شهية روسيا العسكرية تجبر جيرانها على إعادة بناء دفاعاتهم
شهية روسيا العسكرية تجبر جيرانها على إعادة بناء دفاعاتهمشهية روسيا العسكرية تجبر جيرانها على إعادة بناء دفاعاتهم

شهية روسيا العسكرية تجبر جيرانها على إعادة بناء دفاعاتهم

وسط تزايد عدائية السياسة الخارجية الروسية على مدى العقد الماضي في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، اضطرت السويد إلى تعزيز دفاعاتها في جزيرة غودلاند، حيث تتوقع أن يبدأ الغزو الروسي بهجوم الفرقة الجوية الروسية 76 بالمظلات على الجزيرة، وهي الفرقة المتمركزة عبر بحر البلطيق.

يعرف كلا الجانبين أن من يسيطر على الجزيرة يسيطر على حركة المرور البحرية عبر جنوب البلطيق.

وقال دانيال مارتيل، الرقيب في فوج غودلاند السويدي: "لن نستسلم أبداً، وهذه هي الرسالة التي نود إرسالها".

الحرب الباردة تعود إلى الشمال المتجمد

ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أدت شهية روسيا العسكرية والسياسية الواسعة لإثارة قلق البلدان على طول الحدود السابقة للاتحاد السوفييتي، من فنلندا إلى رومانيا.



أكبر مناورة للأطلسي

ونشرت منظمة حلف شمال الأطلسي أربع مجموعات قتالية، حوالي 5000 جندي، في بولندا ودول البلطيق في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا.

وفي عام 2018، استضافت النرويج أكبر مناورات عسكرية لحلف شمال الأطلسي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

ويعد رد السويد مثيرا بشكل خاص، حيث قلب عقوداً من أسلوبها الدفاعي وسياستها الخارجية، وفي حين حافظت البلاد على موقفها الحيادي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، إلا أن ستوكهولم هذه المرة تشدد علاقاتها مع واشنطن، وفي خريف هذا العام، سلط السويديون الضوء على تلك الشراكة المثيرة لغضب موسكو خلط مناورات الكوماندوز الأمريكية السويدية المشتركة التي كانت سرية في السابق.

وقالت سفيرة السويد في واشنطن "كارين أولوفسدوتر": "لم يعد بإمكاننا استبعاد شن هجوم عسكري على السويد، فهو أمر غير المرجح ولكنه ليس مستحيلا".



وفي الشهر الماضي، صرح البرلمان السويدي بأكبر زيادة في الإنفاق العسكري منذ 70 عاماً، بما في ذلك توسيع القوات المسلحة في البلاد بنسبة 50% إلى 90 ألف جندي في عام 2025 من 60 ألف جندي اليوم.

وفي عام 2018، قام الجيش بإحياء فوج غودلاند التي يعود تاريخها إلى عهد الحرب الباردة، والذي تم تعطيله في عام 2005، والآن تقوم القوات بالتدريب بانتظام لصد الغزاة الروس. ويعتزم الجيش إضافة كتيبة أخرى ووحدات مدفعية وقدرات لوجيستية إلى قواته في الجزيرة.

مراقبة أمريكية

ويتمركز فريق من القبعات الخضراء التابع للجيش الأمريكي بدوام كامل في السويد لمساعدة الحرس الوطني الذي يضم 22 ألف فرد، من المواطنين غير المتفرغين، على التخطيط للتخريب والكمائن وغيرها من العمليات لتعطيل أي محاولة احتلال.

وخلال الحرب الباردة، أبقت السويد ما يزيد على 700 ألف رجل وامرأة في الجيش، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فككت السويد الكثير من جيشها وركزت استخدام ما تبقى على عمليات حفظ السلام والمشاريع الاستكشافية وعمليات مكافحة الإرهاب في أفغانستان والعراق ومالي وأماكن أخرى، كما أجرى السويديون مناورات عسكرية مشتركة صغيرة مع الروس في أقصى الشمال.

 



ومن ثم حدثت سلسلة من التحركات التي يبدو أنها تشير إلى نية روسيا الاحتفاظ بحاجز من الدول الصديقة على طول حدودها.

