عائلة فلسطينية تتناول وجبة الإفطار وسط أنقاض منزلها الذي دمرته الحرب
عائلة فلسطينية تتناول وجبة الإفطار وسط أنقاض منزلها الذي دمرته الحرب أ ف ب

طقوس رمضانية غير معتادة للغزيين سببتها الحرب الإسرائيلية

يعيش الفلسطينيون في غزة طقوسًا رمضانية غير معتادة، بسبب الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع، منذ أن شنت حركة حماس هجومها في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي على غلاف غزة.

ووثق تقرير مصور لشبكة "سي إن إن" مظاهر شهر رمضان في غزة، ففي مخيم للنازحين في دير البلح، تقرع طبول الأطفال للرقص على أنغام الأغاني الرمضانية التقليدية، بين خيم نزوح تتزين بزينة رمضان.

ونقلت الشبكة عن سكان قولهم، إن تزيين مدينة الخيم بزينة رمضان أمر مهم بالنسبة للأطفال، في محاولة لمنحهم الشعور بـ"عيش حياة طبيعية".

غير أن هدير الطائرات الإسرائيلية دون طيار، يحول دون اكتمال الفرحة، فالحرب سحقت الآمال في الاحتفال بشهر سلمي من الصيام والعبادة، وفق قول السكان.

وبحسب "سي إن إن"، لن يجد بعض الصائمين في غزة ما يكفي من القوت لكسر صيامهم، بسبب الحصار الإسرائيلي وعرقلة إدخال المساعدات إلى القطاع، لافتة إلى أن نقص الغذاء هو الأسوأ في الشمال، إذ يبحث الأطفال بيأس في القمامة بحثًا عن بقايا طعام.

ويتخوف الفلسطينيون من هجوم بري إسرائيلي محتمل على مدينة رفح.

ونقلت "سي إن إن" عن الصحفية النازحة أسيل موسى، 26 عامًا، قولها: "ننتظر شهر رمضان لأنه شهر البركات والسلام والعبادة، لكن رمضان هذا العام يأتي وسط إبادة جماعية ومجاعة".

وقتلت الهجمات الإسرائيلية على غزة منذ الـ7 من أكتوبر نحو 31,300 فلسطيني، 72% منهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في القطاع، فيما أصيب أكثر من 73 ألف شخص.

وقال أطباء إن ما لا يقل عن 27 طفلًا ماتوا جوعًا حتى الآن، بمن في ذلك حديثو الولادة، فيما ذكرت وزارة الصحة أن اثنين منهم توفيا بسبب سوء التغذية خلال الأيام الأولى من شهر رمضان.

وفي مقابل عرقلة إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، حذَّرت وكالات حقوق الإنسان من أن الأسر التي تحتفل بشهر رمضان في غزة تواجه أهوالًا جديدة إثر النقص الحاد في المساعدات والنزوح الجماعي والصدمات النفسية.

أخبار ذات صلة
بالمياه المالحة واللحوم المجففة.. هكذا استقبلت عائلات غزة شهر رمضان

"إلى متى هذا الموت؟"

ونقلت "سي إن إن" عن الفلسطيني رسمي أبو العينين، البالغ 52 عامًا، قوله إن الأطفال في غزة "اعتادوا على انتظار شهر رمضان للصيام والصلاة واللعب بالفوانيس والفرح وانتظار العيد".

واستطرد: "مع قدوم شهر رمضان لا نسمع سوى صوت الطائرات وطائرات دون طيار، والتهديد والترهيب"، متسائلًا "إلى متى سيستمر هذا الموت؟".

وكان عشرات المدنيين النازحين قد اصطفوا في شوارع رفح، قبل أيام من حلول شهر رمضان، للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، غير أن سكان القطاع لن يجدوا راحة في الأيام المقبلة، بعد انهيار مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس الشهر الجاري، وفق التقرير.

وتم تهجير ما لا يقل عن 1.7 مليون شخص في غزة قسرًا، بما في ذلك 1.5 مليون شخص فروا إلى رفح، وفق الأمم المتحدة.

