"فورين بوليسي": الثقة الشعبية بالحكومات مفتاح هزيمة "كورونا"
"فورين بوليسي": الثقة الشعبية بالحكومات مفتاح هزيمة "كورونا""فورين بوليسي": الثقة الشعبية بالحكومات مفتاح هزيمة "كورونا"

"فورين بوليسي": الثقة الشعبية بالحكومات مفتاح هزيمة "كورونا"

رأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن القادة السياسيين لا يستطيعون رفع الإغلاق المفروض، نتيجة تفشي جائحة كورونا دون ثقة المواطنين.

وقالت المجلة في تقرير نشرته اليوم الإثنين إن "ألمانيا نجحت في إعادة الحياة مرة أخرى إلى طبيعتها لأن المستشارة أنجيلا ميركل عاملت المواطنين بوصفهم راشدين، وتسير الصين على طريق النجاح، لأن المواطنين يرون نتائج تتحقق على الأرض، بينما في الهند، فإنه لا توجد ثقة، أو أدلة على التقدّم".

وأضافت المجلة الأمريكية: "يوم العاشر من أيار/ مايو الماضي كان عيد الأم، استمتع الأطفال بالطقس الرائع في منطقة الألعاب الجديدة بمدينة بادن فورتمبيرغ جنوب ألمانيا، مارست العائلات رياضة كرة القدم، في حين سار المرتبطون عاطفيًا، وهم يمسكون أيدي بعضهم البعض، في أحد الأركان كانت هناك أحضان وقبلات، حيث كان الأصدقاء يودعون بعضهم، لم تكن هناك كمامات في الموقع".



دور ميركل في مواجهة الوباء

وأشارت المجلة، إلى أن الألمان اتحدوا نحو التخلص من فترة القيود نهائيًا، حيث تفهموا جيدًا ما قالته ميركل الأسبوع الماضي، بأن الموجة الأولى من الوباء قد انتهت تمامًا، وتراجع انتشار العدوى وعدد المصابين الجدد، ولم تَعد المستشفيات تعاني من أي أزمات تتعلق باستقبال الحالات.

وأوضحت "فورين بوليسي" أنه "خلال ظهور تلفزيوني نادر قبل أكثر من شهرين، وبالتحديد يوم 18 مارس، أوضحت ميركل خطورة المهمة، والنصيحة التي يتعين على الناس اتباعها، والطريق للمضي قدمًا، واختارت كلماتها بعناية شديدة".

ولفتت إلى أن "ألمانيا لم تواجه من قبل تحديًا يتعلق بالوباء، ليس فقط منذ توحيد ألمانيا، ولكن منذ الحرب العالمية الثانية، أي استجابة لهذا الوضع كان يتطلب روح الوحدة، كل الإجراءات تم اتخاذها بالتشاور مع الخبراء، خضع معهد روبرت كوخ، وهو منظمة الصحة الألمانية، للفحص الدقيق".

وأعادت المجلة التذكير بالدور الذي لعبته ميركل، إذْ أوضحت التفاصيل الخاصة بالإغلاق، وأكدت صعوبة تطبيق تلك الإجراءات على أشخاص اعتادوا على الحرية، واستعادت ذكرى تاريخها الخاص بوصفها شخصًا نشأ في ألمانيا الشرقية القمعية، وقولها إن الأمل موجود إذا اتحد الألمان سويًا، حتى وإن كان الموقف خطيرًا، والنتيجة غير مؤكدة.



متى تعود الحياة؟

وقالت المجلة "الآن فإن الحديث في العالم بأسره ينصب على كيفية التحول من احتواء كورونا إلى السؤال الأكثر إلحاحًا، وهو متى وكيف تعود الحياة إلى طبيعتها؟".

ورأت "فورين بوليسي" أنه عندما تخبر الجميع أن عليهم التزام منازلهم وقت الخطر أمر سهل، ولكن الموافقة على الخروج مرة أخرى أمر أكثر صعوبة، متسائلة "من الذي يقرر أن الخطر زال بالفعل، أو أن هناك حاجة للمضي قدمًا مع تراجع الخطر؟، من الذي يملك تلك الثقة؟".

وبينت المجلة أن "التجربة فيما يتعلق بثلاث دول منفصلة، وهي ألمانيا والهند والصين، توضح كيف أن تبادل المعلومات بين الدولة والمواطنين يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في مستوى الثقة بين الطرفين، في ألمانيا تعاملت الحكومة مع المواطنين بوصفهم راشدين".

وأضافت: "كشفت المعلومات للمواطنين الذين اعتادوا في الأساس على تلقي المعلومات الصادقة، لم تكن هناك أي محاولات للخداع، نصائح الخبراء كانت حاضرة، وحتى وقت قريب كان معهد روبرت كوخ يقدّم نشرات يومية، وخريطة طريق تم وضعها لتوضيح ما سيكون عليه الوضع خلال الأسابيع المقبلة، وما هي الإنجازات التي تم تحقيقها لاستعادة الأوضاع كما كانت عليه في السابق بالتدريج".