أولاً، كان هناك تدخل عسكري في دولة جورجيا في عام 2008، ثم في عام 2014 استولت روسيا على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا وغمرت شرق البلاد بعملاء سريين وجنود غامضين لم يحمل زيهم الرسمي أي شارة.

والآن تقوم موسكو بمساندة زعيم بيلاروسيا، الذي واجه شهوراً من الاحتجاجات في الشوارع.

وقال يوهان لاغرلوف، رئيس الاستراتيجية والسياسة الأمنية في وزارة الدفاع السويدية: "نعتقد أنهم يمكنهم التأثير على بلد أو بلدين في وقت واحد".

هذا ويذكر أن لاغرلوف، كان ضابط مدفعية على الحدود الفنلندية، ولديه أوامر بقطع خطوط الإمداد السوفيتية إذا وقع هجوم، وهو الآن يرى الطائرات الحربية الروسية تتعدى على المجال الجوي السويدي والسفن الحربية الروسية تغامر في المياه السويدية، حيث ذكر الجيش السويدي أن سفينتين روسيتين دخلتا البحار السويدية بالقرب من جوتنبرج في سبتمبر.



وقال العميد أندرس لوفبرغ قائد قيادة العمليات الخاصة السويدية: "بات الروس أكثر استفزازا في المجال الجوي وأماكن أخرى، فالطيارين الروس يحلقون بالقرب من السفن الروسية ويحاولون التنمر على دول البلطيق الصديقة للغرب".

نوايا حسنة

ومن جانبهم ينكر الروس أي نية عدوانية وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا" في الخريف الحالي: "هذه الفوبيا المختلقة المناهضة لروسيا ترجع إلى حد كبير إلى الضغط الخارجي المتعمد على ستوكهولم، وخاصة من جانب تحالف شمال الأطلنطي".

وقالت الوزارة في بيان مكتوب: " تدهور الوضع العسكري السياسي في منطقة البلطيق الشمالية، التي كانت حتى وقت قريب من أكثر المناطق استقرارا في أوروبا، يحدث على خلفية الوجود العسكري المتزايد للناتو في المنطقة المجاورة مباشرة للحدود الروسية ".

وقال البيان إنه من وجهة نظر موسكو "لا توجد حاليا مشكلات في منطقة البلطيق الشمالية تتطلب حلا عسكريا ".

 



ودفعت روسيا بصواريخها الأرض جو إلى كالينينغراد، وهي منطقة روسية معزولة تقع بين ليتوانيا وبولندا، وفي حال الحرب، يتوقع السويديون أن يهاجم مشاة البحرية الروسية من كالينينغراد جزيرة غودلاند بعد الهجوم الجوي.

تدربت القوات الروسية على عمليات الإنزال البرمائية في أغسطس مما دفع السويديين إلى إرسال قوات جديدة إلى غودلاند، وجاء ذلك الاستعراض للقوة الروسية بعد سلسلة من المناورات البحرية المشتركة هذا الصيف بين السويد وحلف شمال الأطلسي.

استعداد سويدي

وأشار المحللون إلى أن كل الأفعال باتت مثيرة للشك، حيث غضب السويديون عندما بثت محطة تلفزيونية روسية، قبل بضع سنوات، مقطع فيديو يسخر من رجولة الجيش السويدي، الذي تم إعداده على أنغام موسيقى آبا (أشهر فرق الروك الموسيقية السويدية في فترة سبعينيات القرن العشرين).

وفي الآونة الأخيرة، تم بناء كنيسة أرثوذكسية روسية بالقرب من المطار في فاستيراس السويدية، وتساءل جودرون بيرسون الخبير في شؤون روسيا في وكالة أبحاث الدفاع السويدية: "ماذا تفعل ذلك على مقربة من موقع حساس عسكريا؟".

احتلت روسيا غودلاند لفترة وجيزة في عام 1808 خلال الحرب الفنلندية مع السويد، وسرعان ما فرت كتيبة روسية من حوالي 2000 رجل أمام قوة سويدية أكبر.



ومع ذلك، في نهاية الحرب، كانت روسيا قد فصلت فنلندا عن شرق السويد، وأضافت دوقية فنلندا الكبرى إلى إمبراطوريتها.

والآن، مع تقلص الغطاء الجليدي نتيجة تغير المناخ في القطب الشمالي، تطالب روسيا بطرق الشحن الرئيسية على طول ساحلها الشمالي.

