ما هي خيارات ترامب تجاه "التمرد" الإسرائيلي على صفقة القرن؟
ما هي خيارات ترامب تجاه "التمرد" الإسرائيلي على صفقة القرن؟ما هي خيارات ترامب تجاه "التمرد" الإسرائيلي على صفقة القرن؟

ما هي خيارات ترامب تجاه "التمرد" الإسرائيلي على صفقة القرن؟

تشير غالبية المواقف والتصريحات التي صدرت خلال الأيام الأخيرة، وعكستها وسائل الإعلام في دولة الاحتلال، إلى أن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في كانون الثاني/ يناير الماضي، لم تعد قائمة من النواحي العملية، لأن ما يرنو الاحتلال لتطبيقه في الضفة الغربية هو "صفقة قرن إسرائيلية"، تختلف عن الطرح الأمريكي.

وتُفرغ إسرائيل الصفقة الأمريكية من مضمونها تباعا، مع تزايد الأصوات الرسمية وشبه الرسمية التي ترفض تماما إقامة دولة فلسطينية، أو الدخول في مفاوضات مع السلطة، وأخيرا لا تعترف بالخرائط الأمريكية التي شارك في إعدادها خبراء إسرائيليون، كان من بينهم رئيس الكنيست الحالي ياريف ليفين.

وكانت الإدارة الأمريكية قد طالبت الحكومة الإسرائيلية بـ "إبطاء" وتيرة تنفيذ مخطط الضم، بينما تواجه هذه الحكومة هجوما لم تتوقعه من قبل شركاء اليمين واليمين المتطرف، على أساس أنه لا يمكن تنفيذ الصفقة الأمريكية بصيغتها الحالية.

محللون يرون أن نتنياهو لا يمتلك خيارا آخر سوى طرح مسألة الضم للتصويت أمام الكنيست في تموز/ يوليو المقبل، وإلا ستكون النتيجة غير المباشرة هي الذهاب إلى انتخابات جديدة.

بنود غير مقبولة

وعلى خلفية المخاوف التي تنتاب مستوطنين يهوداً، يقطنون جيوبا استيطانية متفرقة، والحملات التي يقودها رؤساء المجالس الاستيطانية بالضفة الغربية المحتلة، بشأن الخرائط التي حددتها صفقة القرن الأمريكية، والتي ستترك بعض الجيوب الاستيطانية الصغيرة خارج نطاق سيطرة الاحتلال، خرج وزير شؤون القدس والتراث، الحاخام رافي بيرتس، يوم الجمعة، بتصريحات جاء فيها أن "صفقة القرن الأمريكية تتضمن بنودا لا يمكن قبولها".

ويأتي موقف بيرتس، زعيم حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف، ليضفي الصفة الرسمية على الحملات شبه الرسمية التي تطالب بـ "اجتزاء" خطة الرئيس الأمريكي ترامب، إذ أكد أنه "مع أن إسرائيل أمام فرصة تاريخية، لكنها لن تقبل إقامة دولة فلسطينية، ولن تقبل تجميد البناء في المستوطنات"، أي تلك التي تقع خارج حدود سيطرة الاحتلال وفقا للخرائط الأمريكية، التي شارك خبراء إسرائيليون في إعدادها مؤخرا.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عبر موقعها الإلكتروني، أمس الجمعة، تصريحات الوزير الإسرائيلي، الذي عاد ليؤكد أن خطوة إعلان تطبيق السيادة على مناطق بالضفة سترى النور في تموز/ يوليو المقبل، لكنه شدد على أن خطة ترامب "تضم بنودا لا يمكن قبولها"، أي أن الاحتلال يتحدث الآن عن "صفقة القرن الإسرائيلية"، تختلف عن تلك التي طرحتها واشنطن قبل خمسة أشهر.



لا دولة جديدة

وأشار بيرتس إلى أن إسرائيل "تقف عند نقطة تحول تاريخية، إن صفقة القرن تحمل بين طياتها فرصة كبيرة، فرصة تطبيق سيادتنا على يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، إننا نحلم بذلك منذ تحرير هذا الإقليم عام 1967"، على حد تعبيره.

