جنود أوكرانيون في إقليم دونباس
جنود أوكرانيون في إقليم دونباسرويترز

فورين أفيرز: أوكرانيا تعاني في انتظار نجدة واشنطن والناتو

رأى مقال في مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن "أوكرانيا تنزف"، وأن قواتها البرية قد لا تصمد في مواجهة الجيش الروسي من دون تقديم الولايات المتحدة مساعدة عسكرية جديدة لكييف.

وشدد كاتبا المقال، السفير الأمريكي السابق لدى حلف "الناتو" إيفو دالدر، ومساعدة وزير الخارجية السابقة للشؤون الأوروبية والآسيوية كارين دونفريد، أنه يتعين على مجلس النواب الأمريكي التصويت الفوري لتمرير حزمة الإنفاق الطارئة التي وافق عليها مجلس الشيوخ بأغلبية ساحقة الشهر الماضي لأوكرانيا.

وأضاف المقال أن الأولوية الأكثر إلحاحًا الآن تتلخص في تخصيص الأموال اللازمة لإعادة إمداد كييف بقذائف المدفعية، وصواريخ الدفاع الجوي، وغيرها الكثير من الاحتياجات العسكرية الملحة.

وتابع: "حتى لو تم تقديم هذه المساعدات العسكرية الملحة لأوكرانيا، فإن السؤال الأساسي يظل قائمًا حول كيفية التمكن من مساعدة أوكرانيا على تأمين مستقبلها، وهو السؤال الذي سيحتاج قادة الناتو إلى الإجابة عليه عندما يجتمعون في شهر يوليو/تموز المقبل في واشنطن لحضور قمتهم السنوية الخامسة والسبعين".

وأردف المقال: "إن حرب روسيا على أوكرانيا لا تتعلق فقط بالأرض، فهي مرتبطة بمستقبل أوكرانيا السياسي، بينما يسعى الكرملين إلى التأكد من أن مستقبل أوكرانيا يتقرر في موسكو، وليس في كييف".

وأوضح كاتبا المقال أنه "بينما تناضل أوكرانيا من أجل الحرية في رسم مستقبلها، فإن الأغلبية العظمى من الأوكرانيين يريدون أن تصبح بلادهم عضوًا في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي".

وأضاف مقال "فورين أفيرز" أن الاتحاد الأوروبي أطلق العام الماضي محادثات الانضمام مع كييف، لكن هذه العملية سوف تستغرق سنوات حتى تكتمل.

وتسعى أوكرانيا للحصول على دعوة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، لكن دول الناتو منقسمة بشأن الموعد الذي يجب أن تنضم فيه كييف، إذ يريد بعض الأعضاء بقيادة دول البلطيق وبولندا وفرنسا، أن يصدر الحلف دعوة رسمية لحضور قمة واشنطن في يوليو/تموز المقبل.

ويعتقد هؤلاء أن استمرار الفراغ الأمني في أوروبا يغري موسكو بملء تلك المناطق الرمادية عسكريًّا، كما فعلت في أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا، بحسب المقال.

ولفت إلى أن الفريق الآخر الذي يضم أيضًا الولايات المتحدة وألمانيا، ليس مستعدًّا للتحرك بهذه السرعة.

وأورد كاتبا المقال ما ذكره رئيس الوزراء الهولندي المنتهية ولايته، مارك روتي، والذي قد يصبح الأمين العام المقبل لحلف شمال الأطلسي، عندما عبر عن هذا المنظور في مؤتمر ميونيخ الأمني الشهر الماضي، حيث قال: "طالما أن الحرب مستمرة، فإن أوكرانيا لا تستطيع أن تصبح عضوًا في الناتو".

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي مع  أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي مع أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغأ ف ب

مقترحات لسد الفجوة

وأشار المقال إلى أن مسؤولين سابقين في الحلف اقترحوا أفكارًا مختلفة لسد هذه الهوة، تتضمن إصدار دعوة إلى أوكرانيا للانضمام مع عدم التصرف بناءً عليها إلا في وقت لاحق غير محدد.