خطط حرب مشتركة

وردا على عودة روسيا إلى الظهور في المنطقة، بدأ السويديون يعيدون الخطط العسكرية التي تعود للحرب الباردة إلى الطاولة وأعادوا تطبيق نظام التجنيد.

وتعتبر السويد عضوا في الاتحاد الأوروبي، ولكنها ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة.

في حين تنتمي النرويج وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا إلى التحالف، الذي يعتبر فيه الهجوم على عضو واحد هجوما على الجميع، ويذكر أن فنلندا ليست جزءاً من التحالف.

ولا تعتبر عضوية حلف شمال الأطلسي خيارا متاحا للسويد، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن ستوكهولم تعرف أن الروس سيرون في هذه الخطوة تهديداً عميقاً.

ومع ذلك وقعت ستوكهولم سلسلة من اتفاقيات التفاهم الدفاعية مع الولايات المتحدة والنرويج وفنلندا في السنوات الأخيرة، ولدى السويديين والفنلنديين خطط حرب مشتركة احتياطية.



ويتوقع فوج غودلاند وجنود الحرس الوطني المحليون وقوة الكوماندوز الصغيرة في السويد اللجوء إلى أساليب حرب العصابات ضد أي محتل.

ولذلك يبقي العديد من جنود الحرس الوطني الكلاب العاملة والأسلحة في المنزل، وخلال أحد أيام العام، يرتدي الأعضاء زيهم الرسمي في وظائفهم المدنية لتذكير الجمهور بدورهم في الاستجابة للتهديدات الأمنية.

وفي عام 2018، أرسلت الوكالة السويدية للطوارئ المدنية إلى كل أسرة في البلاد كتيبًا من 20 صفحة بعنوان "إذا جاءت الأزمة أو الحرب".

مجتمع عسكري

ويشارك كل المجتمع السويدي، من أفراد إلى شركات إلى البنك المركزي، في التدريبات الدفاعية. وتحث الحكومة المدنيين على تخزين غذاء وماء كافي لأسبوع على الأقل، للطوارئ.

وحتى الأميرة فيكتوريا، وريثة العرش السويدي، أكملت التدريب العسكري الأساسي في عام 2003، وغالبا ما يتم تصويرها وهي ترتدي زي التمويه في زياراتها لوحدات الجيش، أو تمسك ببندقية في أحد ميادين التدريب البحرية أو تساعد الكوماندوز على تفجير طريقهم إلى مبنى.

ويرى السويديون أن إستراتيجيتهم هي أفضل فرصة أمام مقاومة التكتيكات التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا، والتي تتضمن مزيج من التضليل والهجمات الإلكترونية والضغط الاقتصادي والعمليات العسكرية السرية والحرب بالوكالة من خلال الميليشيات المحلية الموالية لموسكو.



وقال الجنرال لوفبرغ: "نود إرسال رسالة مفادها أنه إذا كان أي شخص يفكر في محاولة مهاجمة السويد بأي شكل من الأشكال، فعليه أن يدرك أن القوات الخاصة السويدية ستبذل قصارى جهدها للمقاومة وجعل حياته بائسة، وسنفعل ذلك وحدنا أو مع شركاء".

ولعدة أسابيع هذا الخريف، عمل فريق أمريكي من القبعات الخضراء مع الحرس الداخلي في غودلاند للتدريب على عمليات المقاومة، وهي خطة تعتمد بقدر كبير على معرفة الجنود بالمنطقة.

وفي أحد سيناريوهات التدريب، قام جندي من الحرس الوطني باستغلال شبكته من الأصدقاء والعائلة للعثور على عدو متسلل وهمي، وابلغ شقيق الجندي عن طريق الهاتف المحمول أن العدو يختبئ في الفناء الخلفي.

وقال الكولونيل ماتياس أردين قائد فوج غودلاند: "على الأقل سيكون لدينا دفاع، ولن نكون مثل شبه جزيرة القرم".

تحذير روسي

ومن جانبها تحذر موسكو السويد بشكل دوري من التقرب من الغرب، وقال وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف في مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع نظيره السويدي في موسكو في وقت سابق من هذا العام: "التهديدات والمخاطر تتصاعد، وهناك خطط غير مسبوقة لدى حلف شمال الأطلسي للتحرك نحو حدودنا وإشراك دول محايدة مثل السويد وفنلندا في مناوراته العسكرية".

