هل تمهد دبلوماسية "كورونا" لتحالف إستراتيجي بين الجزائر والصين؟
هل تمهد دبلوماسية "كورونا" لتحالف إستراتيجي بين الجزائر والصين؟هل تمهد دبلوماسية "كورونا" لتحالف إستراتيجي بين الجزائر والصين؟

هل تمهد دبلوماسية "كورونا" لتحالف إستراتيجي بين الجزائر والصين؟

يشدّ التقارب الجزائري الصيني، منذ تفشي وباء كورونا،  أنظار المراقبين، حتى أن البعض قرأ فيه بداية تشكّل مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، في إطار ما بات يعرف بدبلوماسية "كورونا" التي قد تزاحم مصالح دول غربية (على رأسها فرنسا) على سوق هذا البلد المغاربي الغني بالثروات.

وانتقل هذا النقاش المُثار بين أوساط السياسيين، ونشطاء مواقع التواصل الإجتماعي، إلى المؤتمر الصحافي الذي عقده الناطق باسم الرئاسة الجزائرية، بلعيد محند أو سعيد، اليوم الأربعاء، حيث سئُل عن رأيه في بعض الأصوات التي يقلقها تقارب بلاده مع بكين.

واعترض الناطق باسم الرئاسة، على اختزال العلاقات الجزائرية الصينية في مصطلح التقارب، واعتبر أنها علاقة متميزة تعود إلى الثورة التحريرية (1945-1962) ، مع تأكيده أن "الجزائر ليست مهتمة بالأطراف التي تزعجها علاقتنا مع الصين لأنه لدينا إستراتيجية في العلاقات الدولية ومن لم تعجبه فهذا شأنه".



وإن لم يشر المسؤول الجزائري لهذه الأطراف بالاسم، إلا أن متابعين يرون أن المقصود هو فرنسا؛ الشريك التقليدي للجزائر والتي "تتخوف" من فقدان حصتها المعتبرة في السوق الجزائرية، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

وعرضت الولايات المتحدة الأمريكية على لسان سفيرها، جون ديروشر، قبل أيام تقديم دعم مالي إلى الجزائر، للمساعدة في جهود مكافحة جائحة كورونا، وذلك في مكالمة جمعته بوزير الصحة الجزائري، لكنّ الجزائر لم تعلق على المبادرة بعد.

إمدادات طبية متواصلة

ومساء أمس الثلاثاء، حطت طائرة نقل عسكرية، تابعة للقوات الجوية الجزائرية في مطار هواري بومدين الدولي، بالعاصمة، محملة بشحنة من مساعدات طبية من الصين، وبعض المؤسسات الجزائرية بحمولة قدرها 19 طنًا.

وقالت وزارة الدفاع الجزائرية، إن "العملية تُضاف إلى عمليات الشحن المتعلقة بمحاربة هذا الوباء العالمي، مؤكدة جاهزية أطقم القوات الجوية للجيش، في تأدية المهام الموكلة لها، حتى زوال الوباء".



واحتدم النقاش بشأن التعاون الجزائري- الصيني، منذ وصول وفد طبي صيني متخصص في علاج مرضى فيروس كورونا، إلى العاصمة الجزائرية، في 27  آذار/مارس الماضي، مكونًا من 13 طبيبًا متخصصًا و8 أطباء ممارسين.

يومها، دخلت فرنسا على الخط، بشكل كاد يفجر أزمة دبلوماسية مع الجزائر، عقب زعم أحد ضيوف قناة “فرانس 24”  بأن المساعدات الصينية للجزائر، تم تحويلها إلى مستشفى عين النعجة العسكري، وليس لعموم الشعب.



وخلفت هذه التصريحات موجة من التعليقات، قبل أن تعلن الجزائر استدعاء السفير الفرنسي بأراضيها، لإبلاغه احتجاجها.

وصرح الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في لقاء صحافي حينها، أن “المؤسسة العسكرية تملك الآلاف من الخبرات الطبية وشبه الطبية، ما يجعلها في غنى عن أي دعم طبي خارجي، بل أكثر من ذلك ستقوم بتدعيم المستشفيات المدنية بأطباء مختصين وممرضين للتصدي لهذا الوباء".

