الحالمون بالرئاسة الأمريكية يسعون لإرضاء الطبقة الوسطى
الحالمون بالرئاسة الأمريكية يسعون لإرضاء الطبقة الوسطىالحالمون بالرئاسة الأمريكية يسعون لإرضاء الطبقة الوسطى

الحالمون بالرئاسة الأمريكية يسعون لإرضاء الطبقة الوسطى

واشنطن- يبرز الطامحون بالوصول إلى الرئاسة الأمريكية، أوراق انتسابهم للطبقة العاملة والمتوسطة، على نحو انتقل بالسجال السياسي من توفير فرص العمل وإنعاش الاقتصاد الهش في حملة 2012، إلى المساواة في الأجور في الحملة الحالية.

الطرق على بدايات الحياة المتواضعة ليس بجديد في سجل الطامحين للرئاسة الأمريكية، بدءا من حديث أبراهام لينكولن عن نشأته البسيطة. لكن الآملين في خوض سباق عام 2016، يعملون بكد أكبر لإقناع الناخبين بأنهم بسطاء تماما مثلهم.

ويعكس هذا شعورا متزايدا بأن أي مكاسب حلت بعد سبعة أعوام من الكساد العظيم صبت في خزائن الأثرياء، في حين يواصل ملايين الأمريكيين الكفاح لتوفير سبل العيش.

وقال الاستراتيجي الجمهوري، ديفيد كارني: "هذه الفجوة بين النخبة الحاكمة والناخبين لم تكن بهذا الحجم قط."

وأشار إلى أن "معظم الطامحين في الرئاسة اليوم، لهم خلفيات متميزة مما يجعلهم عرضة للاتهام بأنهم لن يحسوا بالمصاعب المادية التي تؤرق كثيرا من الأسر".

وقال جون ويفر، المستشار السابق لجون مكين، المرشح الجمهوري في انتخابات 2008، إن المرشحين يدركون ذلك.

وفي استطلاعات للرأي أجرتها رويترز، أجاب كثير من المشاركين بأن ثروة المرشح ستؤثر على التصويت له. وارتفعت نسبة من رجحوا عدم تأييد مرشح "فاحش الثراء" إلى 42% في آذار/ مارس، الماضي من 39% في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012.

لكن الأمريكيين سبق أن انتخبوا الكثير من الرؤساء الأغنياء من أمثال جون كنيدي، الذي اختير عام 1960.

وأطلق الاستراتيجي الجمهوري تيم ألبرخت على الظاهرة الحالية المتمثلة في تهوين المرشحين من شأن ثرواتهم اسم "تأثير رومني".

فالمرشح الجمهوري ميت رومني، كان في نظر الغالبية خلال حملة 2012 بمعزل عن العامة أو غير مكترث بهم، وهو ما أدى لخسارته. ولم تساعده ثروته التي جمعها من المشاركة في تأسيس شركة "برين كابيتال" والتي بلغت 250 مليون دولار.

مستواي أقل منك

مع إعلان 12 جمهوريا على الأقل سعيهم للترشح حتى الآن، فإن النقاط المئوية البسيطة يمكن أن تحدث فارقا مما يجعل التقرب إلى أكبر عدد من الناخبين أمرا حاسما.

لذا يرفع كثيرون بطاقة الخلفية المتواضعة حتى وإن ظل معظمهم من أثرى أثرياء أمريكا.

ورغم أن إمارات الثراء بادية على كثيرين مثل كارلي فيورينا، الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة هيوليت-باكارد، والتي تقدر ثروتها بنحو 59 مليون دولار.. تنحدر قلة قليلة من مستوى أكثر تواضعا مثل سكوت ووكر حاكم ويسكونسن، الذي يكشف أحدث إقراراته المالية عن ثروة لا تتجاوز عشرات الآلاف.

ولعبة "مستواي المادي أقل من مستواك" تصب في صالح مرشحين مثل ماركو روبيو عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، الذي كثيرا ما يتحدث عن أبويه المهاجرين من كوبا ووالده الذي كان يعمل في حانة، وأمه التي عملت خادمة واستدانته في مرحلة الدراسة. وليس من قبيل المصادفة أن يكون إصلاح قروض التعليم أحد مقترحاته.

ويشير مركز سياسات رد الفعل، وهو مؤسسة غير ساعية للربح تتعقب الأموال على ساحة السياسة الأمريكية، إلى أن حجم صافي ثروته بلغ 443509 دولارات في 2013.

أما ووكر فكثيرا ما يتحدث هو الآخر عن الاقتصاد والتدبير حتى أنه تباهى في حديث ألقاه في نيو هامبشير هذا العام بأنه جمع ذات مرة كوبونات كثيرة وخصومات أتاحت له شراء سترة بدولار واحد فقط. وإقرار ذمته المالية لعام 2014 يظهر أصولا متواضعة.

