دروز سوريا بين مطرقة الأسد والتكفيريين وسندان إسرائيل
دروز سوريا بين مطرقة الأسد والتكفيريين وسندان إسرائيلدروز سوريا بين مطرقة الأسد والتكفيريين وسندان إسرائيل

دروز سوريا بين مطرقة الأسد والتكفيريين وسندان إسرائيل

دمشق – تناول مقال تحليلي نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية على موقعها الإلكتروني، الأزمة التي تتعرض لها الطائفة الدرزية في سوريا، والتي وجدت نفسها في مرمى الأطراف المتحاربة (الأسد والتنظيمات التكفيرية "داعش" و"جبهة النصرة")، ومجبرة على الانحياز لطرف من أحد هذه الأطراف، كما يشير المقال، الذي يتناول أيضاً اللعبة التي تقوم بها إسرائيل لاستغلالهم في خلق منطقة عازلة.
وتلفت المجلة الأمريكية إلى أن الخطر لا يواجه الدروز في إدلب (شمال غرب سوريا) فقط؛ إذ وصلت طبول الحرب إلى أعتاب محافظة السويداء بجنوب البلاد، التي تعد موطناً لأكبر عدد من السكان الدروز في سوريا.

وباتت هذه الأقلية الدينية – في ظل ائتلاف مقاتلي المعارضة بقيادة جبهة النصرة (الفرع السوري لتنظيم القاعدة) الذي يقترب من جهة الغرب، وتنظيم "داعش" الإرهابي الذي يقترب من جهة الشرق – تصارع من أجل البقاء على قيد الحياة، وتواجه مخاطر أن تتحول إلى أداة تستغلها الجهات القوية الفاعلة في المنطقة في لعبتها الجيوسياسية، وفي مقدمتها إسرائيل.
وتذكر "فورين بوليسي" أنه خلال الأسابيع الماضية، قام بعض الدروز الإسرائيليين – المقربين من الحكومة – بحملات إعلامية للضغط على إسرائيل للتدخل لحماية الدروز، بيد أن الغالبية من الدروز السوريين يتشككون في نواياها، ويعتقدون أن هذا جزء من لعبة أكبر تقوم بها إسرائيل لاستغلالهم في خلق منطقة عازلة على طول حدودها الشمالية.
وتقول المجلة: "وبينما تشتد ضراوة الحرب الأهلية السورية، يتعين على الدروز مواجهة ثلاثة خيارات لضمان بقائهم على قيد الحياة: الحكومة السورية، أو المعارضة التي يقودها تنظيم جبهة النصرة الإرهابي أو إسرائيل".
ومن وجهة نظر "فورين بوليسي"، فإن الأحداث الأخيرة كافية لكي يدرك الكثير من الدروز - ومن بينهم من يناهضون الحكومة – أن مستقبلهم في ظل ائتلاف المعارضة يضعهم في خطر كبير. ووفقاً لسكان السويداء وتقارير وسائل الإعلام، فإنه منذ بداية الصراع وسيطرة جماعات المعارضة على المنطقة، تعرض مئات من الدروز في جنوب سوريا إلى الاختطاف، بينما قُتل بعضهم، ومازال البعض الآخر في عداد المفقودين.
وتصف "فورين بوليسي" العلاقة بين الحكومة السورية والدروز بـ"المعقدة"، حيث رفض الدروز التقليديين في بداية الحرب الأهلية بسوريا اتخاذ موقف فعال ضد الحكومة، وبدلاً من الجماعات المعارضة العلمانية، فضلوا الحصول على حماية من دولة قوية. وكان الجيش السوري يضم الآلاف من الدروز الذين قاتلوا من أجل الحكومة وقُتل منهم حوالي ثلاثة آلاف، وفقاً لما ذكره أعضاء المعارضة. ولكن عندما طالت الأزمة وقامت الحكومة بإلزام التجنيد في الجيش بجميع أنحاء البلاد، رفض الكثير من الدروز الالتحاق بالجيش، الأمر الذي أسفر عن تعرضهم إلى الاعتقالات وحدثت مواجهات محدودة في السويداء.

وفي رأي الدروز، كان اهتمام الحكومة السورية منصباً على إلحاقهم في الجيش للقتال، في الوقت الذي رفضت فيه الحكومة تزويدهم بالأسلحة لحماية المناطق الدرزية. ويرى الكثير من الدروز حالياً أن قوة الجيش السوري في حماية المناطق الدرزية أصبحت حالياً قيد الاختبار.
وفي الوقت نفسه، برزت إسرائيل بوصفها الخيار الثالث بالنسبة للدروز، وخلال العام الماضي دعا العديد من المسؤولين الإسرائيليين الدروز والشخصيات الدينية الحكومة الإسرائيلية للتدخل ومساعدة الدروز، وازدادت هذه الحملات خلال الأسابيع الأخيرة مع تقدم المعارضة بقيادة الجماعات الإسلامية نحو السويداء، وتنوعت المطالبات بالتدخل العسكري المباشر وتقديم المساعدات الإنسانية، وإنشاء "دويلة" خاصة للدروز، من جراء ما يتعرضون له من تهديد وتخويف.
وتشير "فورين بوليسي" إلى أن بعض المحللين السياسيين يرون أنه ليس بغريب على إسرائيل محاولة إغراء الدروز في جنوب سوريا؛ حيث أن إسرائيل لديها مصلحة في المنطقة الجنوبية بأكملها، وتريد خلق منطقة عازلة.
وتلفت "فورين بوليسي" إلى أن غالبية الدروز يدركون أن إسرائيل أبعد ما تكون عن الصدق في وعودها بمساعدة مجتمعهم، وأن ما تقوم به مجرد محاولة سافرة لتوسيع نفوذها في جنوب سوريا. كما أن بعض الدروز على قناعة أن تل أبيب تدعم ما يُطلق عليهم "المعتدلين" من الجهاديين بما فيهم جبهة النصرة التابعة إلى تنظيم القاعدة، حيث تقوم إسرائيل بلعبة مزدوجة تتمثل في مساعدة الجهاديين الذين يهددون الدروز، وفي الوقت نفسه تعرض تقديم الحماية للدروز، وذلك لكي تنعم بتأمين منطقة عازلة تضمن أمنها على المدى الطويل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com