السعودية تستعيد القيادة من التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب
السعودية تستعيد القيادة من التحالف الدولي لمواجهة الإرهابالسعودية تستعيد القيادة من التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب

السعودية تستعيد القيادة من التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب

يأتي إعلان الرياض بتأسيس تحالف إسلامي عسكري من 34 دولة استمراراً لسياسة المبادرة تجاه الأحداث التي تشهدها المنطقة منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم في المملكة مطلع العام الجاري، وفي إطار سعي الرياض لدفع الدول الإسلامية لخوض حربها على الإرهاب بنفسها دون الحاجة لتدخل غربي، بحسب مراقبين.

وفي دليل على أن التحالف الجديد هو نتاج عمل دؤوب للدبلوماسية السعودية النشطة التي يقودها جيل من الشباب الذين عينهم الملك سلمان، جاء إعلان التحالف على لسان ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان دون حضور نظرائه على الأقل من الدول المشاركة في التحالف.

ولم يتضح بعد الحد الذي يمكن أن يقطعه التحالف في محاربته للإرهاب، وما إذا كان سيخوض حروباً فعلية لتحقيق الهدف المعلن، خاصةً أن البيان أشار إلى تأسيس مركز عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود.

وتوقع دبلوماسي خليجي سابق في حديث لشبكة "إرم" أن تستهدف الخطوة السعودية الجديدة منح تفويض مستمر من الدول الإسلامية للمملكة لاتخاذ القرارات المصيرية في العالم الإسلامي والتي تحتاج عادةً لأشهر من الحراك الدبلوماسي والزيارات المكوكية والسرية للسياسيين والقادة العسكريين.

وأضاف الدبلوماسي الذي عمل لسنوات في الرياض، أن المملكة التي تعد قبلة العالم الإسلامي وتمتلك ثقلاً سياسياً وعسكرياً كبيرة في العالم الإسلامي تريد أن تكون أي خطوة تتخذها في المستقبل تحت غطاء إسلامي يحقق لها عدة مكاسب.

وأوضح أن الدول الفاعلة في التحالف الجديد، تشارك المملكة فعلياً منذ تسعة أشهر عمليتها العسكرية التي تنفذها في اليمن لكبح طموح جماعة الحوثيين المدعومة من طهران في دولة محاذية للسعودية، كما أن تلك الدول تشارك المملكة أيضاً في دعمها للمعارضة السورية على الأرض.

وعندما سئل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن التحالف الإسلامي، قال إن دول التحالف ستتبادل المعلومات والتدريب وستقوم بالتجهيز، وأن إرسال قوات برية "سيتوقف على الطلبات التي تأتي وسيتوقف على الاحتياجات وسيتوقف على استعداد الدول لتقديم المساندة اللازمة".

كما اقتصر حديث وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان عن التحالف بالقول إن التحالف الإسلامي العسكري الجديد سينسق الجهود لمحاربة الإرهاب في العراق وسوريا وليبيا ومصر وأفغانستان لكنه لم يقدم مؤشرات تذكر على كيفية مضي الجهود العسكرية.

وبدت حتى الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد أقدم حليف للرياض غير عارفة بتفاصيل الأمور رغم مباركتها للخطوة الجديدة، وهو ما عبر عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي بالقول إن الولايات المتحدة تحتاج لتعرف أكثر عن التحالف الذي أعلنته السعودية، لكنه أكد أن التحالف يتوافق مع الجهود التي تدعو واشنطن حلفاؤها في المنطقة لبذلها منذ فترة.

ويقول مراقبون للسياسة السعودية إن التحالف الجديد هو مبادرة سعودية محضة تستهدف أهدافا محددة، تدعم مبادرات سابقة بدأتها المملكة، وتمهد لمبادرات جديدة ستتخذها المملكة التي تكتسب مزيداً من الزخم الإقليمي الذي فقدته في السنوات الماضية واستعادته بقوة منذ تولي الملك سلمان لعرش السعودية.