وتابع أن الرئيس الأمريكي يعد صديقا حقيقيا لإسرائيل، وقال: "أثق أن نواياه جيدة، وهذا الأمر ظهر جليا حين اعترف بالجولان والقدس ونقل السفارة الأمريكية إلى العاصمة، لكننا لن نقبل إقامة دولة فلسطينية على أرض الوطن. سأعارض كل ذكر لدولة فلسطينية خلال إعداد أي تشريع في هذا الصدد" على حد قوله.

ونوه زعيم الحزب المتطرف إلى أنه لن يقبل وقف البناء في المستوطنات، وأن إسرائيل "أرسلت المستوطنين إلى هناك ولا يمكن قبول وضع سيشهد خنق هذه المستوطنات، لدينا فرصة ذهبية ينبغي استغلالها، لكننا لا نقبل بقرارات ستلحق الضرر على المدى البعيد بدولة إسرائيل وقيمها".

وأكد أنه سيدعم مسألة فرض السيادة، وسيعمل على دفعها بكل قوته، ولكنه سيعارض الخطوات التي ستدفع نحو إقامة دولة أخرى بين الأردن والبحر"، على حد قوله.



مأزق نتنياهو

وشهدت الأيام الأخيرة هجوما حادا على الرئيس الأمريكي من جانب رؤساء مجالس استيطانية، كون خطته تتضمن إقامة دولة فلسطينية، وتترك عددا من الجيوب الاستيطانية خارج سيطرة الاحتلال، وبلغ الأمر ذروته بتصريحات دافيد ألحياني، رئيس المجلس الاستيطاني "ييشاع"، الذي يعد مجلسا جامعا للمجالس البلدية للمستوطنات في الضفة المحتلة، والذي شكك في نوايا ترامب وقال إنه "أثبت أنه ليس صديقا لإسرائيل".

ولا يعد موقف وزير شؤون القدس والتراث بمعزل عن مواقف مماثلة نجمت عن الحملة التي يقودها رؤساء المجالس الاستيطانية، حيث تؤكد تقارير أن العديد من نواب "الليكود" والأحزاب اليمينية الأخرى يدعمون هذا الموقف.

ومن بين النواب الرافضين لخطة ترامب بوضعها الحالي، جدعون ساعار، ونير باركات، ويوآف غلنت، ونفتالي بينيت، وآيليت شاكيد، وأوفير سوفير، وماتان كاهان، وكيتي شتريت، وآفي ديختر، وميكال شير، فضلا عن العديد من رؤساء المجالس الاستيطانية، إضافة إلى حزب "عوتسما يهوديت" المتطرف.

وعلى عكس هذا الموقف، يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، أن الخطة الأمريكية تحمل مزايا جمة، فهي تتضمن اعترافا بإسرائيل كدولة يهودية، وسيطرة إسرائيلية على كل المنطقة الغربية للأردن، وتوحيد القدس، ومنع دخول اللاجئين لإسرائيل والمزيد.

ويعتقد نتنياهو أن فكرة إقامة دولة فلسطينية ستعني مفاوضات لا نهاية لها، ستصل لطريق مسدود في الغالب، ومن ثم انتقد خلال الأيام الأخيرة جميع الأصوات الداعية للتأجيل أو المنتقدة لصفقة القرن كون بنودها تمثل إشكالية، في حين أنه يرى أن هذه الإشكالية قابلة للحل أو غير موجودة عمليا.



الانتخابات الأمريكية

المحلل السياسي، عاميت سيغال، أشار عبر قناة (N12) العبرية، مساء الجمعة، إلى أن لدى نتنياهو مخاوف بشأن موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ويدرك أنه إذا لم تتخذ خطوات على الأرض في تموز/ يوليو، ربما لن تتخذ خطوات بعد ذلك إطلاقا.

واقتبس سيغال مقولة نسبها لرئيس الوزراء الأسبق يتسحاق رابين، والذي تم اغتياله عام 1995 بوساطة طالب متطرف يدعى يغال عامير، تقول: "في منطقة الشرق الأوسط لا توجد تواريخ مقدسة"، وتابع: "لو أسقطنا المقولة على مخطط الضم في يهودا والسامرة، يمكننا أن نعدلها إلى: لا توجد نسب مئوية مقدسة".

