معركة كوباني.. أكثر من مجرد مواجهة عسكرية
معركة كوباني.. أكثر من مجرد مواجهة عسكريةمعركة كوباني.. أكثر من مجرد مواجهة عسكرية

معركة كوباني.. أكثر من مجرد مواجهة عسكرية

شغلت مدينة كوباني الكردية السورية، المحاصرة من قبل تنظيم داعش المتشدد، الفضائيات في الشرق والغرب لنحو شهر، ثم تراجعت إلى أسفل قائمة نشرات الأخبار.

وتراجع أو غياب هذا الملف، فضائياً، لا يعني أن المسائل حسمت في المدينة المنكوبة، وأن سكانها الذين نزحوا نحو تركيا عادوا، وأن الأمن استتب فيها، بل يعني أن المعركة أخذت طابعا سياسيا تجاوز حدود المواجهة بين مقاتلين أكراد وعناصر التنظيم.

ويرى مراقبون أن هجوم داعش على مدينة كوباني كان بمثابة المصيدة التي أوقع نفسه فيها مما سهّل من مهمة التحالف الدولي في تحقيق ضربات موجعة له، وشكل دعما سياسيا غير مباشر للأكراد كونهم ظهروا بمظهر المناهض للإرهاب، وهو الأمر الذي أكسبهم تعاطفاً دولياً وإقليمياً.

ويعتقد مراقبون أن معركة كوباني، بهذا المعنى، ليست معركة عسكرية فحسب، وإنما هي حرب سياسية باردة بين أطراف ثلاثة: تركيا والأكراد وواشنطن.

أنقرة المتورطة!

تركيا التي هي دولة عضو في حلف "الناتو"، اتخذت موقف المتفرج، والمتورط، بحسب تقارير، في دعم تنظيم داعش، كما كانت هناك محاولة من قبل الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، لمسك خيوط اللعبة في سوريا خشية الخروج من اللعبة في ظل التقارب الأمريكي- الإيراني، وبسبب قلقه من أن تتخذ واشنطن الأكراد كحلفاء لها في الحرب ضد الإرهاب.

وبدت المخاوف التركية هذه منطقية، فاللافت، هنا، هو منح واشنطن دوراً لـ "حزب العمال الكردستاني"، الذي يصنفه كحزب إرهابي، وفرعه السوري "حزب الاتحاد الديمقراطي" في معركة كوباني وشنكال والتعاون مع "حكومة إقليم كردستان العراق" في قتال تنظيم داعش، رغم أن أربيل هي حليف أنقرة السياسي.

ويرى مراقبون أن تورط تركيا في دعم تنظيم داعش وكتائب إسلامية في سوريا، هو ورقة ضغط وتعبير عن غضبها من تهميش دورها في سوريا والعراق بعد الحوارات السياسية بين واشنطن والرياض وطهران.

ولم يتوقف الدور التركي عند حدود الدعم الخفي لتنظيمات متشددة، بل تخلت أنقرة عن حليفها رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، حين قام التنظيم الإرهابي بمهاجمة "إقليم كردستان العراق" ولم تقدم له الدعم العسكري، كما رفضت أن تكون شريكة في الحرب على تنظيم داعش، الأمر الذي حوّلها إلى دولة تلعب بالنار وتسيء للمصالح الأمريكية في المنطقة، حسب وصف مراقبين، ولهذا أظهرت إدارة الرئيس باراك أوباما موقفاً حاسماً حين دعمت البيشمركة والمقاتلين الأكراد في كوباني.

ويضيف مراقبون بأن تركيا، رغم ذلك، لا تريد أن تصبح الورقة الكردية السورية في سلّة العمال الكردستاني، بل ترغب في أن يكون كل شيء عبر "إقليم كردستان" الراعي لعملية السلام الجارية بين الزعيم الكردي المسجون، عبد الله أوجلان، وتركيا.

تفاهمات صعبة

وتعكس الحرب السياسية التي يشنها أردوغان على أمريكا الغضب التركي من حوارات دخلتها الخارجية الأمريكية مع فرع "حزب العمال الكردستاني" في سوريا ومساعدتها لهم في معركة كوباني.

وهناك أصوات داخل واشنطن تطالب بإزالة "حزب العمال الكردستاني" من قائمة الإرهاب لسببين: أولاً كون "حزب العمال الكردستاني" وفروعه والبيشمركة يقاتلون تنظيم داعش، وثانياً لمعاقبة تركيا والضغط عليها عبر الورقة الكردية، وانعكاساتها على مستقبل أردوغان وحزبه في الداخل التركي قد تنتهي في المستقبل إلى فقدان السلطة التي اكتسبها أردوغان بأصوات الناخبين الأكراد.

وتدرك واشنطن أن جمع "حزب العمال الكردستاني" و"إقليم كردستان العراق" وتركيا في سلة واحدة هو أمر صعب جداً، لكنها في الآن ذاته تتعامل مع الجميع. ومن المرجح، أن تركيا، بدورها، ستتبنى خطاباً مختلفاً وأكثر مرونة مع واشنطن مع إبقاء أربيل مرجعية سياسية لها في الملف الكردي في سوريا، وهذا ما يتقاطع مع سياسة الولايات المتحدة التي تعتبر البرزاني الحليف الرئيسي.

ويعتقد مراقبون أن المعارك في كوباني ستبقى مشتعلة إلى حين عثور واشنطن على توافقات سياسية بين الفرقاء الذين يستخدمون كوباني كساحة معارك سياسية غير متكافئة. لكن الجميع يدرك أن إدارة الرئيس أوباما هي التي تملك المفاتيح وتستطيع أن تحسم معركة كوباني، وهذا يتطلب تفاهما صعبا بين اطراف لها أجندات متباينة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com