كيف تساعد شركات التكنولوجيا الكبرى الصين في التجسس على العالم؟‎
كيف تساعد شركات التكنولوجيا الكبرى الصين في التجسس على العالم؟‎كيف تساعد شركات التكنولوجيا الكبرى الصين في التجسس على العالم؟‎

كيف تساعد شركات التكنولوجيا الكبرى الصين في التجسس على العالم؟‎

في العام 2017، عندما بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حربه التجارية على الصين، اشتعلت معركة أخرى خلف الكواليس، حيث كان الصراع المتأجج الذي دام عقدًا من الزمان على المعلومات بين وكالات الاستخبارات الصينية والأمريكية يتصاعد، مدفوعًا بطموحات بكين التي تزداد جرأة، وقناعة الشخصيات الرئيسة في الإدارة الجديدة في واشنطن بأن الصين تمثل تحديًا اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا وطنيًا على نطاق لم تواجهه الولايات المتحدة منذ عقود.

وكانت بكين تعطي منتقديها في الولايات المتحدة الكثير من الذخيرة، وفي نفس العام، دبّر القراصنة الذين يعملون في جيش التحرير الشعبي الصيني خرقًا واسع النطاق لـ "إكويفاكس"، إحدى أكبر شركات الإبلاغ الائتماني في الولايات المتحدة.

بيانات مذهلة

وحصل القراصنة المرتبطون بالجيش الصيني على كمية مذهلة من البيانات الشخصية، بما في ذلك: أرقام الضمان الاجتماعي، وعناوين المنازل، وتواريخ الميلاد، وأرقام رخص القيادة، ومعلومات بطاقة الائتمان، وسرقوا بيانات ما يقرب من 145 مليون أمريكي خلال الاختراق.

ووفقًا لمجلة "فورين بوليسي" البريطانية، ربما كانت سياسات إدارة ترامب تجاه الصين الأكثر عداءً بين رئاسات الولايات المتحدة منذ ذروة الحرب الباردة خلال الستينيات، ولكن حتى داخل هذه الإدارة انقسمت مجموعة كبار المستشارين الصينيين.



وتذكر روبرت سبالدنغ، الذي شغل منصب المدير الأول في مجلس التخطيط الإستراتيجي حتى أوائل العام 2018. "في السنة الأولى من عهد ترامب في مجلس الأمن القومي، كنا نتجادل ونناقش اتجاه سياسة الصين، ولكن البيئة تحولت في العام 2018، بعد ظهور إستراتيجية الأمن القومي للإدارة الأمريكية، وقرار تصعيد الحرب التجارية، ورحيل سوزان ثورنتون، أكبر مسؤولة في السياسة الآسيوية في وزارة الخارجية".

وأشار سبالدنغ إلى أن "ثورنتون" أحبطت محاولات مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل لاتخاذ موقف أكثر عدوانية بشأن مساءلة الصين قضائيًا.

ورقة مساومة

إلا أن بعض المنتقدين رأوا أن المبررات المتغيرة للإدارة الأمريكية قوضت مصداقيتها بشأن الصين وقضايا التكنولوجيا، حيث أشار عدد من مسؤولي إدارة ترامب إلى تهديدات الأمن القومي التي تشكلها شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة، في حين أشار آخرون أبرزهم ترامب نفسه، إلى أن وصول هذه الشركات إلى السلع والأسواق الأمريكية كان ورقة مساومة في الحرب التجارية الجارية.

وكادت شركة "زد تي إي"، وهي شركة اتصالات صينية كبرى، تطرد من البلاد بعد أن منعت الإدارة الأمريكية الموردين الأمريكيين من العمل معها، مستشهدة بمخاوف الأمن القومي، حتى منح ترامب الشركة مهلة، كجزء من المفاوضات المتعلقة بالتجارة مع الزعيم الصيني شي جين بينغ.

وقال ترامب في تغريدة في مايو 2018:"إنني وشي رئيس الصين، نعمل معًا لإعطاء شركة الهاتف الصينية الضخمة زد تي إي، وسيلة للعودة إلى العمل، وبسرعة، حيث خسرت الصين الكثير من الوظائف، وقد صدرت تعليمات لوزارة التجارة لإنجاز ذلك!".