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترامب تتحدث عن فرض السيادة على 30% من مساحة الضفة الغربية، لكن ربما لن تفرض هذه السيادة على هذه المساحة بالكامل.



نتنياهو يقامر

وبين أن حالة من التفاؤل الحذر تنتاب المقربين من نتنياهو حول إمكانية تطبيق السيادة بشكل فعلي على الأرض، لكنه رأى أن هذه الخطوة مرهونة بالرئيس الأمريكي، والذي وصفه بـ "الشخصية المتقلبة".

وأكد سيغال أن إعلان نتنياهو بشأن خطة الضم لم يكن من باب الحملات الانتخابية، لأنه لو أراد أن يتنصل منها بعد ذلك لفعل، ولديه طرق عديدة، لكن نتنياهو هذه المرة متمسك بالخطة، ووصف ذلك بقوله: "نتنياهو يلقي بالمزيد من النقود على طاولة القمار طوال الوقت"، في إشارة إلى أنه مصمم على الربح ولم يعد لديه خيار آخر، واختتم بقوله: "يعني ذلك أنه لو لم يتم تطبيق السيادة على الضفة.. من الواضح أننا سنكون في الطريق إلى انتخابات جديدة" على حد قوله.



الضم أو الرئاسة

ومارست واشنطن في الشهور الأخيرة ضغوطا على تل أبيب لحثها على عدم القيام بخطوات الضم بشكل أحادي ومن دون تنسيق معها، لكن من غير المعروف إذا ما كانت واشنطن، التي تواجه أزمات داخلية عميقة، تضع هذا الملف ضمن أولوياتها حاليا، وإذا ما كان الرئيس ترامب مستعد لمواصلة الضغوط على إسرائيل ودفعها نحو الالتزام ببنود الصفقة التي طرحها.

بعض المؤشرات تدل على اهتمام واشنطن بالملف، ولا سيما أن الزيارة الوحيدة التي قام بها وزير الخارجية مايك بومبيو، منتصف أيار/ مايو الفائت، خارج الحدود الأمريكية منذ تفشي جائحة كورونا، كانت إلى إسرائيل، وسط تأكيدات بأن صفقة القرن كانت على رأس جدول أعماله خلال الزيارة.



ورقة ضغط إسرائيلية

وتمتلك إسرائيل في المقابل، ورقة ضغط قوية على ترامب، ربما تعتزم استخدامها حتى من دون اعلان ذلك صراحة، فحواها أن الرئيس الأمريكي "أدى دوره وطرح صفقة القرن بصيغتها المعلنة، وعليه عدم التدخل في الإجراءات التالية على الأرض، على الأقل حاليا، إلى أن يتم تثبيت الوضع، ويمكن بعد ذلك أن تعترف واشنطن بهذه الخطوات".

وتتمثل ورقة الضغط تلك في الحركة الإنجيلية، صاحبة النفوذ الكبير للغاية على صناعة القرار الأمريكي.

واستطلعت هذه الحركة يوم 26 نيسان/ أبريل الماضي، عبر الفيديو، رأي نتنياهو في نوايا ترامب بشأن صفقة القرن، وضم غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات للسيادة الإسرائيلية، وإذا ما كان سيلتزم بتنفيذ هذه الخطوات أم لا، وذلك خلال احتفالها بمرور 100 عام على عقد "مؤتمر سان ريمو"، وهو المؤتمر الذي عقد عام 1920، ووضع فلسطين على سبيل المثال، تحت الانتداب الإنجليزي وتعهد بتنفيذ وعد بلفور.

وأفادت تقارير حينذاك، منها تقرير لموقع "ماكو"، أن نتنياهو دعم موقف ترامب في هذا الصدد، أي أنه عمليا دعم موقفه الانتخابي، وحث أتباع الحركة الإنجيلية على دعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، حال سارت الأمور كما هو مخطط له في ما يتعلق بصفقة القرن، وسط تقديرات بأن هذه الحركة، التي تضم 60 مليون أمريكي، تستطيع عبر نفوذها الكبير وتأثيرها المالي والإعلامي والسياسي، حسم نتائج الانتخابات لصالح أحد المتنافسين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com