"المونيتور": أردوغان "يجرم" تظاهرات الطلاب لزيادة الاستقطاب في تركيا
"المونيتور": أردوغان "يجرم" تظاهرات الطلاب لزيادة الاستقطاب في تركيا"المونيتور": أردوغان "يجرم" تظاهرات الطلاب لزيادة الاستقطاب في تركيا

"المونيتور": أردوغان "يجرم" تظاهرات الطلاب لزيادة الاستقطاب في تركيا

انتهز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الفرصة لتحويل احتجاجات الطلاب في جامعة "بوغازيتشي" إلى حرب ثقافية جديدة تحرض قاعدته المحافظة ضد المتظاهرين الذين وصفهم بـ "الإرهابيين" و"المخربين".

حتى الآن لم تظهر احتجاجات الطلاب على تعيين شخص موالٍ للحزب الحاكم (مليح بولو) رئيساً لجامعة "بوغازيتشي"، إحدى أرقى الجامعات في تركيا، أي علامات على الانحسار، وذلك على الرغم من استمرار الحكومة في احتجاز الطلاب وسجنهم في محاولة لتخويفهم وإجبارهم على الخضوع.

أصبحت بييزا بولداغ، الطالبة في جامعة ميمار سنان للفنون الجميلة في إسطنبول، عاشر طالبة يتم سجنها بسبب التظاهرات، عقب غارة في 7 شباط/ فبراير على منزلها بالقرب من مدينة إزمير الساحلية.

ووفقا لموقع "المونيتور"، كانت جريمتها المزعومة هي إدارة حساب على تويتر بعنوان "تضامن بوغازيتشي"، نشر رسالة مفتوحة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تتعهد فيها بعدم الرضوخ لضغوط الحكومة، وقالت "لا تخلط بيننا وبين الذين يطيعونك دون قيد أو شرط، أنت لست سلطاناً ونحن لسنا رعاياك".

واعتبر المدعون العامون كلمات بييزا إهانة لأردوغان وتحريضا على "الكراهية" و"نية لارتكاب الجرائم". وتستند الأدلة ضد بييزا إلى رقم هاتفها المحمول المرتبط بحساب تويتر المخالف بانتهاء كليهما بنفس الرقمين، وذلك رغم إنكار بييزا جميع التهم الموجهة إليها.

ومنذ 4 كانون الثاني/ يناير، طالب الطلبة في بوغازيتشي باستقالة بولو، وهو مزور مزعوم ومرشح برلماني سابق عن حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، وقد انضمت هيئة التدريس في الكفاح من أجل إنكار شرعية بولو.

ويقول المحتجون إن تعيينه جزء من جهد مستمر لقمع الحريات الأكاديمية وتحدي تقليد الجامعة في اختيارها لرئيسها بنفسها. هذا وتم إلغاء هذا الحق فعلياً في عدة مراسيم طوارئ أصدرتها الحكومة في أعقاب الانقلاب الفاشل في كانون الثاني/ يناير 2016، ومنذ ذلك الحين اختار أردوغان رؤساء لأكثر من 20 جامعة مع تعيين 11 رئيس جامعة في الأسبوع الماضي وحده.

إلا أن رد فعل بوغازيتشي، معقل التفكير الليبرالي، كان عنيفاً، واشتدت الاحتجاجات في الأول من شباط/ فبراير، عندما فرقت قوات الأمن التظاهرات في الجامعة التي نُظمت رداً على اعتقال طالبين.

كما تم احتجاز 150 طالباً آخر، وأثارت صور ضرب رجال الشرطة للطلاب بالهراوات والغاز المسيل للدموع جولة جديدة من الاحتجاجات التي امتدت إلى العاصمة أنقرة ومدن أخرى.



من جانبه، استغل أردوغان الفرصة بسرعة لتحويل الاحتجاجات إلى حرب ثقافية جديدة تحرض ما أسماه "الإرهابيين" و"المخربين" ضد قاعدته المحافظة.

وادعى أردوغان في خطاب ألقاه أمام جناح الشباب في حزبه أنه "لا يوجد شيء اسمه المثليون، أنتم لستم الشباب المثليين، ولستم الشباب الذين يرتكبون أعمال التخريب، بل العكس، أنتم الذين يصلحون القلوب المحطمة".

وزاد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، ووصف المثليين بـ"المنحرفين"، ما دفع تويتر إلى إزالة تغريدته ووزارة الخارجية الأمريكية للانضمام إلى العديد من المسؤولين الغربيين في توبيخ تركيا.

ويبدو أن هذا الجدل يخدم أهداف الحكومة جيدا، ويشتت الانتباه عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ويعزز روايتها حول التدخل الأجنبي.

وشارك في النقاش رجل العصابات التركي البارز ألاتين كاكيتشي، الذي تربطه علاقات وثيقة بحلفاء أردوغان القوميين المتطرفين في حزب الحركة القومية، وفي رسالة مكتوبة بخط اليد على تويتر في 7 شباط/ فبراير، طلب من بولو عدم الاستقالة من بوغازيتشي، حيث تدبر القوى الغربية "الأعمال الاستفزازية".