هواوي

وتكبدت شركة هواوي، أكبر شركة لمعدات الاتصالات في العالم، الكثير من الخسائر، وفقدت زخمها بعد أن طرح الرئيس طلب تسليم ضد مسؤول تنفيذي من هواوي تم القبض عليه في كندا بتهمة التهرب من العقوبات مقابل تخفيف القيود التجارية.

وتحول مسؤولو الإدارة من التلميح إلى الأنشطة الخبيثة الحالية للشركة نيابة عن أجهزة التجسس في الصين إلى التأكيد على التهديد الذي قد تشكله في المستقبل، إذا احتكرت الكثير من البنية التحتية للاتصالات في العالم.

ويعد ذلك مصدرًا منطقيًا للقلق، حيث لطالما كانت الصناعة الصينية تابعة للدولة الحزبية أو متشابكة معها، على الرغم من أن أصول هذه الروابط غالبًا ما تكون غامضة.

فقد كان جيش التحرير الشعبي لاعبًا مهيمنًا في الشركات الصينية لعقود، حيث كان يمتلك شركات، ومستشفيات، ومصانع للواقي الذكري، وقد حاول الحزب الشيوعي الصيني نفسه مرارًا وتكرارًا سحب الاستثمارات من الجيش لمحاربة الفساد.



إلا أن العلاقة بين أجهزة الاستخبارات والشركات الصينية أصبحت أقوى، كما يقول مسؤولون أمريكيون، وفي العام 2017، وفي ظل سلطوية شي المتزايدة، أصدرت بكين قانونًا جديدًا للاستخبارات الوطنية يجبر الشركات على العمل مع وكالات الاستخبارات والأمن الصينية كلما طُلب منها القيام بذلك، وهي خطوة قال مسؤول كبير سابق في وكالة الاستخبارات المركزية إنها قننت"ما كان يحدث بالفعل منذ سنوات عديدة مضت، على الرغم من أن الفساد كان قد خفف من حدته".

خطة محكمة

وفي السنوات الأخيرة من إدارة أوباما، وجه مسؤولو الأمن القومي وكالات التجسس الأمريكية إلى تكثيف جمعها للمعلومات الاستخباراتية حول العلاقة بين الدولة الصينية والشركات الصناعية العملاقة الخاصة في الصين، ومع حلول عهد ترامب، كان هذا الجهد قد أثمر، حيث قامت أجهزة الاستخبارات الأمريكية بتجميع أدلة ضخمة حول التنسيق بين الاثنين، بما في ذلك عمليات نقل البيانات ذهابًا وإيابًا بين الشركات الصينية الخاصة ظاهريًا وأجهزة الاستخبارات في البلد.

ووفقًا لمسؤولين سابقين في الأمن القومي في الولايات المتحدة، كان هناك دليل على أن هناك تعاونًا وثيقًا بين القطاعين العام والخاص "بشكل يومي"، وقال أحد المصادر إن"هذه الكيانات التجارية هي الجناح التجاري للحزب، وهي بالطبع تتعاون مع أجهزة الاستخبارات لتحقيق أهداف الحزب".

وقال ويليام إيفانينا، المسؤول الأول في مكافحة التجسس في الولايات المتحدة، إن وصول بكين إلى البيانات المسروقة والمجمعة يعطي الصين فرصًا هائلة لاستهداف الناس في الحكومات الأجنبية والصناعات الخاصة وغيرها من القطاعات في جميع أنحاء العالم، بهدف جمع معلومات إضافية يريدونها، مثل الأبحاث أو التكنولوجيا أو الأسرار التجارية أو المعلومات السرية.

وأضاف إيفانينا:"شركات التكنولوجيا الصينية تلعب دورًا رئيسًا في معالجة هذه البيانات الهائلة وجعلها مفيدة لأجهزة المخابرات".

وفيما يرقى إلى تكليفات بمهمات استخباراتية، تطلب أجهزة التجسس الصينية من الشركات الخاصة التي لديها قدرات تحليل البيانات الضخمة معالجة مجموعات هائلة من المعلومات، الناتجة عن الاختراقات، مثل الاختراق الهائل لمكتب إدارة شؤون الموظفين في الولايات المتحدة (OPM)، التي لها قيمة استخباراتية، وفقًا لمسؤولين حاليين وسابقين، قبل إرسال هذه البيانات مرة أخرى بعد المعالجة إلى كيانات الدولة الصينية.