صبي يقف خارج خيمة كتب عليها رسائل واحتياجات شهر رمضان في مخيم يؤوي نازحين في رفح
صبي يقف خارج خيمة كتب عليها رسائل واحتياجات شهر رمضان في مخيم يؤوي نازحين في رفحأ ف ب

الجوع

وأكد التقرير معاناة أهل غزة من الجوع، إذ يكافح حمودة الآن ليشرح لأطفاله الصغار سبب عدم قدرتهم على تناول الأطباق الفلسطينية التقليدية، أو تلقي الهدايا في رمضان.

وفي شمالي غزة، يركب جهاد أبو وطفة، 27 عامًا، دراجته في شوارع بيت لاهيا المغبرة، ليراقب الأطفال الجياع وهم يبحثون عن الطعام، لكنه لا يستطيع مساعدتهم.

ونقلت "سي إن إن" عن أبو وطفة قوله: "لا يستطيع أحد شراء الدقيق، لا الأغنياء ولا الفقراء، لأنهم لا يملكون مثل هذا المال".

وأضاف أن الأطفال كثيرًا ما يبحثون عن الطعام في القمامة.

وتتفاقم مستويات الجوع الحرجة شمالي القطاع، حيث ركزت إسرائيل هجومها العسكري في الأيام الأولى من الحرب.

وقال الفلسطينيون إنهم يلجؤون إلى تناول الحساء الممزوج بالأعشاب أو البسكويت بحجم الإصبع لأنهم لا يستطيعون الحصول على الأطعمة الغنية بالمغذيات.

وعند أول إشارة للمساعدة، يتسلق المدنيون الجياع في أماكن أخرى فوق بعضهم البعض؛ ما يعرضهم لخطر محتمل.

وكان 118 فلسطينيًّا لقوا حتفهم بعد أن فتحت القوات الإسرائيلية النار على موقع لتوزيع المواد الغذائية في مدينة غزة في الـ29 من فبراير/شباط الماضي؛ ما أثار إدانة واسعة النطاق.

ونقلت "سي إن إن" عن شاهد عيان قوله إن العديد من الضحايا لقوا حتفهم عندما دهستهم الشاحنات في حالة من الذعر، بعد إطلاق النار، فيما أصبح يعرف باسم "مذبحة الدقيق".

كما يضطر البعض إلى التنافس على حزم عمليات إنزال المساعدات جوًّا، فقد قتل 5 أشخاص على الأقل، يوم الجمعة الماضي، عندما سقطت عليهم حزم مساعدات من طائرات في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وفق وكالة الأنباء "وفا".

نازحون يصلون في مخيم في رفح قبل الإفطار في اليوم الأول من شهر رمضان
نازحون يصلون في مخيم في رفح قبل الإفطار في اليوم الأول من شهر رمضان أ ف ب

وزارة الأوقاف

وقالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة إن ما لا يقل عن 1000 مسجد من أصل 1200، بما في ذلك المواقع الأثرية، قد تم تدميرها جزئيًّا أو كليًّا حتى شهر شباط/ فبراير الماضي، وفق ما نقلته الشبكة.

وأدت الهجمات الإسرائيلية على غزة إلى مقتل أكثر من 100 داعية، من بينهم علماء دين وأئمة ومؤذنون، بحسب الوزارة.

واشتكى السكان من عدم تمكنهم من العثور على مساحة كافية لحضور صلاة التراويح ليلًا، بسبب تدمير الجيش الإسرائيلي لأماكن العبادة.

ووسط شح المياه اللازمة للوضوء قبل الصلاة، يصمم المسلمون في غزة على أداء الطقوس اليومية في محاولة للعثور على لحظات من الراحة وسط الدمار الهائل.

وقال حمودة، العامل الصحي في رفح: "نحن نصلي بجوار المساجد التي دمرت، ونقول "الله أكبر" عندما نقوم بإخراج النازحين من تحت الأنقاض".

وأضاف "هذه هي أساسيات إيماننا، الصلاة ومساعدة الآخرين وبذل قصارى جهدنا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com