وعلى الطرف الآخر من الصورة يقف جمهوريون مثل فيورينا وحاكم فلوريدا السابق جيب بوش والديمقراطية هيلاري كلينتون.

فهم أكثر الطامحين للرئاسة عرضة للاتهام بأنهم على مبعدة من المواطن العادي.. ليس لما لديهم من ثروات شخصية ضخمة وحسب، ولكن أيضا لارتباط أسمائهم بعائلات سياسية قوية.

فالرئيس السابق بيل كلينتون (زوج هيلاري) واجه سيلا من التهكمات عندما قال في الآونة الأخيرة إنه "سيستمر في تلقي أجر عن إلقائه خطبا أثناء سعي زوجته لتولي الرئاسة حتى ندفع فواتيرنا".

فهو يتقاضى مئات الألوف من الدولارات مقابل ما يلقيه من كلمات. وجنى الزوجان أكثر من 25 مليون دولار ثمنا لكلمات ألقياها منذ 2014 فقط. ويبدو أن هيلاري كلينتون تدرك جيدا أن معارضيها الجمهوريين وغيرهم يمكن أن يجعلوا من مسألة ثروتها قضية مثارة في الحملة الانتخابية.. فتحدثت في أول تجمع انتخابي لها يوم السبت الماضي عن الأعوام الأولى من عمر والدتها قائلة إنها "لم تكن لتجد طعاما كافيا، وإنها عملت خادمة في البيوت في أعوام الصبا."

أما بوش سليل الحسب والنسب، فقد جنى الملايين منذ أن ترك عمله كحاكم ولاية منها 3.2 مليون دولار مقابل عمله في مجالس إدارات، ومن أسهم مجانية منحت له حسبما ذكرت "نيويورك تايمز" عام 2014. وهو يتجنب حتى الآن التحدث عن هذه المسألة.

التحدث عن الطبقة الاجتماعية

قال جيسي رودس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ماساتشوستس أمهرست، إن "اتساع الفجوات الاقتصادية في الولايات المتحدة، صحبه إشارات أكثر تواترا من جانب السياسيين عن الطبقة الاجتماعية التي ينحدرون منها".

وشارك رودس في كتابة بحث في الآونة الأخيرة حول مواد حزبية تعود لحملة 1952 الانتخابية وتظهر استخداما متزايدا لعبارات مثل الطبقة الكادحة أو الطبقة العاملة أو الطبقة المتوسطة.

وفيورينا كانت ضمن من قاوموا وصفها بأنها من النخبة.. وتحدثت عن عملها سكرتيرة في شركة عقارية صغيرة أكثر مما تحدثت عن ثروتها أو تعليمها في جامعة ستانفورد.

ويشير تقرير قدم إلى اللجنة الانتخابية الاتحادية إلى أن ثروتها وثروة زوجها تقدر بنحو 59 مليون دولار.

ويقول كريستي حاكم نيوجيرزي إنه لا يعتبر نفسه ثريا. وتظهر وثائق ضريبية أعلنها مكتبه إلى أنه جنى وزوجته نحو 700 ألف دولار عام 2013.

أما مايك هاكابي، حاكم أركنسو السابق، فيقول إنه "من أبناء الطبقة العاملة لا ذوي الدماء الزرقاء". ومع هذا يقال إنه الآن من أصحاب الملايين لأسباب منها عقد مبرم مع "فوكس نيوز" يدر عليه نصف مليون دولار سنويا.

وحين سئلت أليس ستيوارت، المتحدثة باسمه، عما إن كان الناخبون قد يعتبرونه بمعزل عن همومهم اليومية، قالت: "الحاكم هاكابي ابن عامل إطفاء من بلدة صغيرة في هوب بولاية أركنسو. وقد عمل في وظائف عديدة ولفترات عمل كاملة كي يتمكن من إتمام تعليمه."

وتكشف نظرة إلى الكلمات التي افتتح بها الطامحون في الترشح لانتخابات 2012 و2016 حملاتهم الانتخابية، عن تحول ملحوظ، فالأمر لا يقتصر على تحدث المجموعة الحالية عن انتمائها أو انتماء آبائها للطبقة العاملة، لكنها أيضا تخصص وقتا أكبر بكثير لتلك الموضوعات.

على سبيل المثال، تحدث السناتور الجمهوري تيد كروز هذا العام عن "الطبقة العاملة" التي تنتمي إليها والدته وكيف أن أباه بدأ عمله كغاسل للأطباق يتقاضى 50 سنتا في الساعة.

لكن ليس كل الطامحين للوصول إلى البيت الأبيض يشعرون بأن لزاما عليهم التهوين من حجم ثروتهم.

هناك مثلا دونالد ترامب قطب قطاع العقارات الذي ألقى الضوء على ثروته عندما أعلن يوم الثلاثاء أنه سيدخل سباق الرئاسة وتباهى بأن لديه ثروة حجمها 8.7 مليار دولار سيستغلها في تمويل حملته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com