وقال موظف استخباراتي أمريكي بارز:"لدى الصين شركات كبرى مثل "علي بابا" و"بايدو" التي يمكن إرسال البيانات إليها لمعالجتها وتحليلها قبل استردادها".



ويقول مسؤولون أمريكيون إن وكالات التجسس في بكين، يمكنها معالجة كميات هائلة من المعلومات بسرعة للعثور على أهداف رئيسة من قيمة الاستخبارات، من خلال استخدام الشركات الصينية الخاصة، للمساعدة في تحديد عميل سري لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية من خلال التحقق من معلومات السفر في بسرعة لدى مصادر أخرى جمعها أمن الدولة الصينية.

ويقول المسؤولون إنه من خلال الاستعانة بمصادر خارجية لأداء هذه المهمات المكلفة، ومعالجة البيانات في شركات خاصة، يمكن لوكالات الاستخبارات الصينية استغلال القدرات التجارية على نطاق لا تمتلكه وحدها أو لا تريد بناءه داخليًا، ومن جانبها لم ترد "علي بابا" أو "بايدو" على طلبات التعليق.

علاقات وثيقة مع الحكومة

إلا أن هذا التعاون لم يكن سلسًا دائمًا، حيث قال مسؤول تنفيذي سابق في إدارة مكافحة التجسس الأمريكية:"الشركات الخاصة رهائن في الصين، ومع ذلك تحدث المشاجرات، وفي بعض الأحيان، كان مسؤولو الاستخبارات الأمريكية يسمعون أنباء عن غضب الموظفين في الشركات الصينية من العمل الإضافي الذين يضطرون للقيام به نيابة عن الاستخبارات الصينية، ولكنهم كانوا مضطرين للامتثال".

وقال المسؤول الكبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية:"جميع الشركات الصينية الكبرى استفادت من معرفة كيف لا تكون أكبر من أن تتحدى الحزب، فكل الشركات تخضع للحزب في نهاية المطاف".

وقالت إلسا كانيا، الخبيرة الصينية وزميلة في مركز الأمن الأمريكي الجديد، إن العديد من شركات التكنولوجيا الصينية"ربما ترغب في أن تكون شركات تكنولوجيا عادية، ولا تريد التعامل مع هذه المؤسسات الاستخباراتية، فمعظم شركات التكنولوجيا الصينية لا تختلف عن نظيراتها في وادي السليكون الأمريكي، ولكن الفرق هو أنهم يحاولون العمل ضمن نظام يتطلب توثيق العلاقات مع الحكومة، ويواجهون إمكانية الانتقام في حال تجاوز حدودهم".

وتقلق الشركات الصينية من الحديث عن مثل هذه العلاقات، وهم ينفون علنًا، خاصة باللغة الإنكليزية، أي صلة لهم بجهاز الاستخبارات أو الجيش في بكين، وتدعي هواوي، التي واجهت موجة من الاتهامات حول هذه الروابط، أن مُلاكها هم الموظفون، وهو أمر غير معقول، ولكن داخل الصين، تقر هذه الشركات بولائها للحزب، وتعلن استعدادها لمساعدة الأجهزة الأمنية.



وتربط بعض الشركات علاقات أعمق بالاستخبارات من أخرى، فعلى سبيل المثال، قال المسؤول الكبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إنه بناء على "تقارير ذات ثقة عالية"، خلصت وكالة الاستخبارات المركزية إلى أن شركة التكنولوجيا الصينية تينسنت، التي تدير خدمة الرسائل "وي شات" الشعبية، تلقت تمويلًا من وزارة أمن الدولة الصينية في وقت مبكر من تأسيسها.

وقال المسؤول السابق إن المنظمة، وهي وكالة الاستخبارات المدنية الرئيسة في الصين، قدمت لتينسنت استثمارًا مبكرًا، عندما كانت تحاول بناء جدار الحماية العظيم وتكنولوجيا المراقبة".

