إسقاط الطائرة الأوكرانية يهز صورة إيران العسكرية والاستخبارية
إسقاط الطائرة الأوكرانية يهز صورة إيران العسكرية والاستخباريةإسقاط الطائرة الأوكرانية يهز صورة إيران العسكرية والاستخبارية

إسقاط الطائرة الأوكرانية يهز صورة إيران العسكرية والاستخبارية

خلفت الخطة الإيرانية لتوجيه رد انتقامي رادع ضد القوات الأمريكية، يحفظ ماء وجه الحرس الثوري والقيادة في طهران داخليا وخارجيا، فضلا عن إعطاء دفعة معنوية للميليشيات المسلحة التابعة لها في عدد من الساحات، على خلفية اغتيال قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، كارثة عسكرية وإنسانية وأخلاقية خطيرة تواجهها طهران حاليا.

وأعلنت القوات المسلحة الإيرانية، السبت، إسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ عن "طريق الخطأ"، فجر الأربعاء الماضي، قرب العاصمة طهران، وأصدر المدعي العام محمد جعفر منتظري، قرارا يدعو فيه المدعي العسكري في طهران، للتحقيق بتحطم طائرة الركاب الأوكرانية بشكل عاجل.

وتعد كارثة إسقاط الطائرة الأوكرانية المدنية وعلى متنها 176 راكبا، أغلبهم يحملون الجنسية الإيرانية وإقرار القيادة في طهران، اليوم السبت، صفعة كبيرة منيت بها إيران، حيث يجري الحديث هنا عن دخول خطة الانتقام لمقتل سليماني إلى مسار آخر عكسي، إذ شكلت ورقة ضغط كبيرة للغاية ضد طهران على الصعيد الدولي، فضلا عن اهتزاز صورتها من النواحي العسكرية والاستخبارية في محيطها الإقليمي.

وكانت الطائرة المنكوبة، التي تتبع شركة "الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية" تقل 82 راكبا إيرانيا، و63 كنديا، و9 ركاب يحملون الجنسية الأوكرانية، و3 ركاب يحملون الجنسية البريطانية، وجنسيات أخرى، تحطمت بعد إقلاعها من مطار الخميني في طهران، وسقطت في حقل مفتوح في ضاحية باراند بالعاصمة الإيرانية، بينما كانت تحلق في طريقها إلى كييف، وقتل جميع من كانوا على متنها، وأغلبهم من النساء والأطفال بواقع 81 امرأة و15 طفلا.

ندم إيراني

وتدل الروايات الإيرانية الرسمية بشأن إسقاط الطائرة "عن طريق الخطأ"، إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن الواقعة وتقديمهم للعدالة، فضلا عن دعوة القوات المسلحة الإيرانية لفتح تحقيق عاجل، على الأزمة الطاحنة التي تواجهها القيادة الإيرانية، وتترك المجال للتكهنات بشأن طبيعة الخطأ الذي أدى إلى إصابة الطائرة المدنية بصاروخ خلال قصف مواقع تضم قواعد أمريكية، سواء غربي بغداد أو في أربيل، يوم الأربعاء الماضي.

ويطرح كل هذا التخبط علامات استفهام حول "الخطأ"، الذي أودى بحياة 176 مدنيا، في الوقت نفسه لم ترصد التقارير سقوط أي قتيل من القوات الأمريكية خلال القصف الصاروخي ضمن العملية الانتقامية الإيرانية على مقتل سليماني، سواء على قاعدة "عين الأسد" أو "أربيل".

ويثير بيان القوات المسلحة الإيرانية في هذا الصدد حالة من الدهشة، إذ ورد في البيان ما يلي: "في ظل التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باستهداف 52 موقعا إيرانيا، جرى استهداف الطائرة الأوكرانية وإسقاطها نتيجة خطأ بشري بعد اقترابها من مركز للحرس الثوري الإيراني قرب العاصمة طهران".

ويعني البيان أن إيران كانت تتحسب لرد أمريكي على القصف الصاروخي الذي طال قواعدها قرب بغداد وفي أربيل، ومن ثم تعاملت الدفاعات الجوية الإيرانية مع الطائرة المدنية على أنها هدف معاد، ومن ثم يجري الحديث عن قصور كبير من النواحي العسكرية والاستخبارية والتقنية، وعدم تنسيق بين الأجهزة المختلفة، بما سمح للطائرة باتباع هذا المسار وقت القصف.

ويطرح هذا الأمر أيضا تساؤلا حول أسباب استمرار فتح المجال الجوي المدني الإيراني في هذه المناطق لتحليق الطائرات أثناء القصف الإيراني، ويوحي بأن الخطة الإيرانية قامت على استغلال وجود طائرات مدنية في مساراتها الطبيعية خلال القصف، لعدم إثارة انتباه الاستخبارات الأمريكية من جانب، وإثناء القوات الأمريكية عن القيام بعمليات قصف صاروخي مضاد، أو اعتراض الصواريخ الباليستية من طراز "فاتح 313" التي أطلقتها، ما يعني عدم استبعاد فرضية اتخاذ المجال الجوي المدني غطاء للعملية الانتقامية الإيرانية.

واقعة مماثلة

وهناك واقعة قريبة من هذا التصور، ففي 17 أيلول/ سبتمبر 2018 سقطت طائرة تجسس روسية من طراز "إليوشن 20" قرب سواحل اللاذقية السورية، حين استخدمتها مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي غطاء لمنع المضادات الأرضية السورية من إطلاق نيرانها صوب هذه المقاتلات، بيد أن الطائرة الروسية أصيبت وسقطت وقتل جميع من كانوا على متنها وهم 15 ضابطا روسيا.

وجاء تحليق المقاتلات الإسرائيلية وقتها في محيط الطائرة الروسية ومن ثم تعرضت لنيران سورية وكان ذلك سببا في اتهام موسكو للجيش الإسرائيلي باستغلالها كغطاء لضرب أهداف إيرانية في اللاذقية، ما أدى إلى قطيعة بين موسكو وتل أبيب وتدهور للعلاقات استمر بضعة أشهر، قبل أن تقدم إسرائيل اعتذارا وتستأنف العلاقات الدبلوماسية والسياسية والتنسيق العسكري بشأن سوريا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com