وقال خبير سعودي معلقاً على إنشاء التحالف الجديد، إنها مبادرة سياسية وإعلامية أكثر منها عسكرية، فكثير من الدول المشاركة في التحالف لاتمتلك القدرة البشرية والمادية لخوض عمليات عسكرية خارج حدودها، لكنها تفوض المملكة والدول القوية في التحالف لاتخاذ القرار المناسب.

وأضاف الخبير: "إنها عملية استعادة للقيادة الإسلامية التي حاولت سرقتها الجماعات المتشددة من المملكة التي كانت قبل سنوات الربيع العربي المرجع الإسلامي للدول في العالم".

وأوضح أن التركيز الإعلامي الجديد في العالم سيكون نحو قرارات التحالف الإسلامي وما ينوي فعله، "لا ما تنوي دولة الخلافة في الموصل فعله" في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي أعلن عن إقامة دولة الخلافة في الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسوريا.

ورغم التأييد الشعبي والدولي للتحالف الإسلامي الجديد، فإن الصبغة الدينية التي نالها التحالف بإعلان هيئة كبار العلماء في السعودية عن تأييدها له ودعوة كل الدول الإسلامية للانضمام له تمنحه هيبة خاصة وتعد مؤشراً على أن مهندسيه يريدونه الممثل الشرعي الوحيد للدول الإسلامية.

ويقول مراقبون إن المملكة تمارس دورها الإقليمي الكبير كقوة إقليمية في عدة دول بالمنطقة قبل إنشاء التحالف الجديد، لاسيما في اليمن وسوريا والعراق والبحرين ومصر وليبيا، وأعلنت عن دعم بمليارات الدولارات لحليفها المصري بعد ساعات من إعلان إنشاء التحالف.

ويرى المراقبون أن التحالف الجديد هو حلقة واحدة من سلسلة إجراءات تعمل عليها المملكة وحلفاؤها الخليجيون إضافة إلى تركيا ومصر، لإعادة الاستقرار إلى المنطقة وضمان أمنها وأمن حلفائها لتعويض تردد الولايات المتحدة والغرب في التدخل المباشر، وتركهم المنطقة تنهار لصالح المنافس القديم للرياض، طهران.

وعلى أرض الواقع، بدأت الرياض في مارس/آذار الماضي عملية عسكرية كبيرة في اليمن مازالت مستمرة حتى الآن رغم إعلانها أمس الثلاثاء هدنة جديدة لمنح فرصة للحل الدبلوماسي بين المتخاصمين في اليمن، كما ساهم دعمها ودعم حلفائها في المنطقة في تحقيق مكاسب كبيرة على الأرض للمعارضة السورية.

وقال الإعلامي السعودي البارز عبدالرحمن الراشد، معلقاً على التحالف الجديد "ولد اليوم أول حلف عسكري للدول الإسلامية التي تستطيع أن تقول إنها المعنية، وصاحبة مشروعية محاربة الجماعات التي تستخدم الإسلام لنشر الفوضى وتهديد المجتمعات.

وأضاف الراشد: "العدو الأول اليوم في العالم هو إرهاب التنظيمات الإسلامية. مهم جداً أن يكون هناك تحرك، وعدم ترك مسؤوليتنا يتولاها غيرنا، يقرر ويرسم هذا الغير خريطة العالم الفكرية والسياسية. فنحن لن نتفق مع الروس، مثلا، على تصنيف الإرهابيين، ولن نقبل بالتصنيف الطائفي الذي نسمعه حديًثا من واشنطن، ولا يمكن الجلوس على قارعة الطريق نتفرج على هذا التخبط، وادعاء كل طرف أنه من سيحارب التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم".

ويرى الراشد أنه: "بالنسبة لحلف الرياض العسكري الإسلامي، فأمامه مجالات واسعة للعمل، ولا أتصور أن هذا الحلف ينوي خوض معارك الغير، إن كانوا لا يريدون المساعدة. فمصر إن شاءت ستحصل على دعم عسكري لمواجهة الجماعات المتطرفة المسلحة في سيناء. وكذلك لو قررت المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، أو الإقليمية مثل الجامعة العربية، الاستنجاد بالحلف العسكري، في محاربة الإرهاب في الدول التي لم تعد فيها شرعية، مثل ليبيا وسوريا، أو ضعيفة، مثل اليمن أو مالي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com