ومن جانبها قالت تينسنت:"هذا غير صحيح على الإطلاق، فتاريخنا كشركة ناشئة معروف جيدًا، حيث مول الشركة أولًا مؤسسونا، ومن ثم مجموعة التنمية الصناعية، وشركة PCCW، ونحن شركة عامة تتميز بشفافة الملكية منذ أكثر من 16 عامًا."

وقال المصدر إن التعاون ازداد عندما أصبح وي شات منتشرًا، حيث طلبت الاستخبارات مراقبة بعض الأمور وحظرها عند الضرورة.

وأضاف:"لا تعد تينسنت أو مؤسسها "بوني ما" ذراعين للاستخبارات، ولكن عندما تطلب أجهزة الأمن في الصين المساعدة، عليهم تقديمها".

التجسس الاقتصادي

وأفاد أن التجسس الاقتصادي الذي يتم من خلال وكالات التجسس الصينية البلاد لسنوات عديدة، حيث تتدفق البيانات التي اخترقتها أجهزة الاستخبارات الصينية أو سرقتها بشكل آخر إلى القطاع الخاص لمنح الشركات الصينية أفضلية في المنافسة العالمية.

وفي حين أن سرقة الملكية الفكرية شائعة في الصين، خاصة في القطاع الخاص، لعبت الدولة دورًا رئيسًا في التجسس الصناعي.

وأصبحت الشركات الأمريكية، بعقودها الحكومية والعسكرية الضخمة، أهدافًا جذابة في عصر الإنترنت، وقال شون كانوك، الذي شغل منصب ضابط الاستخبارات الوطنية الأمريكية للقضايا الإلكترونية في الفترة من 2011 إلى 2016:"من المعروف جيدًا أن هناك تدفقًا للمعلومات من وكالات الاستخبارات الصينية إلى كيانات القطاع الخاص".

وقال ستيف ريان، نائب المدير السابق لمركز عمليات التهديد التابع لوكالة الأمن القومي:"في العام 2000 لاحظ المسؤولون الأمريكيون عمليات إلكترونية صينية تهدف إلى اختراق مقاولي الدفاع الأمريكيين، وهو أمر بات يحدث بشكل منتظم بداية من العام 2006".

وأضاف:"كان الصينيون يسرقون القاعدة الصناعية الدفاعية في مجالات معينة للحصول على بعض التكنولوجيا، ثم كنا نراهم يكوّنون شركة تتسبب في إفلاس شركة الولايات المتحدة، لقد رأينا ذلك المرة تلو الأخرى".

وأصبحت هذه التوغلات الإلكترونية في كل مكان، حيث نجح قراصنة الدولة الصينية في اختراق شبكات المقاولين لقيادة النقل الأمريكية في البنتاغون 20 مرة في عام واحد، وذلك وفقًا لتقرير لجنة الخدمة المسلحة في مجلس الشيوخ العام 2014.



وفي العام 2018، نجح عملاء صينيون في اختراق مقاول في البحرية الأمريكية، وسرقة معلومات حساسة للغاية تتعلق بتطوير صواريخ الغواصات.

وكان المسؤولون الأمريكيون يشاهدون بينما طرحت الصين طائرات مقاتلة جديدة، وأنظمة أسلحة أخرى منسوخة من التصاميم الأمريكية المسروقة، وباستخدام قدراتهم التقنية الخاصة في التجسس، لاحظ مسؤولو الاستخبارات الأمريكية أيضًا نقل معلومات مخترقة من مراكز البيانات التي تسيطر عليها وكالات الاستخبارات الصينية إلى شركات دفاع صينية شبه خاصة وشبه عامة.

تعاون أحادي الاتجاه

وقال مسؤول كبير سابق في وكالة الأمن القومي إنه قبل سنوات، كانت هذه البيانات المسروقة تبقى مع الشركات الصينية لمساعدتها على التنافس، حيث كانت بمثابة "هدية يجب استخدامها على نحو فعال" من الاستخبارات الصينية لشركائها في قطاع الدفاع.

إلا أن هذا النموذج السابق للتعاون كان أحادي الاتجاه، حيث تم نقل البيانات من جواسيس الصين إلى قاعدتها الصناعية الخاصة، كجزء من سباق بكين للتكافؤ التكنولوجي مع واشنطن.

