رغم العلامات التحذيرية المبكرة.. انقلاب ميانمار يصدم الغرب
رغم العلامات التحذيرية المبكرة.. انقلاب ميانمار يصدم الغربرغم العلامات التحذيرية المبكرة.. انقلاب ميانمار يصدم الغرب

رغم العلامات التحذيرية المبكرة.. انقلاب ميانمار يصدم الغرب

على الرغم من ظهور العديد من العلامات التحذيرية المبكرة في الأيام الأخيرة التي تشير إلى الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكومة اونج سان سو تشي المدنية في ميانمار، إلا أن العديد من الدبلوماسيين والمحللين الذين يتابعون التطورات في ميانمار ظلوا يستبعدون سيناريو الانقلاب.
واعتقد المحللون أن السيطرة على انتشار وباء كوفيد-19 وإنعاش اقتصاد البلاد سيكونان الأولويات لكل من الحكومة المدنية والجيش، اللذين يتمتع العديد من أعضائهما بمصالح تجارية كبيرة.

ووفقا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، على الرغم من التوترات المتزايدة بين الجيش وحكومتها التي استمرت 5 سنوات، كان ينظر إلى أونج سان سو تشي على نطاق واسع على أنها مدافعة ضمنية وحليفة لجنرالات الجيش، خاصة بعد أن دافعت شخصيا عن الحملة العسكرية التي شنتها ميانمار على أقلية الروهينغيا في عام 2019 في محكمة العدل الدولية.
إلا أنه بحلول صباح اليوم الإثنين، انهارت هذه الرواية بعد أن اعتقل الجيش أونج سان سو تشي وعشرات المسؤولين الآخرين في الحكومة المركزية والمحلية من الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية واستولى على السلطة مدعيا اكتشاف "تزوير رهيب" في انتخابات العام الماضي.

فاجأ الانقلاب معظم المراقبين وألقى فجأة بأونج سان سو تشي مرة أخرى إلى الدور الذي اشتهرت به في سنواتها في المعارضة، قبل أن تشغل منصبها في عام 2016، حيث عادت لكونها زعيمة ديمقراطية مناضلة تواجه جيشا مطلق السلطة.

وقال آرون كونيلي، المتخصص في جنوب شرق آسيا في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية: "لقد أخطأ المجتمع الدولي مرارا وتكرارا في فهم ميانمار، فقد أخطأنا في مطلع الألفية الجديدة عندما اعتقدنا أن الجيش لا ينوي نقل السلطة إلى حكومة مدنية، وأخطأنا عندما وصلت أونج سان سو تشي للسلطة رغم ميولها الاستبدادية ومواقفها على إبادة الأقليات العرقية؛ ويبدو أننا أخطأنا أيضا في توقع ما يحدث الآن".
وفى يوم الإثنين، حثت زعيمة ميانمار أنصارها، عبر بيان للرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، على "رفض الانقلاب" والنزول إلى الشوارع احتجاجا.
وأنعش ذلك ذكريات ما يقرب من 5 عقود من الحكم العسكري في البلاد، وعن ماضي أونج سان سو تشي كسجينة سياسية أمضت سنوات تحت الإقامة الجبرية قبل أن تقود أول حكومة منتخبة ديمقراطيا في ميانمار منذ انقلاب الجنرال "ني وين" في عام 1962.
وقالت مو ثوزار، المنسقة المشاركة لبرنامج الدراسات في ميانمار في معهد أبحاث ISEAS-Yusof Ishak في سنغافورة: "كان المجتمع الدولي ولا يزال يعرف بالتوترات المدنية والعسكرية، لكن كان هناك اعتقاد عام بأن تحديات الوضع الراهن مثل أزمة المناخ العالمية والوباء واحتياجات الانتعاش الاقتصادي، سيكون عائقا أمام خطوة مثل الوباء".
وأضافت: "ومع ذلك للأسف، لا يبدو أن هذا المنطق ينطبق هنا".
وفي حين إن حملة الجيش القمعية ضد شعب الروهينغيا وانتقادات فشل أونج سان سو تشي في إدانتها، هيمنت على فترة ولايتها الأولى على المناقشات الدولية حول ميانمار، إلا أن الصراعات التي لم تحل مع الجيش قد تفاقمت.

