الجدران بين الدول المغاربية.. أزمات سياسية واجتماعية
الجدران بين الدول المغاربية.. أزمات سياسية واجتماعيةالجدران بين الدول المغاربية.. أزمات سياسية واجتماعية

الجدران بين الدول المغاربية.. أزمات سياسية واجتماعية

انطلقت قوات الجيش الجزائري منذ أيام، في إقامة عوازل ترابية على امتداد الحدود التونسية الجزائرية بالمناطق الجنوبية، بدءاً من ولاية توزر (جنوب غرب تونس) القريبة من ولاية الوادي (الجزائر) وحتى المثلث الحدودي مع تونس وليبيا.

هذا الجدار العازل أثار بعض الجدل بين المحللين السياسيين وإن كانوا اتفقوا حول جدواه في محاربة الإرهاب، وإيقاف نزيف التهريب، فإنهم اختلفوا حول تداعياته على آلاف المواطنين، من الجانبين، الذين يعتمدون على التهريب، لخلق مصادر رزقهم وإعاشة عائلاتهم.

ولئن أكد بعضهم أنّ الجدار سيخلق "أزمة غير معلنة" بين تونس والجزائر، فإن البعض الآخر، يرى أنه "لا وجود لمؤشرات تؤكد الأزمة، سياسية كانت أو اقتصادية واجتماعية، لوجود تنسيق بين البلدين خاصة على المستوى الأمني".

العازل الترابي

ورد في الخبر الذي نشرته "الشروق" الجزائرية، أنّ العازل الترابي يمتدّ على مسافة 140 كلم من الحدود التونسية الجزائرية وكذلك على مسافة كبيرة بين الحدود مع ليبيا.

ويبلغ ارتفاع العازل الترابي نحو 3 أمتار مع نفق بنفس العمق ويرتكز ببعض الصخور التي تكون محلّ حماية له واستحداث برج مراقبة عسكري كل مسافة تقدر بـنحو 10كلم.

وتهدف هذه العوازل الترابية، بحسب "الشروق"، إلى "منع تسلّل "الدواعش" بشكل شبه نهائي إلى التراب الجزائري وسدّ تغطية العجز البشري في بعض المناطق نظراً لشساعة الحدود وطول الشريط الحدودي بمعظم مناطق التوتر سواء في ليبيا أو مالي والنيجر وتونس.".

وإلى جانب العازل الترابي، وأبراج المراقبة تمّ إنشاء وحدات عسكرية متنقلة بالمناطق الصحراوية التي يعبرها المهربون والإرهابيون بين تونس والجزائر وليبيا.

مشروع قديم

أكد المحلل السياسي كمال الشارني على أنّ مشروع مراقبة الحدود الشرقية للجزائر مع تونس بدأ بعد الثورة التونسية مباشرة، وذلك باستعمال طائرات بدون طيار، وأنظمة مراقبة بالكاميرا الحرارية، والآن تمّ إضافة الخندق أو الساتر الترابي، مشددا على ضرورة النظر بحذر لما تنشره بعض وسائل الإعلام الجزائرية من أخبار مبالغ فيها.

وأضاف الشارني في تصريح خصّ به شبكة "إرم" الإخبارية، أنّ الجزائريين متخوفين من الحدود الجنوبية مع ليبيا، أكثر من حدودهم الشرقية مع تونس، وذلك من خلال مساحة شاحنة وحاضنة بشرية كبيرة، ويومياً هناك حجز لأسلحة، ومنها ما حصل بالأمس، في منطقة برج باهي، على الحدود الجنوبية.

استبعاد الأزمة

واستبعد الشارني وجود مؤشرات لأزمة سياسية بين تونس والجزائر، مؤكداً أنه في السنوات العشر الأخيرة، لم تتأثر العلاقات، وطوال الأزمة الجزائرية، وخاصة على المستوى الأمني، حيث يتمّ التنسيق بين الجانبين، لحماية الحدود من الإرهابيين.