إلا أن استخدام التكتلات الصينية الخاصة لمعالجة البيانات الاستخباراتية يمثل مرحلة تطور جديدة في هذه العملية، وفقًا لمسؤولين أمريكيين، وقال مسؤول الأمن القومي السابق في عهد ترامب:"الشركات التي يستخدمونها تصور نفسها على أنها شركات كبيرة ومشروعة ومتعددة الجنسيات ولها بصمة واسعة".

وقال رايان:"هؤلاء ليسوا مجرد مقاولي دفاع صغار يعملون داخل الصين، بل شركات عالمية كبرى ولها فروع في جميع أنحاء العالم، واستخدام الصين لكيانات القطاع الخاص فيها لا يعزز جمع معلوماتها الاستخباراتية فحسب، بل أيضًا معالجتها".

وقال مسؤولون أمريكيون إن هناك قيودًا قانونية ومعايير ثقافية رئيسة تمنع وكالات التجسس الأمريكية من إجبار الشركات الأمريكية على معالجة ثمار التجسس الإلكتروني؛ لذلك توجَّب على هذه الوكالات بناء قدراتها الخاصة لتحليل البيانات، فعلى سبيل المثال، لا يمكنهم الاستيلاء على قوة معالجة البيانات للشركات الأمريكية الخاصة لمساعدتهم على خلق صورة مركبة لما يعرفه الصينيون، عن موظفي الحكومة الأمريكية استنادًا إلى الاختراقات السابقة لبكين".

ومع ذلك، كان توليف قواعد البيانات هذه أولوية للمسؤولين الأمريكيين، الذين عملوا على التوصل لبعض ما يعتقدون أن الصينيين يملكونه على الأقل، وفقًا لثلاثة مسؤولين كبارًا حاليين وسابقين.

ويمكن أن تكون هذه عملية شاقة، حيث قال المسؤول الاستخباراتي الكبير الحالي:"لقد استغرقنا بعملية معالجة معلومات خرق OPM الكثير من الوقت".

وعندما حلل المسؤولون الأمريكيون في نهاية المطاف كل هذه البيانات، كانت الصورة التي ظهرت حول ما كان يعرفه الصينيون في الواقع غير سارة، حيث قال المسؤول الاستخباراتي الرفيع المستوى إن تقارير الاستخبارات الأمريكية حول هذا الموضوع كانت "مثيرة للقلق والاشمئزاز".



وقال مسؤول أمريكي حالي:"عند النظر إلى خرق "إكويفاكس"، وماريوت، يتضح انهم يعرفون عنا كل شيء"، في إشارة إلى سلسلة من الخروقات للشركات الأمريكية التي ارتكبها قراصنة صينيون.

وأضاف:"نحاول باستمرار التوصل إلى ما يعرفونه عن الأمريكيين الذين قد يكونون أهدافًا للجواسيس الصينيين، ثم نجمع ذلك بالاستخبارات التي نجمعها للتوصل إلى أهدافهم، حتى نستطيع إنتاج ملخصات دفاعية لهذه الأهداف المحتملة، وبات هذا هو نموذج عملنا الجديد الآن".

نموذج جديد

ويخشى المسؤولون في عهد ترامب من أن الصين تقوم باختبار "نموذج عمل جديد" أيضًا، فخلال السنوات القليلة الأولى من إدارة ترامب، تم تداول محادثات في مجلس الأمن القومي، وداخل وكالات الاستخبارات الأمريكية حول كيفية سعي الصين إلى تحقيق الأمن من خلال جمع البيانات (تحديد الجواسيس الأمريكيين) ربما يكون قد خدم أهدافها الاقتصادية الأكبر، وفقًا لمسؤول الأمن القومي السابق في عهد ترامب.

وقال المصدر إن فهمنا للمنطق الصيني لا يزال قد التطوير نسبيًا في هذا المجال، ولكن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن الصين قد تستفيد من المعلومات الشخصية المسروقة لمحاولة تقويض الاقتصاد الأمريكي، من خلال وضع الشركات تحت الضغط المالي في قطاعات الأعمال ذات الأهمية الإستراتيجية، حتى لو لم تقم هذه الشركات بأعمال سرية.

