورٍ قاري بحت.

أما السبب الثاني فهو أن انتصار الجهاديين، حتى لو كان جزئيا، فقد يعطي دفعة هائلة للجماعات الإسلامية التي تتحرك في الاتحاد الروسي (الشيشان وداغستان). فهذه الجماعة تضم رسميا حوالي 20 مليون مسلما، وربما أكثر من ذلك بكثير.

أما السبب الثالث أخيرا فهو أن روسيا تعتبر نفسها مسؤولة تاريخيا عن حماية الأرثوذكس، وخاصة أرثوذكس الشرق، أي أرثوذكس  سوريا. فالقضية ليست جديدة: ففي عام 1774، أنهت معاهدة كوشوك كاينارجي Kuchuk-Kainardji (الواقعة  الآن في بلغاريا) الحرب الروسية التركية. لقد سمح الباب العالي لروسيا كاترين بحرية الحركة في مضيق الدردنيل والبوسفور، وحماية موسكو للأرثوذكس.

في مؤتمر برلين في عام 1878، هبت موسكو، في مواجهة الامبراطورية العثمانية "رجل أوروبا المريض" كمدافع شرس عن الأرمن، وأغلبيتهم من الأرثوذكس. فالتاريخ لا يمحَى كما يمحى الطباشير على السبورة. فعلى الرغم من أن ممارسة الشعائر الدينية في روسيا المعاصرة ممارسة معتدلة، فإن الأرثوذكسية جزء من الحمض النووي المُعبّر عن هُوية الشعب الروسي.

ولهذه الأسباب الثلاثة يرى المحللون أن بوتين، في ما يخصه، لن يكون حفار قبر الطموحات الدولية لروسيا. فإرادته في أن يكون موجودا على المسرح السوري إرادة لا تحمل المساوئ فقط.

وعاء كل الصراعات

أصبحت سوريا، على غرار لبنان السبعينات والثمانينات وعاء جميع الصراعات، وجميع العداءات: السنة ضد الشيعة، وإيران ضد المملكة العربية السعودية، وتركيا ضد ايران، وتنظيم القاعدة (عبر النصرة ) ضد داعش. بالإضافة إلى المزايدة بين قطر والسعودية، والقنبلة الكردية التي تهدد سلامة تركيا والعراق وحتى إيران.

لذلك ففي هذه الفوضى الجهنمية، الحل الوسط بين الجهات الراعية الكبيرة يمكن في نهاية المطاف أن يعيد السلام النهائي، أو على الأقل القليل من الهدوء.

لا شك أن رحيل بشار هو الهدف، لكن لا يمكن أن يكون رحيله شرطا مسبقا. لا يتم التفاوض برفض أحد الأطراف رفضا باتا. يجب أن تكون الطريقة المثلى كالتالي "لا تتحدث في الموضوع كثيرا، لكن فكرْ فيهْ دائما".

فمن خلال التدخل علنا، يُدعّم الكرملين، على أي حال، نفوذه على النظام السوري. والأمر في كل الأحوال ليس سلبيا إلى الحد الذي يتصوره الكثيرون.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com