في الجهة المقابلة، لم تتوان السفارة الصينية بالجزائر، في التعبير عن استيائها من هذه التعليقات، معتبرة أن  “كل المؤامرات التي تهدف إلى تسويد المساعدة الصينية، وتقويض التعاون بين الجزائر والصين، من خلال إثارة الخلافات بين البلدين، مصيرها الفشل".

وأعلنت السفارة مواصلة حكومة الصين وشعبها، بالوقوف دائمًا إلى جانب الحكومة والشعب الجزائريين، مع تقديم الدعم والمساعدات للجزائر، بُغية مكافحة هذه الجائحة سويًا.



مستقبل جديد

ويؤكد رضا شنوف، الصحفي المختص في الشؤون الدولية، أن "العلاقة بين الجزائر والصين، ليست وليدة التعاون بين البلدين في مواجهة كورونا، إنما تعود إلى ما قبل ذلك ولعقود سابقة، ترجمتها حجم المشاريع التي انجزتها وتنجزها الشركات الصينية في الجزائر، وتوثيقها باتفاق الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، الموقع في 2024".

ويعتقد شنوف في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "معركة كورونا، أظهرت حجم التعاون وطبيعة العلاقات بين الجانبين،  حيث كانت الجزائر من بين الدول التي أرسلت مساعدات للصين مع بداية انتشار الفيروس، والصين أرسلت في المقابل مستلزمات وفرقًا كبيرة، لمواجهة الجائحة مع انتشاره في الجزائر".

أما عن القراءات التي تذهب نحو إستراتيجية صينية، لإزاحة فرنسا من السوق الجزائرية بعد عقود من الاحتكار، فيقول "أظن أن الأمر له علاقة بسياسات تنتهجها الجزائر وليس الصين، وفرنسا ليست الوحيدة التي تضررت من توسع التواجد الصيني في الجزائر، بل العديد من الدول الاوروبية، التي فقدت مكانتها في السوق الجزائرية، ترجمتها احتجاجات غير رسمية على مستوى الاتحاد الاوروبي، على تفضيل الجزائر للصين".



وأضاف "لا أستبعد أن تتجه الجزائر لتعزيز التعاون مع الصين مستقبلًا، وتصريح الرئيس، عبد المجيد تبون، بداية شهر أبريل/ نيسان، أن الصين دولة صديقة، وتكاد تكون حميمة، يكشف طبيعة العلاقات ومستقبلها" معتبرًا أن "الصين تعتبر ثاني اقتصاد في العالم، وهو ما يفتح الباب أمام الجزائر لتنويع شركائها..".

وبلغت صادرات الصين للجزائر، خلال  الشهرين الأولين من العام الجاري، 1.073 مليار دولار (17.51  بالمائة من الواردات العامة الجزائرية)،  تتبعها فرنسا بـ 589.70 مليون دولار (9.62بالمائة)، ثم إيطاليا، الولايات المتحدة الامريكية، وإسبانيا.

هل تقرض الصين الجزائر؟

بالمقابل، يرى الباحث  الجامعي في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عادل أورابح، أن "شراكة اقتصادية قوية تجمع الجزائر بالصين، خاصة منذ بداية الألفية الأخيرة، وعلى الصعيد السياسي، كان هناك دومًا تقارب سياسي في المواقف الدولية، اعتبارًا لسياسة عدم التدخل في شؤون الدول، التي تتبناها الدولتان".

ويعتقد أروابح في تصريح لـ"إرم نيوز " أن "الصين التي تُواجه هجمة ومساءلة كبيرتين من طرف الدول الغربية المتضررة من فيروس كوفيد-19 بسبب نقص شفافيتها، فيما يخص هذه الأزمة، مرشحة لعقوبات اقتصادية غير مباشرة من طرف هذه الدول، من خلال إعادة توطين الصناعات الإستراتيجية خاصة".

ولهذا تحاول الصين، وفق أورابح، "الخروج بفوائد سياسية من هذه الأزمة، من خلال التقارب أكثر مع الدول التي تدعمها في مواقفها الدولية، والجزائر من بين هذه الدول". في حين يرى أن "الجزائر تتعرض حاليًا لأزمة مالية متعاظمة وإن التقرب أكثر من الصين مفهوم، باعتبارها دولة مُقرضة محتملة".

 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com