المتشددون في إيران يقتربون من إحكام قبضتهم على البلاد
المتشددون في إيران يقتربون من إحكام قبضتهم على البلادالمتشددون في إيران يقتربون من إحكام قبضتهم على البلاد

المتشددون في إيران يقتربون من إحكام قبضتهم على البلاد

يتجه المتشددون لإحكام قبضتهم على إيران، هذا الأسبوع، في انتخابات برلمانية من المرجح أن تصب نتائجها في صالحهم، في حين تعمل القيادة على توحيد صفوفها مع تصاعد المواجهة مع واشنطن.

وأي مكاسب كبيرة يحققها المتشددون ستؤكد على أفول نجم الساسة البراغماتيين في البلاد، الذين أضعفهم انسحاب واشنطن من اتفاق نووي أبرم في 2015 وإعادة فرضها العقوبات على طهران في خطوة عرقلت التقارب مع الغرب.

كما أن حصول المتشددين على المزيد من مقاعد البرلمان في الانتخابات المقررة يوم 21 فبراير/شباط الجاري، سيمنحهم مكسبا آخر يتمثل في فسحة أكبر للدعاية لمرشحهم في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2021.

ويتحكم الرئيس في إيران، بعمل الحكومة اليومي بدرجة كبيرة، ومثل هذه الهيمنة الكبيرة على أجهزة الدولة قد تكون إيذانا بعهد يكون فيه للحرس الثوري الإيراني، الموجود بقوة بالفعل في حياة الإيرانيين، نفوذ أكبر على الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

غياب الخيارات

وضَمن حلفاء الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي هيمنة المتشددين على الساحة، وأبعدوا المعتدلين والمحافظين البارزين ولم يتركوا للناخبين سوى الاختيار بين المتشددين ومحافظين غير معروفين من أنصار خامنئي.

وقال مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته "حرفيا لم يعد ذلك سباقا. المتشددون يريدون الرئاسة. سيضع هذا نهاية للاعتدال لمدة عشر سنوات أو أكثر".

والمحافظون، مثلهم مثل المتشددين، يؤيدون حكم الزعماء الدينيين، لكنهم على عكس المتشددين يرغبون في مزيد من الانفتاح على العالم الخارجي، ومن المرجح أن يركز الكثير من الناخبين، الذين لم تُترك لهم خيارات تذكر، على القضايا المتعلقة بأرزاقهم وحياتهم اليومية في ظل التراجع الاقتصادي بسبب سياسة "الضغوط القصوى" التي يطبقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران.

ومع مواجهة إيران لعزلة متزايدة واحتمال نشوب صراع بسبب المواجهة النووية مع الولايات المتحدة وتنامي الاستياء في الداخل، ينظر للإقبال على الانتخابات باعتباره استفتاء على المؤسسة الحاكمة وهو ما ينطوي على خطر محتمل على سلطاتها.

مشاعر غضب

يشعر كثير من الإيرانيين بالغضب إزاء التعامل مع احتجاجات تفجرت في نوفمبر/تشرين الثاني على ارتفاع أسعار الوقود التي تحولت سريعا إلى احتجاجات سياسية تطالب "بتغيير النظام" مما أثار أكثر الاضطرابات دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وتقول منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان: إن حملة قمع أشرف عليها الحرس الثوري أودت بحياة المئات وأدت إلى اعتقال الألوف.

والشعب غاضب كذلك، إزاء إسقاط طائرة ركاب أوكرانية عن طريق الخطأ في يناير/كانون الثاني مما أسفر عن مقتل 176 شخصا كانوا على متنها أغلبهم إيرانيون، وأقرت طهران بعد نفيها على مدى أيام، بأن الحرس الثوري هو المسؤول عن إسقاط الطائرة.

وقالت مصادر مطلعة: إن المرشحين الموالين لخامنئي يتمتعون بدعم جموع المؤيدين للمؤسسة الحاكمة الذين يتماهون في شتى جوانب حياتهم مع الجمهورية الإسلامية، وقال المسؤول الحكومي: "أنصارهم يؤمنون بالمؤسسة الحاكمة وسيصوتون؛ لأنهم يعتبرون ذلك واجبا دينيا. وسيستفيد المتشددون من ضعف الإقبال".

وتوقعت بعض الهيئات، أن تبلغ نسبة الإقبال على الانتخابات نحو 60 % بالمقارنة مع 62 و66 % في انتخابات 2016 و2012 على التوالي، وهناك 58 مليونا من بين سكان إيران البالغ عددهم 83 مليون نسمة يحق لهم التصويت.

