ليبيا.. هل تحسم الانتخابات البلدية الجزئية "معركة الشرعية" بين الدبيبة وباشاغا؟

ليبيا.. هل تحسم الانتخابات البلدية الجزئية "معركة الشرعية" بين الدبيبة وباشاغا؟

تثير دعوة حكومة الاستقرار الوطني في ليبيا برئاسة فتحي باشاغا إلى إجراء انتخابات بلدية جزئية في المنطقة الشرقية تكهنات بتوسيع رقعة الصراع بينها وبين حكومة عبد الحميد الدبيبة، وسط تسابق الحكومتين لفرض شرعيتهما أمام المجتمع الدولي.

 وبدأت حكومة باشاغا استعداداتها من أجل تنظيم انتخابات بلدية جزئية، وذلك في تطور يهدد بفتح معركة جديدة في ليبيا، وفق ما قالته مصادر ليبية لـ "إرم نيوز".

وتأتي هذه الخطوة في استباق لخطوات مماثلة سيقوم بها منافسه الرئيسي رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة، بحسب المصادر.

إضفاء الشرعية

وعلّق المحلل السياسي الليبي جمال الفلاح، قائلًا: إنّ الانتخابات البلدية كإجراء تعدّ خطوة إيجابية لتجديد هيكلية البلديات وإضفاء الشرعية عليها.

وأوضح الفلاح في تصريحات لـ "إرم نيوز" إنّ "المنطقة الشرقية لم تجرَ بها انتخابات بلدية منذ 2013، ما يعني أن جميع عمداء البلديات الموجودين في المنطقة الشرقية تم تكليفهم في فترة الحرب في بنغازي".

وأكد الفلاح أنّ "الانتخابات مهمة لأننا نتحدث عن هيئات خدمية، وهذه الهيئات يفترض أن تنأى بنفسها عن الصراع السياسي، لكن -للأسف- أصبح ذلك الصراع السياسي مرتبطًا بحياة الليبيين، من حيث الخدمات أو توظيف الحالة الإنسانية في الصراعات السياسية".

وتابع الفلاح: "نحن اليوم أمام انقسام سياسي قائم وواضح في السلطة التنفيذية وحتى في السلطة التشريعية، انقسام بين حكومتين شرقًا وغربًا، وهذا أمر واقع أصبح يفرض نفسه."

وبخصوص توظيف الانتخابات في الصراع السياسي، قال الفلاح إن حكومة فتحي باشاغا تحاول أن تثبت نفسها من خلال الانتخابات البلدية في المنطقة الشرقية، التي تخضع لسيطرتها، وتحاول أن تلفت نظر المجتمع الدولي إلى أنها قادرة على إجراء انتخابات، وحمايتها، وتيسيرها، ونجاحها".

وبحسب الفلاح، فإنّه "إذا كانت حكومة باشاغا جادة في التغيير، والحفاظ على المسار الديمقراطي، والتداول السلمي للسلطة، بعيدًا عن الشعارات التي ترفعها، وعن استخدام هذه الانتخابات البلدية وتوظيفها في معركة سياسية كان يفترض أن تنطلق من المدن التي نادى أهلها فعلًا في السابق بإجراء الانتخابات فيها، مثل بنغازي، وسرت، ودرنة، وغيرها".

وأشار "الفلاح" إلى أن حكومة باشاغا انطلقت من مدن صغيرة وبسيطة جدًا، وبالتالي هي تحاول أن تفرض نفسها كحكومة شرعية وأن على المجتمع الدولي تقبّلها، وهذا هو الغرض الحقيقي، هو غرض سياسي وليس حرصًا على أن تكون هناك أجسام منتخبة".

وحول مدى الاعتراف بالانتخابات البلدية المرتقبة قال الفلاح: "طالما أن هذه المناطق اختارت وتفاعلت مع الدعوة إلى الانتخابات البلدية سيكون لها أجسام منتخبة، وبالتالي تستمد شرعيتها من الشعب بقطع النظر عن المسائل الفنية ومن هي الجهة الراعية والمنظمة للانتخابات".

وخلص الفلاح، قائلًا إنّ "هذه خطوة سياسية من حكومة باشاغا لأنه يريد أن يستثمر التصريحات الدولية التي طالبت الدبيبة بأنه إذا كان غير قادر على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية عليه أن يتنحى، وبالتالي يحاول باشاغا الاستثمار في هذه التصريحات وطرح حكومته على أنها قادرة على تأمين تلك الانتخابات."

التعطيل

من جهته، قال رئيس مجموعة العمل الوطني الليبية خالد الترجمان إن "قرار مجلس الوزراء الجديد برئاسة  فتحي باشاغا لتشكيل اللجنة العليا للانتخابات البلدية من أجل تنظيم انتخابات بلدية في المرحلة المقبلة في ظل وجود مجالس تسييرية وأخرى لها 8 سنوات وأخرى 4 سنوات و5 سنوات، هو قرار وجيه، لأن كل المجالس تحتاج إلى إعادة الانتخاب حتى يختار أهالي البلديات ممثليهم في بلدياتهم".

وشدد الترجمان في تصريحات أدلى بها لـ "إرم نيوز" على أن "الفكرة سليمة ومهمة ولكن الصراع الأساس بين الدبيبة المتمسك بالحكم و باشاغا المصر على تسلم السلطة هو الآخر قد يعرقل عملية إجراء هذا الاستحقاق.

 وحول فرص إنجاز هذه الانتخابات، قال الترجمان إن حكومة الدبيبة لا تمتلك سوى مصرف ليبيا المركزي ومؤسسة النفط وما على مجلس النواب إلا نقل مقار هذه المؤسسات إلى الجفرة أو سرت لأن الدبيبة سيعمل على تعطيل الانتخابات وقد يشكل لجنة أخرى بشأن الانتخابات البلدية من أجل الكيد لباشاغا وإفشال هذه الانتخابات".

كسب الثقة

من جانبه، قال المحلل السياسي التونسي المهتم بالشأن الليبي محمد صالح العبيدي إنّ توجه حكومة باشاغا نحو إجراء الانتخابات البلدية في بعض المناطق يعكس رغبتها بكسب ثقة المجتمع الليبي داخليًا، والمجتمع الدولي خارجيًا وتأكيد قدرتها على بسط النفوذ وإدارة الشأن العام، وبالتالي إضفاء الشرعية على أدائها".

وأضاف العبيدي في تصريحات لـ "إرم نيوز" أنّ "حكومة الدبيبة في المقابل لن تتمكن من منع باشاغا من المضي في هذا التوجه، رغم دعوتها سابقًا جميع الهياكل والمؤسسات العامة إلى عدم التعاطي مع حكومة باشاغا".

وذهب "العبيدي" إلى اعتبار أنّ هذه الانتخابات الجزئية لن تحقق شيئًا لليبيين، وهي تكرّس بشكل واقعي حالة الانقسام السياسي والمؤسساتي التي تعيشها البلاد، وفق تأكيده.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com