وإلى جانب الزيادة في القوات، اشتملت خطة الدفاع السويدية تعزيز الإنفاق العسكري السنوي بأكثر من 3 مليارات دولار، أي زيادة قدرها 40% في السنوات الخمس المقبلة.



وقال كينيث هويري، السفير الأمريكي في ستوكهولم: "إن إستراتيجيتهم المعلنة هي الصمود لأطول فترة ممكنة على أمل وصول المساعدة".

وفيما يبدو كتحول جذري بعيدا عن السرية السابقة، سمحت القوات المسلحة السويدية في خريف هذا العام لصحيفة وول ستريت جورنال بمراقبة جوانب المناورات المشتركة التي استمرت أسبوعين بين القوات الخاصة السويدية وقوات الكوماندوز الأمريكية من قيادة العمليات الخاصة الأمريكية والتي تتخذ من مدينة شتوتغارت الألمانية مقرا لها.

مناورات بمشاركة أمريكية

وقد جرت أولى مناورات الكوماندوز من هذا النوع في عام 2018، ومثل الولايات المتحدة فريق مكون من 12 رجلا من القبعات الخضراء، وفي هذا العام، جلبت الولايات المتحدة القبعات الخضراء، ومدمرة مسلحة بصواريخ موجهة تابعة للبحرية، وطائرات مقاتلة، ومروحيات متطورة، وطائرة للتزود بالوقود جوا، وطائرات نقل، وسفينة بحرية، وقوارب هجومية ساحلية عالية السرعة، ومغاوير القوات الجوية المدربين على الغارات الجوية.

وحلقت مروحيات أمريكية ومقاتلات أمريكية وسويدية في تشكيل وثيق عبر بحر البلطيق إلى إستونيا، حيث حلت الطائرات الألمانية محل المرافقين السويديين، وخططت الطائرات الحربية الأمريكية لإسقاط القنابل على مجال للرماية العسكرية في إستونيا، الجمهورية السوفيتية السابقة التي تحولت إلى عضو في حلف شمال الأطلسي، ولكن الطقس اضطرها إلى إلغاء العرض.

وقال ضابط أمريكي شارك في التدريب إن السويديين: "أدركوا أن الهدوء وعدم الإعلان عن القدرات ليس له قيمة رادعة".

وخلال إحدى التدريبات، حلق فريق من القوات الخاصة الأمريكية على متن مروحية من إستونيا إلى قاعدة موسكو، وهي قاعدة بحرية سويدية بُنيت في شبكة واسعة من الأرصفة والأنفاق تحت الأرض، من أجل لقاء قوات الكوماندوز السويدية وجنود الحرس الوطني.



 

وعلى مدى عدة أيام، سافروا على الطرق الخلفية في مركبات مدنية وأبحروا على ساحل أرخبيل ستوكهولم في زوارق دورية عالية السرعة وتدربوا على مطاردة سفينة قيادة وتحكم تابعة للعدو، وتفادي الدوريات وفرق بحث العدو البحرية.

ورصدت قوات الكوماندوز السويدية والأمريكية سفينة العدو التي رست في ميناء مدني واستدعت ضربة صاروخية وهمية من المدمرة يو إس إس روس، وانتشل جنود الحرس الوطني السويدي الأمريكيين على متن قارب وأخفوهم في كوخ إلى أن وصلت مروحية أمريكية.

وقال الجنرال لوفبرغ، قائد القوات الخاصة السويدية، للجنرال ريتشارد كلارك، قائد قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، خلال اجتماع مغلق: "إنه ليس مجرد تمرين آخر، نحن قلقون".

وفي غودلاند، يدرب القادة العسكريون السويديون الموظفين والسائقين ومشغلي الراديو وجنود الإمدادات وموظفي المكاتب على القتال واستخدام الذخيرة الحية، وتتضمن التدريبات التحرك عبر الغابات لتدمير المركبات المدرعة للعدو وقتل مظلي العدو.

وقال المقدم أولف هامبرغ، قائد الكتيبة الأولى في فوج غودلاند: "الجميع سيحارب".

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com