واعتبر الكاتبان أن هذه ستكون "لفتة فارغة"، حيث لن يتم تطبيق أي من أحكام العضوية في الحلف، قبل أن تصدق جميع الدول الأعضاء الاثنين والثلاثين على انضمام أوكرانيا.

ومن الأفكار الأخرى دعوة أوكرانيا لبدء محادثات الانضمام، وهو النموذج المقتبس من عملية توسعة الاتحاد الأوروبي، الذي يشمل دعوة الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي باتباع مسار مألوف، تتبنى وتنفذ من خلاله مجموعة قوانين تابعة للاتحاد الأوروبي على مدى أعوام قبل الانضمام إلى الاتحاد، أما نظير هذا الشيء في حلف الناتو فهو الانضمام إلى "خطة عمل من أجل العضوية".

وأشار كاتبا المقال إلى أن قادة الناتو اتفقوا العام الماضي في قمة فيلنيوس في ليتوانيا، على أن كييف "تجاوزت الحاجة" إلى خطة عمل العضوية.

وشدد المقال على أن قمة واشنطن المقبلة لحلف الناتو ستوفر فرصة لسد هذه الهوة، وبناء الإجماع بشأن أوكرانيا داخل الحلف.

ولفت المقال إلى أن الخطوة الأولى تتلخص في توضيح الإصلاحات التي يتعين على أوكرانيا إتمامها، والشروط التي يجب أن تسود على الأرض قبل أن تتمكن من الانضمام إلى الحلف، في حين يتعين على حلف شمال الأطلسي أن يتولى تنسيق المساعدات العسكرية التي يقدمها التحالف الذي يضم أكثر من خمسين دولة، ومساعدة أوكرانيا في بناء جيش حديث وقابل للعمل المتبادل.

وأخيرًا، يتعين على زعماء حلف شمال الأطلسي تكثيف دعمهم للدفاع عن أوكرانيا من خلال توفير الأسلحة المتقدمة، مثل الصواريخ البعيدة المدى، والتي كان بعض أعضاء الحلف مترددين في تقديمها.

أخبار ذات صلة
مسؤول أوروبي: لن نرسل قوات إلى أوكرانيا ووقف الحرب بيد بوتين (فيديو إرم)

تباين الوضوح

وانتقد كاتبا المقال مخرجات قمة الناتو في فيلنيوس، وقالا إن الزعماء اكتفوا بالتعهد بأن "مستقبل أوكرانيا يكمن في الناتو" بدلًا من الموافقة على تقديم الدعوة لاوكرانيا للانضمام للحلف، في حين أشاروا إلى أنهم لن يوجهوا الدعوة إلا "عندما يوافق الحلفاء ويتم استيفاء الشروط"، مما "أدى إلى تأجيل البت في القضية".

وتابع المقال: "وفي حين أنه من الواضح أن أوكرانيا لن تتلقى دعوة لحضور قمة واشنطن، فإن لغة قمة فيلنيوس تقترح طريقًا للمضي قدمًا، والمتمثل بأن على الناتو توضيح "الشروط" التي يجب الوفاء بها، ثم دعوة كييف للمشاركة في محادثات مباشرة في مجلس الناتو حول الموعد المحدد للانضمام".

وأشار المقال إلى أنه من أجل خلق الإجماع بين الحلفاء، يتعين على زعماء حلف شمال الأطلسي أن يتفقوا على شرطين يجب استيفاءهما قبل دعوة أوكرانيا رسميًّا للانضمام إلى الحلف، أولهما ينبغي لأوكرانيا أن تكمل الإصلاحات الديمقراطية، ومكافحة الفساد، وإصلاحات قطاع الأمن المبينة في "البرنامج الوطني السنوي" لأوكرانيا، وهو الهيكل الرسمي الذي يعمل على إعداد أوكرانيا للعضوية.

وأردف: "يتعين على زعماء حلف شمال الأطلسي في قمة واشنطن أن يلتزموا بالعمل معًا لمساعدة كييف على وضع اللمسات الأخيرة على هذه الإصلاحات في غضون عام واحد".