أما على الجانب الاجتماعي، فأكد الشارني على أنّ المهرّبين عادة ما يتأقلمون مع الإجراءات الجديدة، ويجدون الحلول لمواصلة نشاطهم، كما أن السلطات السياسية والأمنية، تعرف جيداً أهمية هؤلاء، في أن يكون العيون الساهرة للأمن على الحدود،وبالتالي يتمّ التنسيق، من خلال التغاضي عن تهريب بعض المواد التي لا تضرّ الجانب الأمني قبل الجانب الاقتصادي.

وبهذا التنسيق، لن يتأثر المتساكنون في الولايات الحدودية من الجانبين، ولن تتضرر آلاف العائلات، ولن تخسر موارد رزقها المرتكزة أساساً على التهريب، وقد تعوّد الشباب، كما الكبار، وحتى الحيوانات، على ذلك.

أزمة اجتماعية حقيقية

شدّد الإعلامي والمحلل السياسي نصر الدين بن حديد، على أنّ الجدار الذي تشيّده الجزائر "سيخلق أزمة اجتماعية حقيقية."، متسائلاً: "هل فكّر المسؤولون من الجانبين في حماية نحو 350 ألفاً من متساكني الولايات الحدودية، من مصدر رزقهم الرئيسي؟، وهل يوفّرون لهم الشغل عندما يقطعون عنهم سبل التهريب؟".

وأكد بن حديد في إفادة لشبكة "إرم" الإخبارية، على وجود مؤشرات لأزمة أمنية واقتصادية واجتماعية، قادمة، مستبعداً أزمة سياسية معلنة، لأنه "لا أحد يمنع تونس من تركيز جدار عازل على حدودها لمحاربة الإرهاب، ولا أحد يمنع الجزائر كذلك"، مشدّداً على أنها "أزمة نتائج" لهذا الجدار العازل بين البلدين.

وأوردت صحيفة "الخبر" الجزائرية، يوم أمس، إصابة مهرّب تونسي بطلق ناري، على مستوى الكتف، على الحدود التونسية الجزائرية، بمنطقة الصفصاف التابعة إقليمياً لبلدية عين الزرقاء المتاخمة للحدود التونسية، بسبب رفضه التوقّف، بحسب المعلومات الأولية.

وتساعد الأمم المتحدة على محاربة الإرهاب بتقديم الدعم في إقامة مثل هذا الجدار العازل للحماية من الإرهاب.

مسألة خاصة

أكد الدبلوماسي التونسي السابق عبدالله العبيدي، أنّ الجزائر "تقوم بتحصين حدودها"، خاصة وأنها ترى أنّ تونس" غير قادرة في مرحلة من المراحل على الصمود أمام الضغوطات التي قد تتعرض لها.".

وحول مؤشرات وجود أزمة اجتماعية، قال السفير العبيدي في تصريح خصّ به شبكة "إرم" الإخبارية: "في هذه الحال، على تونس أن تتحمّل مسؤوليتها بخصوص آلاف العائلات التي تسترزق من الإرهاب."، متسائلاً في استنكار "وما دخل الجزائر في ذلك؟.".

وإن لم يستبعد العبيدي وجود تنسيق بين تونس والجزائر، فقد اعتبره "بسيطاً".

وأكد الدبلوماسي السابق عبدالله العبيدي على أنّ "كلّ بلد مطالب بحماية حدوده وتحصينها، ولا ينتظر من غيره القيام بذلك، وهو ما تقوم به الجزائر.".

أزمة غير معلنة

وحول التنسيق بين تونس والجزائر، قال بن حديد: "التنسيق موجود، ولكنه في أدنى درجاته، وبالتالي فالتنسيق مهمّ في جميع المجالات، وعلى أعلى المستويات."، مؤكداً وجود "رؤى مختلفة" حول محاربة الإرهاب.