وتولى الحزب الوطني للديمقراطية السلطة قبل 5 سنوات بعد انتخابات أجريت بموجب دستور عام 2008 ضمن فيه الجيش فرض الرقابة على السلطة المدنية من خلال حجز 3 وزارات حكومية ورُبع المقاعد البرلمانية لنفسه.
وتعثرت جميع الجهود التي بذلتها الحكومة سعيا وراء الإصلاحات الدستورية في البرلمان لأن الحزب لم يتمكن من حشد أغلبية الـ75% اللازمة لإجراء التعديلات.
وخلال الحملة الانتخابية في نوفمبر، بدأ حزب الاتحاد للتضامن والتنمية المدعوم من الجيش يدعي حدوث تزوير ومخالفات واسعة النطاق في الانتخابات، ورفض الاعتراف بالنتيجة التي كانت فوزا ساحقا للرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في تلك المقاعد التي سُمح لها بالتنافس عليها.
وعندما رفض الجيش الأسبوع الماضي استبعاد وقوع انقلاب، شعر البعض في ميانمار بالذعر، وحذرت السفارات الغربية والأمم المتحدة من أي محاولة لتغيير نتيجة الانتخابات.

إلا أن القائد العسكري "مين اونج هلاينغ" تراجع عن هذا التهديد يوم السبت، قائلا إن "الجيش سيلتزم بالدستور"، ولكن اليوم اتضح ما يعنيه الجيش بهذا.
وقال الجيش إن أمره يتماشى مع المادة 417 من الدستور، التي تسمح بإعلان الرئيس حالة الطوارئ لمدة عام في ظروف قد "تفكك الاتحاد أو تفكك التضامن الوطني".
وأوضح الجيش أنها ستكون هناك انتخابات أخرى وسيتم نقل السلطة إلى الحزب الفائز.
وقالت لايتيتيا فان دن أسوم، السفيرة الهولندية السابقة إلى ميانمار وعضوة اللجنة الاستشارية التابعة لكوفي نان في ولاية راخين: "كان الأمر فظيعا خلال اليومين الماضيين وأشبه بمشاهدة قطار قادم، فقد كان كل شيء واضحا في بيان يوم السبت".
وواجه المجتمع الدولي، بما في ذلك الإدارة الأمريكية الجديدة لجو بايدن اليوم الإثنين، الحاجة المفاجئة للرد على التحول المفاجئ في بلد يُنظر إليه على أنه منطقة حدودية مهمة إستراتيجيا بين الهند والصين، وتدفقت إدانات الانقلاب من البيت الأبيض وأوروبا والأمم المتحدة وأستراليا.
في حين كانت ردود فعل البلدان الآسيوية الأخرى أكثر تحفظا، وفي تايلاند المجاورة التي يقيم جيشها علاقات وثيقة مع جيش ميانمار، وصف براويت وونغسوان نائب رئيس الوزراء الانقلاب بأنه "قضية داخلية".
وقالت الهند، التي يعتبر رئيس وزرائها ناريندرا مودي حليفا لأونغ سان سو تشي، إنها "ثابتة" في دعم التحول الديمقراطي في ميانمار، وإنه يجب التمسك بسيادة القانون والعملية الديمقراطية.
ووصفت وزارة الخارجية الصينية ميانمار بأنها "جارة صديقة" وأعربت عن أملها في أن "تعالج الوضع في إطار الدستور والقانون وتحافظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي".
ومع ذلك في حين إن جيش ميانمار قد انتزع السلطة، قال المحللون إنه سيواجه مناخا دوليا لا يرحم للحكم العسكري أكثر مما كان عليه في مواجهة حملات القمع السابقة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com