أما الشرط الثاني بحسب المقال، فهو إنهاء القتال في أوكرانيا، وفي هذا الصدد يشدد كاتبا المقال على أنه "طالما أن هناك صراعًا عسكريًّا نشطًا في أوكرانيا، فإن عضوية أوكرانيا في الحلف يمكن أن تؤدي إلى مواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا، وهي مقامرة معظم أعضاء الناتو ليسوا على استعداد لخوضها".

ورأى كاتبا المقال أنه قبل أن يتسنى تلبية الشرط الثاني، فإنه يتعين على حلف شمال الأطلسي أن يحدد ما قد يعتبره نهاية مرضية للقتال.

وأكد المقال أنه لا يمكن أن يكون ذلك نهاية للحرب؛ لأن ذلك يستلزم التوصل إلى اتفاق سلام، وهو ما سيكون من الصعب تحقيقه في وقت قريب، لافتًا إلى أن البديل عن ذلك في المستقبل المنظور هو الوصول "لصراع مجمد"، أي وقف الأعمال العدائية دون التوصل لحل سياسي.

ودعا كاتبا المقال زعماء الناتو إلى الاتفاق في قمة واشنطن على أن دعوة أوكرانيا للانضمام إلى الحلف مشروطة بانتهاء القتال فعليًّا، إما من خلال "انتصار أوكراني غير متوقع"، أو من خلال وقف دائم لإطلاق النار، أو هدنة.

و"بعد انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، فإن التزام الحلف بالدفاع الجماعي عنها بموجب المادة الخامسة لن ينطبق إلا على الأراضي الخاضعة لسيطرة كييف"، وهو شرط يرى كاتبا المقال أن القبول به سيكون مؤلمًا بالنسبة لأوكرانيا؛ لأن الأوكرانيين سيخشون تقسيمًا دائمًا للبلاد.

في المقابل يرى كاتبا المقال أن واقع "الصراع المجمد" قد يدفع كييف إلى اتخاذ قرار بتعزيز الأراضي التي تسيطر عليها، والحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي.

وأكد المقال أن جعل إنهاء النزاع المسلح شرطًا لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، يعطي موسكو حافزًا لإطالة أمد الحرب.

وتابع: "طالما استمرت روسيا في القتال، فإن حلف شمال الأطلسي لن يقبل أوكرانيا كعضو جديد، لهذا السبب؛ يتعين على كييف وحلفائها أن يظهروا عزمهم، ويجب عليهم إقناع موسكو أنها تخوض حربًا لا يمكن الفوز بها".

وللقيام بذلك يتعين على زعماء حلف شمال الأطلسي أن يتفقوا على تدابير إضافية، تهدف إلى تعزيز الدفاع في أوكرانيا ومساعدتها في بناء جيش حديث، بحسب المقال.

قوات أوكرانية خلال معركة باخموت
قوات أوكرانية خلال معركة باخموتأ ف ب

ولفت إلى أن هذه التدابير تشمل تولي حلف شمال الأطلسي المسؤولية بدلًا من الولايات المتحدة في قيادة "مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية"، وهو تحالف يضم نحو خمسين دولة، يجتمع بشكل منتظم لمناقشة احتياجات أوكرانيا العسكرية.

وتابع المقال: "كما يتعين على حلف شمال الأطلسي أن يعمل مع أوكرانيا لصياغة رؤية طويلة الأمد للمؤسسة العسكرية في البلاد، وكذلك تولي الحلف تدريب القوات الأوكرانية بمشاركة دول أخرى مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وغيرهما".

ويقول كاتبا المقال إن من شأن هذه التدابير تعزيز كفاءة الجهود الحالية لدعم أوكرانيا من خلال إخضاعها لسلطة حلف شمال الأطلسي، وإضفاء الطابع المؤسسي على هذه الوظائف داخل الحلف.

وختم مقال "فورين أفيرز" بالتأكيد على أن أعضاء الناتو سعوا من أجل إيجاد التوازن الصحيح في الصراع بين الخوف من التصعيد والثقة في الردع، وعلى الرغم من أن دول الحلف ينبغي أن تظل يقظة في تجنب التصعيد، فإنها تستطيع أن تفعل المزيد لضمان عدم فوز روسيا في الحرب".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com