وقال مسؤول من المتشددين: "إيران ليست مجرد طهران أو مدن رئيسة أخرى تحرك الدوافع السياسية ناخبيها. في المدن والبلدات الصغيرة وفي الريف بشكل عام سيقبل الناس على التصويت".

فقدان الثقة بروحاني

ومن الصعب التكهن بالطريق الذي ستسير فيه الانتخابات في ظل غياب استطلاعات رأي مستقلة يعتد بها، ناهيك عن إلى أي مدى سيفرض خامنئي والحرس الثوري نفوذهما على الانتخابات لتعزيز قبضتهما على السلطة، ومن ناحية أخرى يشعر الناخبون الموالون للإصلاحيين بالاستياء من الفوضى التي تسود معسكرهم، وفشل الرئيس حسن روحاني في الوفاء بتعهده الانتخابي بتخفيف القيود الاجتماعية والسياسية.

وقال مسؤول إصلاحي سابق: "العديد من الإيرانيين الذين صوتوا لروحاني فقدوا الأمل في الإصلاح، فقدوا ثقتهم في الحركة الإصلاحية ويريدون التغيير ولا شيء غير التغيير".

ويمكن لبرلمان يهيمن عليه المتشددون أن يمارس ضغوطا على روحاني، مهندس الاتفاق النووي الذي تعرض لانتقادات من حلفاء خامنئي بسبب أدائه في السلطة.

نفوذ الحرس الثوري

وقال روحاني في خطاب يوم 11 فبراير/شباط الجاري "أرجوكم ألّا تكونوا سلبيين أطلب منكم ألّا تديروا ظهوركم لصناديق الاقتراع"، وقال محللون ومصادر مطلعة إن الحرس الثوري الذي يتلقى أوامره من خامنئي مباشرة، وميليشيا الباسيج التابعة له يسيطران على مجموعة المرشحين المتشددين.

وإلى جانب ممتلكاته الاقتصادية الضخمة زاد النفوذ السياسي للحرس الثوري في العقود الأخيرة بتزايد وجود محاربيه القدامى في الهيئات التشريعية والتنفيذية، ويتصدر قائمة المرشحين المتشددين في الانتخابات البرلمانية في طهران محمد باقر قاليباف القائد السابق بالحرس الثوري الذي أفادت برقية دبلوماسية أمريكية مسربة العام 2008 إنه استفاد من الدعم القوي من مجتبى بن خامنئي.

وقال عضو سابق بالحرس الثوري خدم في الحكومة في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد: "سنخدم أينما تحتاجنا الثورة والإمام خامنئي".

وكان انتخاب أحمدي نجاد لفترة ولاية ثانية في 2009 قد أثار احتجاجات استمرت شهورا بشأن مزاعم بتزوير الانتخابات.

وليس للانتخابات البرلمانية أثر يذكر على السياسة الخارجية لإيران أو سياساتها النووية التي يرسمها خامنئي، ومنذ 2009 جرى حل أو حظر الأحزاب الإصلاحية الرئيسة، لكن الانتخابات تظهر تحولات في توازن القوى بين الفصائل في النظام السياسي الإيراني الفريد من نوعه الذي يجمع بين حكم رجال الدين والنظام الجمهوري.

وأدى رفض طلبات أعداد كبيرة من المرشحين في الانتخابات البرلمانية في 2004 إلى إبعاد الإصلاحيين لسنوات، ومهد الطريق لتولي أحمدي نجاد المحسوب على التيار المتشدد الرئاسة في 2005.

وفي 2016 تمكن الناخبون المعتدلون من تحقيق مكاسب كشفت عن أن الكثيرين يتوقون إلى الديمقراطية والحريات.

وهذه المرة رفض مجلس صيانة الدستور ترشح 6850 شخصا من بين 14000 ما بين معتدلين ومحافظين لخوض الانتخابات، ورفض المجلس كذلك طلبات ترشيح من ثلث أعضاء البرلمان الحاليين، وقال آية الله أحمد جنتي رئيس المجلس "قمنا بما يفترض أن نقوم به والآن عليكم أن تقوموا بدوركم".

وانتقد العديد من الساسة، منهم روحاني، بشدة رفض طلبات نصف الطامحين للترشح، لكن المجلس نفى أي انحياز، وأيد خامنئي، صاحب القول الفصل في نظام الحكم المعقد في إيران، قرار المجلس قائلا: إنه لا مكان في البرلمان "لأولئك الذين يخشون توجيه انتقاد علني لعدو أجنبي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com