ويقول المسؤولون إن مجموعات البيانات هذه قد تستخدم أيضًا لإفادة الشركات الصينية بطرق أخرى، حيث قال كانوك، المسؤول السابق في مجال الاستخبارات الذي يركز على الإنترنت في الولايات المتحدة:"إذا كنت أتطلع إلى توسيع سلسلة فنادق أو التوسع في سوق السفر الدولي، فإن وجود سجلات عملاء يونايتد إيرلاينز أو ماريوت أو الخطوط الجوية الأمريكية يمكن أن يوفر للشركات الصينية أفضلية واضحة، خاصة فيما يخص دراسات الجدوى وأبحاث السوق".

وقال كانوك إنه بالمثل يمكن لاختراق شركة أنثيم أن يعطي الشركات الصينية رؤى واضحة عن سوق الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.

ويقول المسؤولون إنه يمكن استخدام مجموعات البيانات الضخمة كمدخلات لبناء خوارزميات أفضل لبرامج الذكاء الاصطناعي.

تحديات أمام بايدن

وفي حين أن بعض هذه البيانات المسلحة يمكن أن يستمد من الاختراقات، أعرب المسؤولون في عهد ترامب عن قلقهم أيضًا من أن محاولة بعض الشركات الصينية الاستثمار في الشركات الأمريكية كانت تهدف إلى السيطرة على البيانات الموجودة في حيازة الشركات الأمريكية، والتي يمكن بعد ذلك نقلها إلى أجهزة الاستخبارات الصينية.

ويقول مسؤولون إن زيادة استخدام إدارة ترامب للجنة الاستثمار الأجنبي في عملية الولايات المتحدة لمنع عمليات الاستحواذ على بعض الشركات الأمريكية من قِبل الشركات الصينية كانت مدفوعة جزئيًا بهذه المخاوف.

ومن المتوقع أن يكون التعامل مع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين هو التحدي الأصعب في مجال السياسة الخارجية لإدارة بايدن المقبلة، ولكن في نفس الوقت قد تكون الصين هي العدو الذي يلم شمل الحزبين المتحاربين في الولايات المتحدة.

وبالنسبة لمسؤولي الأمن القومي الأمريكيين، فإن المخاوف العميقة بشأن علاقات الحكومة الصينية مع شركات القطاع الخاص التي تنتشر عبر جميع أنحاء العالم، بما في ذلك شركات الاتصالات العملاقة مثل هواوي، ومنصات التجارة الإلكترونية الضخمة مثل علي بابا، والشركات العملاقة في مجال التواصل الاجتماعي مثل ByteDance، التي تدير منصة تيك توك، ستؤثر بشكل متزايد على العلاقة بين الولايات المتحدة وبكين.



ومدفوعًا بالمخاوف من عدم الاستقرار الداخلي، والتهديدات الخارجية لحكمه، قرر الحزب الشيوعي الصيني أن أمن البيانات جزء لا يتجزأ من أمن النظام، ولكن هذه الإستراتيجية تخلق بعض التوترات الداخلية لبكين، وقال محلل استخباراتي كبير سابق:"يتطلب نظام الأمن السيبراني الصيني اليوم بابًا خلفيًا للوصول إلى كل شركة وفرد في الصين، وهم على استعداد للاعتراف بأن هذه الأبواب الخلفية يمكن أن تمكن المهاجمين من سرقة البيانات، وقد تقلل من الأمن السيبراني للشركات".

إلا أنه يبدو أن هذه مقايضة مقبولة لقادة الصين حتى الآن، على الرغم من أن هذه السياسات قد تؤدي للفصل الاقتصادي عن الولايات المتحدة، أهم شريك تجاري للصين، وذلك على الرغم من أن هذا الانفصال قد يؤدي في حد ذاته إلى زعزعة الاستقرار الداخلي في الولايات المتحدة.

وفي تلك الأثناء، يستمر التقارب بين الاستخبارات الصينية والصناعة الصينية في التزايد، وقال محلل بارز في المخابرات السابق:"هذا بلد له وجود مهيمن على شركاته الخاصة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com