وعلقت إحدى رواد الإنترنت، هاز أفرات، ساخرة "يا له من تصويت بالثقة، عشرات الأكاديميين، وعدد لا يحصى من الطلاب في الجامعة لا يريدونك، ولكن رئيس المافيا يعتقد أنك مناسب لهذا المنصب".

وتعتبر هذه الاحتجاجات هي الأكبر منذ تظاهرات جيزي التي اجتاحت تركيا في صيف عام 2013، وكانت أيضاً نتاج رفض أردوغان العنيد أخذ المشاعر الشعبية في عين الاعتبار، وكانت في هذه الحالة بسبب خطط الحكومة لبناء مركز تجاري في حديقة جيزي، وهي مساحة خضراء نادرة في قلب إسطنبول.

وفي تلك الاحتجاجات قُتل 22 شخصاً وجُرح 8 آلاف آخرون في ما وصفته الحكومة بمؤامرة مستوحاة من الغرب للإطاحة بأردوغان. ولا تزال الإجراءات الجنائية ضد الجناة المزعومين، بمن في ذلك من الأكاديميين ونشطاء حقوق الإنسان، والمحسن المشهور عالمياً عثمان كافالا، مستمرة.

ويقول المحللون إن أردوغان حريص على إبراز أوجه التشابه بين جيزي والاضطرابات في بوغازيتشي، في محاولة لتصوير كليهما كمؤامرات.

وقال إدغار سار، المؤسس المشارك لمركز إسطنبول للأبحاث المستقلة "لطالما كان هذا الاستقطاب مفيدا لأردوغان لأنه ساعده حتى الآن على خلق أغلبية لصالحه".



إلا أنه مع ركود الاقتصاد وتعرض الحكومة لانتقادات متزايدة بسبب تعاملها مع وباء كورونا، فقد لا يكون هذا الأسلوب مفيداً بنفس الدرجة. كما أنه عكس احتجاجات جيزي، ترتكز التظاهرات الحالية على قضية واحدة.

فقد تطورت احتجاجات جيزي بسرعة لتصبح منبراً للعديد من المظالم الأخرى، وشرح سار "من الواضح أن الحكومة ترى الاحتجاجات كصراع على السلطة لا يمكنهم تحمل خسارته، لأنهم يعتبرون أي خسارة مؤشرا واضحا على ضعفهم وبالتالي بداية خسائر أخرى".

وقال إيكان إيرديمير الذي يرأس برنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن، إن "الرئيس التركي قلق بشكل خاص من أن الشباب العلماني التقي في تركيا نجح في إيجاد أرضية مشتركة في معارضة حكمه التعسفي بشكل متزايد"، مشيرا إلى مشاركة طلاب بوغازيتشي في الاحتجاجات.

في مقابلة هاتفية، قالت بلقيس ساين، وهي طالبة علم نفس تبلغ من العمر 20 عاماً وشاركت في الاحتجاجات، "الإيمان جزء مهم جداً من حياتي"، مشيرة إلى أن سبب مشاركتها في الاحتجاجات يعود إلى "الطريقة غير الديمقراطية" التي تم بها تعيين رئيس الجامعة.

وتابعت "كنت في الثانية من عمري عندما جاء أردوغان إلى السلطة، أريد أن أكون جزءا من التغيير الإيجابي، وهناك العديد من الطلاب الأتقياء الذين يشاركونني هذا الرأي".



وتزداد قاعدة الناخبين في تركيا شبابا، حيث تأتي بلقيس من عائلة مؤيدة لحزب العدالة والتنمية، إلا أنها صوتت لصالح حزب الشعب الجمهوري المعارض العلماني الرئيس عندما أدلت بصوتها للمرة الأولى في الانتخابات البرلمانية لعام 2018.

وأشار إيرديمير إلى أنه "لاحتواء هذا التهديد، سيسارع أردوغان إلى تجريم المتظاهرين، ولكنه من المرجح أن يخيب ظنه ويكتشف أن تكتيكات الاستقطاب أقل فاعلية مع الشباب الأتقياء في تركيا، الذين يتحملون تماماً مثل أقرانهم العلمانيين، وطأة البطالة التي بلغت رقماً قياسياً في صفوف الشباب، وتراجع القوة الشرائية، وهم أقل اعجابا بالانتصارات الرمزية التي يقدمها الإسلام السياسي".

إلا أن هذا لا يعني أن أردوغان يواجه أي تهديد حقيقي أو مباشر لحكمه المستمر الذي استمر 18 عاماً، حيث قال سار "المتظاهرون في بوغازيتشي ليس لديهم النية ولا القدرة على تهديد الحكومة".

وعلى الرغم من شجاعة الطلاب، بدأ الترهيب يؤثر، حيث قالت بلقيس إنها توقفت عن المشاركة في الاحتجاجات، وشرحت "صراحة، لدي الكثير من الواجبات المنزلية المتراكمة، وأنا خائفة من السجن، وأعرف العديد من الطلاب الآخرين الذين يشاركونني المخاوف نفسها".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com