يتخذ التعاون العسكري بين إيران وكوريا الشمالية أبعادًا مختلفة ترتكز أساسًا على السرية والغموض، ويشهد تصاعدًا على وقع التحولات الإقليمية والدولية.
ويشمل التعاون مجالات تصنيع الصواريخ الباليستية وقاذفات الصواريخ التي تزود طهران بها وكلاءها في المنطقة.
وتشترك الدولتان في العداء للولايات المتحدة، ويمثّل التقارب العسكري بين النظامين محركًا أساسًا لواشنطن لفرض عقوبات عليهما، فضلاً عن موقفهما المشترك من الحرب الروسية الأوكرانية، وقيامهما بـ "دور محوري" في دعم الروس على تلك الجبهة.
الحذر والغموض
وتمتد علاقات التعاون العسكري بين إيران وكوريا الشمالية عبر عقود من الزمن، ويلزم فيها الطرفان الحذر والسرية المطلقة والغموض، ونادرًا ما يتم الحديث عن تبادل زيارات أو توقيع اتفاقات بينهما.
ويعتبر متابعون أن هناك محفزات لهذا التعاون، منها تداعيات الحرب في غزة والضربات الأخيرة المتبادلة بين إسرائيل وإيران، إضافة إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا.
ومن المتوقع، بحسب متابعين، أن تتّسع دائرة التّعاون العسكري بين البلدين استجابة لما ستفرضه التّحولات الجارية في موازين القوى الإقليمية والدولية.
من المحتمل أيضًا قيام شراكة عسكرية إستراتيجية أو تحالف بين إيران وكوريا الشمالية وروسيا استناداً إلى الدور المحوري الحالي لكوريا الشمالية وإيران في دعم المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.
ويتخذ التعاون بعدًا إقليميًا يستفيد منه بالدرجة الأولى وكلاء طهران في المنطقة، حيث كشفت إسرائيل عن قذيفة صاروخية كورية شمالية من طراز F-7 لدى ترسانة "حماس"، وهي اسم آخر لقاذفة RPG-7 الكورية الشمالية.
ومن جانبها كشفت كوريا الجنوبية عن قيام كوريا الشمالية بنقل صواريخ "كاتيوشا" و"غراد" إلى ميليشيا "حزب الله" اللبنانية عبر إيران، واستخدام الحوثيين لتكنولوجيا عسكرية كورية شمالية في هجماتهم في البحر الأحمر.
مراحل التعاون
ومرّ التعاون بين طهران وبيونغ يانغ بعدة مراحل منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، ففي العام 1995 اشترت إيران صاروخيْ "سكود بي" و"سكود سي" من كوريا الشمالية، وفي العام 1997 أعادت إيران إنتاج صاروخ سكود تحت اسم "شهاب-1" (مداه 300 كلم)، و"شهاب-2" (مداه 500 كلم).
وشهدت، العام 2003، تحولاً لافتًا مع إنتاج "شهاب-3" (مداه 1800كلم)، استنادًا إلى الصاروخ الكوري الشمالي "ندونغ-1".
وشهدت، الفترة من 2008 إلى 2012، تبادل زيارات ووفود بين البلدين بهدف التعاون في مجال تصنيع الصواريخ.
وفي العام 2016، نجحت طهران في تجربة إطلاق صاروخ "كروز" بمسمى "جاسك-2" من غواصة، بالتعاون مع كوريا الشمالية، قبل أن تعلن، العام 2017، النسخة الأولى من صاروخ "خرمشهر" الباليستي الذي تم تطويره بناءً على صاروخ "هواسونغ-10" الكوري الشمالي.
وفي السنة ذاتها أيضًا استعانت إيران بخبراء كوريين شماليين لتدريب خبراء الصواريخ التابعين للحرس الثوري في قاعدة المهدي جنوب غرب طهران.
وفي العام 2019 أكّد فريق تحقيق أممي تورّط خبراء شركتي الأسلحة الكوريتين "كوميد" و"غرين باين" في أنشطة غير مشروعة قامتا بها في مجال الصواريخ الباليستية في طهران.
وكشفت وزارة الخزانة الأمريكية، العام 2020، عن شراكة بين "مجموعة شهيد همت الصناعية" الإيرانية و"مؤسسة تجارة تطوير التّعدين" الكورية الشمالية في مجال الصواريخ الباليستية بين البلدين.