بعد انتخاب قيادات جديدة.. ما مستقبل حركة "التوحيد والإصلاح" المغربية؟

بعد انتخاب قيادات جديدة.. ما مستقبل حركة "التوحيد والإصلاح" المغربية؟

طرح انتخاب قيادات جديدة لحركة "التوحيد والإصلاح" المغربية، الذراع الدعوية لحزب "العدالة والتنمية"، تساؤلات عديدة في الأوساط السياسية بالبلاد إزاء إمكانية تجديد شراكتها مع "إخوان" المغرب، وكذلك الأدوار التي ستلعبها الحركة في المرحلة المقبلة.

وانتخبت الحركة، وهي أشهر تنظيم إسلامي مُرخص له بالمملكة، ليل السبت الأحد، أوس رمّال، المولود بمدينة فاس سنة 1958، رئيسًا لـ"التوحيد والإصلاح"، خلفًا للرئيس السابق عبدالرحيم الشيخي، الذي قاد الحركة لولايتين متتاليتين، كما انتخب نائباه ومنسق مجلس الشورى، وأعضاء المكتب التنفيذي الجديد (أعلى هيئة في الحركة).

ويوم أمس الأحد، صادقت الحركة، التي يعتبرها البعض الماكينة الانتخابية لحزب "العدالة والتنمية"، على المخطط الاستراتيجي لمرحلة 2022-2026، بعد عرض المشروع على أنظار أعضاء الجمع العام، واستغرقت مناقشة المخطط ساعات طوالا قبل المصادقة عليه، وفق ما أكده الموقع الرسمي للحركة، الذي وصف الزعيم الجديد للحركة بـ"رجل تواصل وانفتاح على تكنولوجيا العصر".

ويرى مراقبون أن انتخاب أوس رمّال يندرج في إطار إعادة تموضع الحركة مجددًا على الساحة المغربية، وتنفيذ برنامج مراجعة ميثاقها، الذي يقضي بضرورة التركيز على الطابع الدعوي وأن تنأى بنفسها عن السياسة.

ونشأت الحركة أواسط سبعينيات القرن الـ20 من خلال فعاليات أقامتها جمعيات إسلامية، قبل أن يُعلن في الـ31 من شهر أغسطس/آب لعام 1996، ميلاد حركة "التوحيد والإصلاح" بعد اندماج الحركة ورابطة المستقبل الإسلامي.

أوس رمّال رئيس حركة "التوحيد والإصلاح" المغربية الجديد
أوس رمّال رئيس حركة "التوحيد والإصلاح" المغربية الجديد

لعنة "العدالة والتنمية"

ورأى الدكتور إدريس الكنبوري، الكاتب والباحث في الجماعات الإسلامية، أن حركة "التوحيد والإصلاح" أمامها تحديات كبيرة خلال المرحلة المقبلة؛ مشيراً إلى أن الحركة ستعمل على إرجاع بريقها المفقود، بعدما تأثرت بقيادة حزب "العدالة والتنمية" للحكومة وتراجع وهجه في الحقل السياسي المغربي.

ويعتقد في حديث لـ"إرم نيوز"، أن الحركة قد تعود للعمل الدعوي من جديد والاستقطاب بعيدًا عن الحزب، مبينًا أن فلسفتها المستقبلية ستكرس مفهوم الفصل بين الدعوي والسياسي، وبالتالي لن تظل مرتهنة للاختيارات السياسية للعدالة والتنمية.

واعتبر الكنبوري أن الوجوه التي تقود الحركة في الوقت الراهن "ستعمل على فتح نقاشات عمومية حول عدد من الملفات الاجتماعية والأخلاقية بصرف النظر عن مواقف حزب العدالة والتنمية"، لافتًا إلى أن الحركة "ابتعدت عن النقاش العمومي لأسباب متعددة".

وأوضح أنه على الرغم من أن الزعيم الجديد لحركة "التوحيد والإصلاح" مقرب جدًا من الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" عبدالإله بنكيران، فإن ذلك لن يُحدث تقاربًا لافتًا.

وكان بنكيران قد رفض تجديد الشراكة مع حركة "التوحيد والإصلاح"، وذلك أسابيع بعد انتخابه أميناً عاماً للحزب خلفاً لسعد الدين العثماني.

وتعتبر الحركة الخزّان البشري الذي طالما مدّ الحزب الإسلامي بوجوه قيادية مؤثرة.

وفي شهر أغسطس/آب لعام 2018، صادق المؤتمر العام لحركة "التوحيد والإصلاح"، على تعديلات في ميثاقها المؤسس، الذي يحدد أهدافها وبرامجها، ودعا حينها إلى تعميق طابعها الدعوي، والابتعاد عن السياسة.

مد وجزر

وطفت على السطح خلال السنوات الماضية، تشنجات أيديولوجية بين الحزب والحركة بسبب ملفات شائكة، مثل استئناف الرباط علاقاتها مع تل أبيب، وتدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، إضافة إلى تقنين زراعة القنب الهندي بالمملكة، وغيرها من الملفات المثيرة للجدل.

وبسبب ذلك التشنج لم تقدم الحركة دعمها لـ"إخوان" المغرب في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي مُني فيها حزب "العدالة والتنمية" بهزيمة مدوية، بعد أن كانت تدعمه في انتخابات 2011 و2016.

ورغم ذلك، بقيت العلاقة بين أعضاء الحركة وقادة الحزب مستقرة نوعا ما ولم يحدث "طلاق" كلي، فبنكيران كان جالسًا في الصفوف الأمامية أثناء افتتاح المؤتمر الوطني لـ"التوحيد والإصلاح"، إلى جانب ضيوف من داخل وخارج البلاد.

كما أن الموقع الرسمي للحزب تفاعل بشكل إيجابي مع المؤتمر، ونوه بطريقة مبطنة إلى تصريحات قادته السابقين إزاء مجموعة من الملفات السياسية والاجتماعية.

فقدت بريقها

من جهته، اعتبر عبدالفتاح الحيداوي، المحلل السياسي المغربي المهتم بالحركات الإسلامية، أن حركة "التوحيد والإصلاح" تخلت في السنوات الماضية عن الأسس التي لأجلها وُلدت وتشعبت في المجتمع المغربي، بل أضحت رافداً لحزب "العدالة والتنمية" وأقحمت نفسها في ملفات سياسية عديدة.

وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الحزب الإسلامي استفاد من هذه العلاقة والشراكة الوطيدة في الفترة الماضية، بدليل أن "العدالة والتنمية" اكتسح صناديق الاقتراع في انتخابات 2011 و2016، وخرج بخفي حنين في الانتخابات الأخيرة (2021) بعد أن أوقفت الحركة دعمها للحزب.

وبين الحيداوي أن الحركة على الأرجح "ستأخذ في المرحلة المقبلة مسافة بينها وبين "إخوان" بنكيران، وهذا الأخير سيقوم بنفس الدور، لأن هناك ضغوطات على الحزب كي لا يمزج بين السياسة والدعوة".

ورأى أن "التوحيد والإصلاح" ورغم انتخاب زعيم جديد، إلا أنها ستظل وفيّة لنهجها ولمؤسسيها ولن تغير الكثير، مُبيّناً أن الحركات الإسلامية في المغرب فقدت بريقها ولم تعد قادرة على الاستقطاب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com