لماذا يتمسك أردوغان بمحاولة السيطرة على سرت الليبية؟
أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حول سعي أنقرة لمواصلة العمل العسكري للسيطرة على مدينة سرت الليبية ومحيطها، التساؤلات حول الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية لهذه المدينة الساحلية.
و الاثنين، أقر أردوغان، في مقابلة مع تلفزيون "تي.آر.تي" الرسمي، بأن تركيا تضع ثروات ليبيا النفطية نصب أعينها، قائلا إن حكومة الوفاق ستواصل القتال حتى تسيطر على مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية التي تقع بمنطقة استراتيجية في الجنوب بالبلد المنتج للنفط.
وشدد أردوغان على أهمية سرت بقوله: "مدينة سرت ومحيطها مهمة لوجود آبار النفط"، مضيفا أنه "بعد ذلك ستكون العمليات أكثر سهولة، لكن وجود آبار النفط والغاز يجعل العمليات حساسة"، وفق قوله.
الهدف الحقيقي
و تعليقا على ذلك، اعتبر مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي، اللواء خالد المحجوب، أن التصعيد الأخير في المواقف و التصريحات الإعلامية للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تكشف حقيقة نواياه بأن الهدف الحقيقي من وراء دعمه لحكومة الوفاق ليس ما يدعيه من الدفاع عما يسميها الشرعية في ليبيا،بل هو السيطرة على ثروات ليبيا و الاستيلاء على النفط الليبي، منوها إلى أنه لا ينكر أحد الأهمية الاستراتيجية التي تكتسبها مدينة سرت التي تعد بوابة الهلال النفطي في البلاد.
و أضاف خالد المحجوب، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنّ النظام التركي يواجه اليوم وضعا عسيرا في ظل تداعيات فيروس كورونا و الانهيار المتواصل لليرة التركية، فضلا عن عدم قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن هذه العوامل تجعل أردوغان يسعى جاهدا إلى السيطرة على ليبيا، و ذلك بهدف التغطية على أزمته الداخلية المتفاقمة، و أيضا تعويض النقص الكبير لدى تركيا في منابع الطاقة، فضلا عن تحقيق طموحاته التوسعية و بسط هيمنته على كامل منطقة شمال أفريقيا.
بوابة الهلال النفطي
من جانبه، قال المحلل السياسي المختص في الشأن الليبي، أمين بن مسعود، في تصريحات لـ "إرم نيوز"،إن القارئ لمجمل التحركات التركية وتصريحات أردوغان الأخيرة، يستنتج عدة خلاصات لعل أهمها، رغبته في السيطرة على سرت لأهميتها الاستراتيجية كونها المدينة الساحلية الأكبر والأهم بعد طرابلس.
و أضاف بن مسعود، أن هذه المنطقة تمثّل إطلالة عسكرية مهمة على المثلث النفطي في البلاد، إضافة إلى بسط الهيمنة على القاعدة العسكرية البرية والجوية فيها، فضلا عن قدرتها على أن تكون قاعدة عمل عسكري لباقي مدن الشرق بعد التقدم العسكري الذي أحرزته قوات الوفاق في الغرب الليبي.
واتفق المحلل العسكري الليبي، شرف العلواني، مع بن مسعود بشأن أطماع الرئيس التركي بمدينة سرت لموقعها المطل على البحر المتوسط، مضيفا أن المدينة تحتضن قاعدتين هامتين جوية وبحرية.
كلمة السر
وأوضح العلواني، أن أهمية مدينة سرت العسكرية والإستراتيجية ترجع إلى سببين، الأول هو خليج سرت الذي قد يقسم ليبيا إلى نصفين، والثاني كونها رأس مثلث الأقاليم الليبية الثلاثة، مشيرا إلى أن السيطرة على سرت لأي من الطرفين تعني التحكم بمداخل الجنوب والشرق والسيطرة على النفط والغاز حقولا وتصديرا.
و لم يستبعد العلواني أن تعمل تركيا خلال المرحلة المقبلة، على تصعيد المعركة مع الجيش الليبي من خلال إنزال بحري، مطالبا الجيش باستنزاف العدو من خلال الاستفادة من المساحة الجوية المفتوحة بأكبر قدر ممكن ، وحماية المحاور الجنوبية لمنع قوات الوفاق من الالتفاف على الجيش الليبي من جهة منطقة القداحية طريق النهر أبوهادي- سرت.
