ما الذي يريده بوتين بعدما أصبح في قلب اللعبة؟
ما الذي يريده بوتين بعدما أصبح في قلب اللعبة؟ما الذي يريده بوتين بعدما أصبح في قلب اللعبة؟

ما الذي يريده بوتين بعدما أصبح في قلب اللعبة؟

أثبت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الانتشار الروسي ليس روتينياً هذه المرة، بل هو انتشار تاريخي، ففي غضون شهر واحد أنشأ بوتين أمراً واقعاً جديداً على الأرض في سوريا، وهو الواقع الذي غيّر الوضع الدبلوماسي برمته.

ويقول المحللون أن روسيا الآن هي القوة العظمى الوحيدة التي لديها على الأرض السورية قاعدتين بحرية وجوية يعززهما وصول طائرات ومروحيات قتالية متطورة، ودبابات T-90، وقوة التدخل السريع، وهو ما جعل الجميع يدرك أنه مهما كانت التطورات في الحرب الأهلية التي تعصف بسوريا منذ أربع سنوات، فما من تسوية يمكن أن تتحقق من دون موسكو.

فبالنسبة لزعيم معزول على المسرح العالمي، بل ومنبوذ في الغرب منذ أن ضم شبه جزيرة القرم في مارس 2014، فبوتين بلا شك سعيد جداً بالأسبوع الذي انقضى، فهو اليوم في قلب اللعبة السياسية مرة أخرى.

حوار عسكري

يا له من أسبوع حافل! إنه التحدي في وجه المجتمع الدولي من دون أي يفعل أي شخص أي شيء، لقد حاول الأمريكيون عبثاً إقناع حلفائهم برفض استخدام طائرات النقل الروسية لمجالهم الجوي: بلغاريا أطاعت والعراق رفض، أما الأوروبيون المشغولون جداً بالتدفق غير المسبوق للاجئين على أراضيهم فقد ردوا إما بفتور أو لم يستجيبوا على الإطلاق.

ففي يوم الاثنين 21 (سبتمبر/ أيلول) استقبل الرئيس بوتين في الكرملين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي جاء ليتأكد بأن هذا التحرك الجديد لا يهدد إسرائيل، فقبل يوم واحد كان قد أُعلن أن روسيا بعد أن حصلت على موافقة الرئيس لوكاشينكو، ستنشئ قاعدة جوية عسكرية في روسيا البيضاء.

وفي الوقت نفسه وافقت واشنطن على فتح حوار عسكري مع موسكو، على مستوى وزراء الدفاع للمساعدة، وفقاً لوزيرة الخارجية جون كيري، في تحديد بعض الخيارات في الوقت الذي ننظر فيه في الخطوات التالية في سوريا، وهي صيغة أنيقة من الأمريكيين تؤكد اعترافهم بأن موسكو قد فرضت بالفعل شكلا من أشكال التشاور.

وفي يوم الخميس، جاء التتويج: نعم، لقد حدث لقاء في القمة بين أوباما وبوتين يوم الاثنين 28 (سبتمبر/ أيلول) في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لقد استسلم البيت الأبيض رغم أنفه لما أسماه بـالطلبات "العاجلة" و"المتكررة" للكرملين.

فلاديمير بوتين، الذي لم ير باراك أوباما وجهاً لوجه منذ اجتماع مجموعة الثمانية G8 في (يونيو/ حزيران) من عام 2013، قبل الأزمة في أوكرانيا، يمكنه اليوم أن يقول وداعاً لعزلته، خصوصاً، كما يرى المحللون، وأن الجبهة الأوكرانية هادئة هذه الأيام، وقف إطلاق النار في دونباس مستمر منذ 1 (سبتمبر/ أيلول)، ولأول مرة على مدى فترة طويلة، كل واحد يظل متمسكاً بمواقفه، ولكن هي خطوة نحو تنفيذ اتفاقات "مينسك"، التي تأخرت كثيراً.

وسألت صحيفة "لوموند" الفرنسية وزير الخارجية البريطانية فيليب هاموند، ما الذي يريده بوتين؟ فأجاب: "ليتنا نعرف ذلك"، ويعني ذلك أن بوتين لا يكتفي بوضع الغربيين أمام الأمر الواقع، بل يدفعهم إلى لعبة التخمينات.

وتساءلت الصحيفة في تحليلها السياسي هل يريد بوتين أن يفتح جبهة جديدة بعد أوكرانيا؟ أم أنه يريد أن يخلق انقساماً لدى شعبه العام حتى يخفي حقيقة أن العملية الأوكرانية ليست في صالحه؟

هل يعتقد أنه يستطيع أن يوقف الصعود المقلق لتنظيم "داعش"، بعد أن لاحظ عدم فعالية الضربات الغربية؟ هل يسعى لتقسيم الغرب بوضعه التعاون مع الأسد شرطاً للتوصل إلى تسوية نهائية للأزمة السورية ؟

هل يريد بوتين إنقاذ الرئيس السوري الذي ظل يدعمه باستمرار، ويجنبه مصير صدام حسين والقذافي، وهو المصير الذي صدم بوتين شخصياً؟ أم أنه يفكر أن الأسد سينتهي، وفي هذه الحالة يسعى أولاً إلى إنفاذ قاعدة طرطوس والحفاظ على الوجود الروسي في المنطقة؟

فالجواب، ببساطة، يكمن في كلمة واحدة هي "السلطة"، من خلال دخولها المباراة السورية تحتل روسيا مكانها كقوة عالمية، فبعد عزلتها بسبب العقوبات وضعفها بسبب هبوط أسعار النفط والركود الاقتصادي، تستطيع روسيا التي تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة قامت بتحدثيها بتكلفة كبيرة، أن تتعامل اليوم على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، وأن تتفوق على الغرب، وأن تظل لاعباً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط، كما كانت في أيام الاتحاد السوفيتي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com