التجربة الهندية

وذكرت المجلة أنه "إذا كانت ألمانيا تقدم مثالًا واضحًا على حجم الثقة، فإن الهند، التي تمثل الديمقراطية الليبرالية، استخدمت الأكاذيب، فبعد أسبوع على خطاب ميركل، وفي يوم 25 آذار/ مارس، أعلنت الهند فرض الإغلاق، وذلك بعد أقل من يوم واحد فقط، من الإشارة إلى هذا القرار، لم تكن هناك معلومات ذات مصداقية، وكما كان متوقعًا، فقد انتشرت الفوضى".

ونوهت "فورين بولسي" بتدفق أمواج من العمال المهاجرين، وهم بمثابة المحرك غير المرئي لنمو الهند، حيث تحركوا من أجل العودة إلى منازلهم سيرًا على الأقدام، وبعضها على بعد مئات الأميال، لأنه لم تكن هناك أي وسائل مواصلات بعد قرار إيقافها.

وعبّرت أنه "مع عدم وجود أي ترتيبات للإقامة في منازل، وعدم وجود ضمانات للحصول على الطعام، وعدم وجود أي عمل في المستقبل القريب، فإن هؤلاء العمال لم يكن لديهم أي خيارات أخرى، بالتأكيد فإنهم لا يثقون في الحكومة، ولا يرون أنها تستطيع حماية مصالحهم".

وقالت، إن هذا الفيضان البشري أعاد إلى الأذهان الصور الخاصة بذكريات التقسيم الكبير، الذي شوّه استقلال الهند عن بريطانيا في عام 1947، إذْ تحرك الملايين من الهنود المسلمين نحو باكستان، بينما فرّ الهندوس والسيخ نحو الاتجاه الآخر.



كما أشارت المجلة إلى أعداد المصابين تقفز في الهند، والدولة لا تزال في حالة الإغلاق.

وقالت "من الواضح أن الأرقام كانت قليلة نسبيًا في السابق، وذلك نتيجة تردد أو عجز الدولة عن إجراء المزيد من الاختبارات على المواطنين بشكل أوسع نطاقًا، الآن ومع إجراء المزيد من الاختبارات، فإن الصورة الجديدة تكشف الأرقام الحقيقية، الأمر ليس مفاجئًا في كونها غير مشجعة على الإطلاق، وهو ما يطرح السؤال التالي: إذا كان هناك المزيد من المواطنين الهنود الذين تثبت إصابتهم بالفيروس يوميًا، فمتى تنتهي حالة الإغلاق في الهند؟".

وأفادت بأنه "في ظل غياب نظام قوي للاختبارات، وعدم وجود شفافية في تدفق المعلومات، فإن حكومات الولايات المختلفة يتبادلون الاتهامات وتحمل المسؤولية، باستثناء ولاية كيرالا في الجنوب، التي سارت على النموذج الخاص بها من خلال إجراء الاختبارات على نطاق واسع، وتبادل المعلومات بشفافية شديدة، وهو ما أدى إلى تسجيل أقل معدلات للعدوى بين الولايات الهندية جميعها".

ومضت المجلة "يتابع الهنود خطابات رئيس الوزراء ناريندرا مودي على التلفاز، والمصحوبة بضجيج في خلفياتها، والحديث عن الوعود والتشجيع دون وجود أي إجراءات فعلية على الأرض، يراقب المواطنون خطاباته بفضول كبير، ويقومون بتحلي مضمون كلماته بحثًا عن قيود جديدة سيتم فرضها في اليوم التالي".

وأضافت: "في الوقت الحالي، فإن المعدلات الخاصة بشعبية رئيس الوزراء الهندي غير واضحة المعالم، خاصة بين الهنود في الحضر، وعندما صعد مودي إلى السلطة في عام 2014، كان ذلك مصحوبًا بصخب شديد من جانب أنصاره بأن الهند ستشهد عهدًا جديدًا، حيث ستكون أكثر قوة ولا تخشى الطموحات".

وبينت أنه "حتى وقتنا هذا، فإن العديد من المواطنين لا يزالوا يدقون الطبول حول هذا الحلم، أو على الأقل أن يُسمح لهم بالخروج من منازلهم في المستقبل القريب".



قيود الصين

وأشارت المجلة إلى أن "الصين تعتبر حالة خاصة، فيما يتعلق بنشر المعلومات ذات المصداقية وإطلاع المواطنين عليها، النظام السلطوي الصيني لا يسمح بحرية تداول المعلومات، ولكن هل حاولت الصين إخفاء الأرقام الحقيقية في بداية الجائحة؟، بالطبع حدث ذلك، وهل ما زالت الأرقام متضاربة وغير منطقية؟ بالتأكيد تقريبا".

وخلصت "فورين بوليسي" إلى أنه "مع مرور الوقت، والعمل على احتواء الوباء، فإن النظام الذي استعانت به بكين قام بعمل جيد في مكافحة الوباء، هذه هي الحقيقة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com