العهد السعودي الجديد يُصافح المرأة
العهد السعودي الجديد يُصافح المرأةالعهد السعودي الجديد يُصافح المرأة

العهد السعودي الجديد يُصافح المرأة

"حدثٌ تاريخي" هكذا وصفت وزارة الخارجية الأمريكية، الانتخابات البلدية السعودية، بعد فوز17 سيدة فيها.

وفي سابقة تعد الأولى من نوعها في البلد الأكثر محافظة في قوانينه تجاه المرأة، تمكنت السعوديات من حصد 17 مقعداً في انتخابات البلدية، التي اعتبرتها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان "انتخابات نزيهة"، وأبدت رضاها عن العملية الانتخابية.

مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات.. مساواة حقيقية أم تحسين صورة؟.

هكذا عنونت "بي بي سي" العربية تقريرا عن انتخابات مجلس البلدية، وبغض النظر عن كون المشاركة تمثل مساواة حقيقية أم مجرد تحسين صورة، فإنّ فكرة حلول المرأة في مفاصل الحياة المختلفة في السعودية، هي خطوة بحد ذاتها، تجاه كسر الصورة النمطية الشديدة للمجتمع الذكوري المسيطر بشكل شبه تام على مناحي الحياة المختلفة في المملكة.

كل شيء تغير..

ضرورة المرحلة فرضت نفسها للتفكير جديا بإحداث تغيير بما يخص المرأة في السعودية، للبدء بمواجهة التحديات التي تواجه المملكة.

ورغم مكاسب المرأة السعودية في السنوات الأخيرة، خاصة دخولها مجلس الشورى في 2013، واعتماد هوية وطنية تعريفية بها، والسماح لها بمزاولة مهنة المحاماة، وترخيص المملكة رسميا بافتتاح نواد رياضية خاصة بالنساء بعد سنوات من منع ذلك، وغيرها من الإجراءات، لكن ما زال هناك الكثير أمام السعودية لاتخاذه تجاه حقوق المرأة.

وليس صحيحاً أنّ السعودية تنبهت حديثاً لضرورة تحسين وضع المرأة، فمنذ التسعينات بدأت السعودية باتخاذ خطوات خجولة، تجاه ترسيخ مكانة المرأة.

العهد الجديد وخطوات حازمة

يبدو عهد الملك سلمان عهداً واعداً بالنسبة للمرأة وواعياً بضرورة تفعيل دورها في المجتمع السعودي، ويبدو واثق الخطى أيضاً ويحقق نجاحاً كبيراً على هذا الصعيد، فالواضح أنّ ما كان سابقاً يتم بوتيرة بطيئة، صار في عهده أكثر حزماً تجاه إحداث تغيير جذري في وضع المرأة السعودية.

لكن مع ذلك، يدرك المعنيون في السعودية، أن تقبل تواجد المرأة كعنصر فاعل في المجتمع السعودي يحتاج لخطوات مدروسة حذرة، لجعله مبدأ راسخاً، دون التعدي الفج على تقاليد المجتمع المحافظ ما يجعله ينفر من أي قرار يتخذ بحقها.

وتسعى الدولة لإمساك العصا من المنتصف، ما بين تقديم يدها للمرأة من جهة وتغيير وجهة نظر التيارات المحافظة والمعروفة بتزمتها تجاه القوانين التي تخص المرأة من جهة أخرى.

واعتبر الكاتب السعودي عبداللطيف الملحم، في مقال نُشر في صحيفة "عرب نيوز" الناطقة بالإنجليزية، أن الانتخابات (أي انتخابات البلدية) مجرد بداية لدور متنامٍ للنساء في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وقال: "هذه الانتخابات ذكّرتنا باليوم الأول الذي انتسبت فيه نساء إلى نظام التعليم، مع مرور الوقت نسبة النساء المنتسبات إلى الجامعة تعادل، إن لم تكن أكثر، من نسبة الرجال".

المرأة السعودية اليوم ليست كالأمس

باتت المرأة السعودية اليوم أكثر وعياً بحقوقها من أي وقت مضى، وأكثر ثقة بالنفس، خاصة مع تحول العالم بفضل الانترنت إلى قرية صغيرة، فصار مكشوفاً على بعضه البعض، وماعادت المجتمعات حكراً على نفسها.

ومع تغير مجرى الرياح في المنطقة العربية، وعلو صوت الشعوب، نهضت السعوديات للمطالبة بالمشاركة في مجتمعهن، فعلت أصواتهن تطالب بحق قيادة السيارة، كأبسط حق من حقوقهن، لتخرج العديد من الناشطات السعوديات بجرأة نادرة ليقدن في الشوارع ويصورن في الكاميرا وينشرن صورهن على مواقع الانترنت المختلفة، رغبة منهن بالحصول على دعم الدولة بقرارهن هذا، ورغم أن المسؤولين لم يتمكنوا للآن من الحصول على تأييد للسماح للمرأة بالقيادة، إلا أن ما حققته السعوديات اليوم من طرح فقط للموضوع يعد بحد ذاته خطوة كبيرة.

ويبدو أن السعودية تملك نية حقيقية بالأخذ بيد نسائها، فمؤخرا أيضاً يدرس مجلس الشورى السعودي مقترحاً يقضي بمنح المرأة السعودية التي تمتلك وثيقة هوية وطنية خاصة بها، حق استخراج جواز سفر دون الرجوع لولي أمرها.

ومع تحقيق السعوديات لنجاح باهر في الفوز بانتخابات البلدية، إلا أن الأهمية لا تكمن في هذا الفوز..

فالأهمية في ترشح المرأة لمجلس انتخابات البلدية لا يأتي كونه جعل للسعوديات حق في المشاركة السياسية فقط، بل تكمن أهميته في أن المرأة ستكون موجودة في مناحي الحياة المختلفة أكثر فأكثر..

فبعد نجاح السعوديات في انتخابات البلدية، علقت الناشطة في مجال حقوق المرأة، إيمان فلاتة، وإحدى المساهمات في إطلاق مبادرة "بلدي"، على ذلك بالقول، إنّ إلغاء نظام ولي الأمر يشكل أولوية، إلا "أننا لن نضع آمالاً قوية على تحقيق ذلك" حالياً.

وتضيف: "نعرف أننا لا نزال في المراحل الأولى، وأن الطريق طويل، لكننا على الطريق الصحيح".

فصورة المرأة السعودية من الآن فصاعداً ستصير مألوفة لدى الشارع والمجتمع وحتى للتيار المحافظ السعودي، مما سيسهم بالتأكيد بتسهيل أي خطوات قادمة نحو انفتاح الآفاق أمامها لتكون مشاركة في الحياة العامة ككل..

فالناشطة ليلى الكاظم التي ساهمت في إطلاق مبادرة "بلدي" أيضاً، علقت على فوز المرأة الكبير بانتخابات البلدية بقولها، إنّ فوز نساء في الانتخابات "لن يكون له علاقة" بإنهاء منع قيادة السيارات.

وتبدي اعتقادها بأنّ أي تقدم في أي مجال للمرأة السعودية "سيدفع نحو التقدم في مجالات أخرى" بشكل غير مباشر.

وهذا بالتأكيد ما سيجعل نصب أعين السعوديات لاحقاً المزيد والمزيد نحو إثبات حقوقهن، والتي بالطبع بتواجدها اليوم في الانتخابات يعني أن صوتها صار أقوى ومسموعا أكثر من أي وقت مضى..

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com