ليبيا.. "الاختفاء الغامض" يثير التساؤلات ومصير 1700 شخص "مجهول"
ليبيا.. "الاختفاء الغامض" يثير التساؤلات ومصير 1700 شخص "مجهول"ليبيا.. "الاختفاء الغامض" يثير التساؤلات ومصير 1700 شخص "مجهول"

ليبيا.. "الاختفاء الغامض" يثير التساؤلات ومصير 1700 شخص "مجهول"

تثير ظاهرة الاختفاء القسري في ليبيا تساؤلات متزايدة عن الأطراف المسؤولة، والإجراءات التي يجب على السلطات اتخاذها، لا سيما أن عدد المختفين الذين يواجهون مصيرا غامضا بلغ 1700 شخص، وهو رقم مرتفع ومثير للقلق.

وتشهد ليبيا في الآونة الأخيرة، شكاوى ومطالبات متصاعدة للكشف عن مصير نشطاء وسياسيين اختفوا في ظروف غامضة، وسط اتهامات للميليشيات، وصمت متواصل من قبل السلطات.

والخميس الماضي، أكدت عائلة الناشط والمدون، طارق خليفة لديرع العقوري، في تصريح صحفي، انقطاع الاتصال به منذ الأربعاء، وأنها لا تعلم مصيره، عندما كان بالقرب من مفرق جامعة بنغازي على طريق طرابلس، متهمة مجهولين بالوقوف وراء اختطافه.

بالتزامن، سلطت مطالبة الولايات المتحدة بتحقيق محايد من أجل الكشف عن مصير النائبة في البرلمان الليبي، سهام سرقيوة، التي اختفت عام 2019، الضوء على ظاهرة الإخفاء القسري التي تتفشى في البلاد.

وقال سفير الولايات المتحدة ومبعوثها الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إنه "لا ينبغي إسكات أي شخص أو التسبب في اختفائه بسبب ممارسته لحرية التعبير، سهام سرقيوة ليست استثناء".

ويعتبر ملف المهجرين والمختفين في ليبيا من الملفات الشائكة التي دعت مخرجات مؤتمر جنيف للحوار السياسي الليبي إلى حلحلتها قبل الذهاب نحو إجراء الانتخابات.

وكشف رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة، لـ"إرم نيوز" عن 1700 شخص تعرضوا للاختفاء القسري في بلاده منذ 2011، وهو تاريخ إطاحة انتفاضة محلية مع تدخل لحلف شمال الأطلسي بالعقيد الراحل معمر القذافي.

وقال حمزة إن "هذا الرقم بحسب إحصائيات الهلال الأحمر الليبي والهيئة الليبية للبحث عن المفقودين، ولا يزال مصيرهم مجهولا إلى الآن، رغم سعي السلطات جاهدة إلى وضع حد لهذه الظاهرة التي ساهمت النزاعات المسلحة والحروب في تصاعدها وتفشيها، بالإضافة إلى التشكيلات المسلحة وعصابات الجريمة والجريمة المنظمة"، وفق تأكيده.

ووفق حمزة: "تتعدد أسباب الاختفاء القسري بين دوافع الابتزاز المالي أو بدوافع إجرامية، وكذلك بدوافع الانتقام السياسي في سياق النزاعات المسلحة والحروب والأزمات السياسية التي مرت بها البلاد، ونتيجة الممارسات المشينة من قبل التشكيلات المسلحة".

وحذر حمزة من أن "هناك ثقافة وحالة كبيرة من الإفلات من العقاب في ليبيا، وعدم المساءلة، وعدم الامتثال لأوامر القضاء الليبي، وأن هذه الحالة هي التي أعطت دافعا كبيرا لارتكاب الكثير من الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتي من بينها حوادث الاختفاء القسري والاختطاف والاعتقال التعسفي خارج إطار القانون".

وأشار الناشط الحقوقي الليبي إلى أن هناك جهودا كبيرة من جانب مكتب النائب العام لضمان حقوق الضحايا والمتضررين من أجل إنهاء الإفلات من العقاب في ليبيا، رغم التحديات الأمنية وسلطة الأمر الواقع، أي التشكيلات المسلحة التي تُشكل عائقا لجميع مؤسسات الدولة الليبية.

ومن جانبه، علق عضو المجلس الأعلى للدولة، بلقاسم قزيط، بأن "هذا الأمر يعكس وجود حالة مريعة من الإفلات من العقاب خاصة لحملة السلاح، حيث لا تزال الكثير من السجون السرية والسجون الخاصة والكثير من عمليات القبض والسحل والضرب خارج إطار القانون".

وأوضح قزيط في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" أن "السياسيين في ليبيا يحاولون تجميل الصورة، لكن هناك حالة واسعة من الإفلات من العقاب وهو أمر مؤسف للغاية".

وحول دور الأحزاب والمجتمع المدني لوضع حد لظاهرة الاختفاء القسري، قال قزيط إن "الأحزاب والجمعيات لم تقدم شيئا على الأرض لوضع حد لظاهرتي الاختفاء القسري والإفلات من العقاب، كلها منحازة رغم أنه من المفترض أن المجتمع المدني مثلا يدافع عن قيم ومبادئ، لكن في ليبيا صوته ضعيف والأحزاب فقط تتكالب على السلطة ونهب المال العام"، وفق قوله.

وأشار قزيط إلى أن من أسباب استفحال هذه الظاهرة أن "الدفاع عن الضحايا يتخذ فقط طابعا أسريا وأحيانا قبليا والمجتمع المدني في غاية الضعف والتسييس".

بدوره، اعتبر الباحث السياسي والدستوري، محمد محفوظ، أن "الدولة الليبية تعجز عن وضع حد لهذه الظاهرة؛ لأنها هي التي تمارس الإخفاء القسري، وكل الأطراف التي تمارس الإخفاء هي جهات مرتبطة بالدولة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وبالتالي لا يمكن أن تكون الدولة هي الداء والدواء في نفس الوقت".

وأكد محفوظ في تصريحات لـ "إرم نيوز"، أن "هذا هو لب المشكل، نحن لا نتعامل مع دولة تحفظ كرامة المواطن وحقوقه، وهو أمر موجود في أغلب الدول العربية، لكن في ليبيا بشكل خاص، لا يوجد علاج حقيقي ما دامت الدولة تمارس هذه الآلية"، بحسب قوله.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com