وكشف بن حديد أنّ الجزائر أمدّت تونس بقائمة المهربين الكبار، ولكن "تونس لم تحرك ساكناً."، وفق تعبيره، وبالتالي فالجزائر غير راضية على "الطريقة التي تتعاطى بها تونس لمكافحة الإرهاب."، يؤكد الإعلامي بن حديد.

وأكد على وجود "أزمة غير معلنة بين تونس والجزائر.".

ونقلت صحيفة "الفجر" الجزائرية، غي عددها الصادر في الرابع عشر من يوليو الماضي، عن مصادر أمنية جزائرية وتونسية، أنّ لجنة تقنية أمنية وعسكرية، مشتركة بين الجزائر وتونس، أوكل لها ملف تجهيز الحدود بين البلدين بنظام إلكتروني للإنذار ضد عمليات التسلل من قبل العناصر الإرهابية والمنظمات الإجرامية والأسلحة، لاسيما تلك الوافدة من ليبيا.

جدار على الحدود المغربية

والجدار، أو الساتر الترابي التي تقيمه الجزائر على حدودها الشرقية مع تونس، والجنوبية مع ليبيا، ليس الأول، فقد سبق أن أقامت كل من الجزائر والمغرب، جداراً عازلاً على الحدود بينهما، وأضافت الجزائر جداراً على جزء من حدودها مع مالي، لمكافحة الإرهاب، وإيقاف تأثير التهريب على اقتصادها الوطني.

وقد انتهى المغرب من بناء سياج إلكتروني، بطول يتجاوز 110 كيلومتر، على طول الحدود مع الجزائر، بهدف الرفع من قدرة المملكة على مراقبة الحدود ومنع تنقل الإرهابيين بين البلدين.

وحسب وسائل إعلام مغربية، فإن المغرب بدأ منذ نحو سنة، في تشييد هذا السياج، وتزويده بأجهزة استشعار إلكترونية لرصد جميع التحركات الحدودية مع الجزائر.

يشار إلى أن الحدود البرية والمغلقة بين الجزائر والمغرب منذ العام 1994، تمتد على طول 1600 كيلومتر.

خطر أحمر بين مالي والجزائر

وكشفت صحيفة "الخبر" الجزائرية، في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2012، عن شروع الجيش الوطني الشعبي الجزائري في بناء سياج أمني مكهرب، بطول 50 كلم بين برج باجي المختار الجزائرية ومدينة الخليل المالية، وذلك بهدف غلق جميع المنافذ التي كانت مفتوحة في وجه المتسللين، سواء تعلق الأمر بالإرهابيين أو المهربين، يكون بمثابة "خطر أحمر" بين الجزائر ومالي.

ويبلغ طول الحدود المشتركة بين الجزائر ومالي نحو 1400 كيلو متر .

ويرى الخبير الأمني والاستراتيجي، أحمد ميزاب، أنّ استحداث العازل الترابي، سواء بين الجزائر وتونس، أو بين الجزائر وكل من ليبيا ومالي، يندرج ضمن إستراتيجية أمنية للجيش الجزائري، وفي إطار تحسّب لتدخل عسكري في ليبيا، وما يترتب عن ذلك من إمكانية تدفق للاجئين والإرهابيين، الذين قد يدخلون إلى الجزائر.

وأضاف رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، أنّ الساتر الترابي سيكون مصحوباً بحفر خندق ترابي، إلى جانب التأكيد على التواجد الأمني والعسكري المكثف، على طول المسافة الحدودية الشرقية مع تونس، والجنوبية مع ليبيا، والتي تتجاوز 1500 كلم، وهو ما يتطلب إمكانيات كبيرة لتوفير الحماية والمراقبة.

ويشمل النظام الإلكتروني الجديد تجهيز الحدود الجزائرية التونسية، الممتدة على مسافة 965 كلم، بمحطات مراقبة على جانبي الحدود، وسياج إلكتروني طويل وذلك لكشف عمليات التسلل التي يتعرض لها البلدان اللذان يعلنان حرباً مفتوحة على الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة.

 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com