"موازنة 2022" تثير "مخاوف" التونسيين على مستقبلهم
"موازنة 2022" تثير "مخاوف" التونسيين على مستقبلهم"موازنة 2022" تثير "مخاوف" التونسيين على مستقبلهم

"موازنة 2022" تثير "مخاوف" التونسيين على مستقبلهم

يرى خبراء اقتصاديون تونسيون أن الصعوبات التي تواجهها الحكومة في مواجهة الوضع المالي الصعب والمديونية المتفاقمة تلقي بظلالها على الوضع الاجتماعي في البلاد.

وقال الخبراء إن "حالة من القلق والخوف من المستقبل القريب تتشكل لدى المواطنين الذين باتوا يفتقدون عدة مواد أساسية من الأسواق وأصبحوا يخشون المساس برواتبهم المنهكة أصلا".

وكانت الحكومة طرحت أمس الثلاثاء، موازنة الدولة لسنة 2022 وسط توقعات بأن يبلغ حجم عجزها 6,7 % ولكن مع توقعات بأن تبلغ نسبة النمو 2,6 %.

ويبدي التونسيون مخاوف من أن تكون التوقعات التي رسمتها الحكومة صعبة المنال، ما يخلق تراكما للعجز المالي ويزيد من إنهاك القدرة الشرائية، لا سيما أن قانون المالية الجديد تضمن إجراءات تثقل كاهل المواطنين بكثرة الضرائب.

يُضاف إلى ذلك غياب التشجيع على الاستثمار ومساعدة المؤسسات التي تضررت بسبب تداعيات جائحة "كورونا" والأزمة الاقتصادية الحادة، وفق الخبراء.

"عوائد أكثر من الاستثمار"

اعتبر الخبير الاقتصادي محمد صالح الجنادي، أن "الحكومة التونسية في تقديمها لقانون المالية فكرت في توفير عوائد مالية لتعبئة الموازنة أكثر من تفكيرها في الاستثمار".

وقال الجنادي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "هذا أمر خطير لأنه لا يمكن تحقيق النمو دون استثمار".

ورأى أن "الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في مقاربتها لقانون المالية الجديد من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع نسبة التضخم لتبلغ 10 أو حتى 12 %، وهو ما سيكون له انعكاس مباشر على الوضع الاجتماعي، ويؤدي إلى تجويع الناس وبالتالي الخروج إلى الشارع والاحتجاج".

ونبه إلى أنه "كان على الدولة أن تتخذ منحى إصلاحيا لمساعدة المؤسسات المتضررة من تداعيات الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا حتى من خلال قروض يتم خلاصها في مدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات، ومساعدة الطبقة الوسطى والضعيفة".

وتابع: "لكن ما حصل أنها فكرت في تعبئة موازنة الدولة ووضع رقم غير قابل للتطبيق يخص نسبة النمو".

وأشار إلى أن "العالم يشهد انخفاضا حادا في نسبة النمو بلغت ـ 7 % وأقوى الاقتصادات عاجزة عن تحقيق نمو إيجابي في ظل هذا الوضع".

ولفت الجنادي إلى "نقطة أخرى قد تزيد من تفاقم الأزمة المالية وهي فرض ضريبة 10% على المؤسسات المصدرة كليا للخارج، وتداعيات ذلك على وضع هذه الشركات وعلى المواطن".

وذكر أن "هذا الإجراء سيدفع بهذه الشركات إلى الامتناع عن التصدير وخسارة أسواق وستضطر إلى الترفيع في أسعار المواد التي تصدرها للحفاظ على هامش الربح الذي كانت تحققه من عملية التصدير، وبالتالي إثقال كاهل المواطن الذي يعاني ضعفا في القدرة الشرائية".

واعتبر الخبير الاقتصادي أن "ضرب التصدير يخلف عواقب وخيمة، لأن التصدير يوفر العملة الصعبة ويوفر فرص العمل المباشر وغير المباشر لا سيما في قطاع النقل الجوي والبحري ومن ثمة فإن الحد من التصدير يخلق نقصا في العملة الصعبة وأزمة اجتماعية خانقة بتفاقم البطالة".

وتوقع أن تكون هناك "معارك اقتصادية قادمة وتوترات اجتماعية بالتوازي مع المعارك السياسية القائمة".

"لا جديد"

من جانبه، ذهب الخبير الاقتصادي إسماعيل الغالي، إلى "اعتبار أن ما جاء به قانون المالية الجديد لا يختلف كثيرا عن القوانين التي وضعتها الحكومات السابقة من حيث اعتماده على الضرائب بشكل أساسي دون التفكير في أساليب جديدة لدفع الاستثمار وخلق الثروة".

وقال الغالي في تصريح لـ"إرم نيوز" إن "ما يهم المواطن التونسي ليس ما تقدمه الحكومة من توقعات لنسبة النمو أو نسبة عجز الموازنة وإنما الإجراءات التي يكون لها أثر مباشر على وضعه المعيشي".

وأضاف أن "المواطن لم يتلق تطمينات من جانب الحكومة بأن تكون سنة 2022، منطلقا لبداية حل الأزمة وانفراج الوضع بل على العكس من ذلك تبدو جميع المؤشرات متجهة نحو تعميق الأزمة وإثقال كواهل المواطنين وإغراق المؤسسات الصغرى والمتوسطة، التي تعتبر عماد الاقتصاد التونسي، في مزيد من المصاعب المالية".

ولفت إلى أن ذلك "يهدد بإغلاق المزيد منها وخلق أزمة اجتماعية بسبب الارتفاع المتوقع لنسب البطالة".

"ضغوط وإكراهات"

بدوره، رأى الخبير الاقتصادي ووزير التجارة التونسي السابق محسن حسن، أن "إعداد هذه الموازنة جاء في ظرف سياسي دقيق وصعب، ويتسم بالضبابية، فضلا عن الضغوط والإكراهات التي كانت مطروحة من جانب المانحين الدوليين، الذين يشترطون الشروع في تنفيذ الإصلاحات الكبرى والمؤلمة".

وقال حسن في تصريح لصحيفة "الشروق" التونسية إن "اللجوء المفرط إلى التداين الداخلي لتعبئة موازنة الدولة سيلقي بظلاله على الاستثمار الخاص وعلى السيولة المصرفية وعلى تمويل المؤسسات والأفراد".

واعتبر أن "سنة 2022 ستكون صعبة على مستوى تعبئة الموارد الخارجية بسبب عدم وضوح العلاقة مع صندوق النقد الدولي بالشكل الكافي وكذلك مع بقية المؤسسات المالية العالمية".

ولفت حسن، إلى اعتبار أن "قانون المالية لسنة 2022 وُضع لتحقيق التوازنات المالية وليس لتحقيق النمو وإنعاش الاقتصاد".

وأشار إلى ضعف المبلغ المخصص لتمويل المهن الصغرى (25 مليون دينار) أي حوالي 8 ملايين دولار، والمبلغ المخصص لدفع الاقتصاد التضامني والاجتماعي (30 مليون دينار) أي نحو 10 ملايين دولار، وهو مبلغ اعتبره غير كاف لتحقيق الإنعاش الاقتصادي.

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com