غالانت: إسرائيل سترد قريبا على إيران وسيكون الرد قاتلا ودقيقا
أثارت الأحكام القضائية الصادرة في تونس والقاضية بتجميد نشاط عشرات الأحزاب السياسية جدلاً وتساؤلات عن خلفياتها السياسية، وما إذا كانت تهدف إلى تنظيم الحياة السياسية أم مقدّمة لإنهاء دور الأحزاب في المرحلة المقبلة.
وأصدرت السلطات القضائية التونسية أحكامًا بتجميد نشاط 97 حزبًا، بسبب شبهات فساد مالي أو الضبابية التي ترافق عمل هذه الأحزاب وقوائمها المالية وطريقة إدارتها، إضافة إلى توجيه السلطات تحذيرًا لـ 150 حزبًا للتعجيل بتسوية وضعياتها المالية.
وبحسب مصادر، فإنّ هذا القرار يمثّل جزءًا من إعادة هيكلة وبناء الساحة السياسية في تونس، بعد 25 يوليو/تموز 2021، وإنهاء حكم حركة النهضة الإسلامية.
ويقول متابعون للشأن السياسي التونسي إنّ العملية قد تستغرق وقتًا طويلًا لأنها تتطلب كثيرًا من التدقيق والنظر في مظاهر التجاوزات التي أتتها بعض الأحزاب.
واعتبر المحلل السياسي مراد علالة في تصريحات لـ "إرم نيوز" أن الأحكام القضائية المتعلقة بتعليق نشاط 97 حزبًا سياسيًا في تونس تشمل الأحزاب التي تأسست منذ الثورة الى اليوم، بحسب تعبيره.
وأشار "علالة" إلى وجود 250 حزبًا سياسيًا في تونس منها حوالي 40 حزبًا في حالة نشاط، معتبرًا أن هذه الأحزاب التي صدرت فيها الأحكام القضائية معظمها منتهية العمل أو لم تحترم القانون عدد 88 المنظم للأحزاب الصادر، العام 2011، من خلال تقديم تقاريرها المالية أو تنظيم مؤتمراتها، بحسب القانون.
وقال علالة إنّ "معظم الأحزاب الصادرة بحقها هذه القرارات هي إما أنها لم تحترم آجال مؤتمراتها أو لم ترجع الأموال التي أخذتها في الحملات الانتخابية وبالتالي وجب غلقها".
وحول بعض الأحزاب الأخرى مثل التيار الديمقراطي و"النهضة" وغيرها من الأحزاب أفاد علالة بأن حركة "النهضة" على سبيل المثال لها ملف خاص، مشيرًا إلى أن سائر الأحزاب الأخرى هي أحزاب صغيرة لا فاعلية كبيرة لها على الساحة.
وبخصوص ضمنيات هذا القرار، أفاد المحلل بأنه يبعث، اليوم، برسالة إلى سائر الأحزاب السياسية في تونس مفادها ضرورة احترام القانون، والقيام بكل الإجراءات المنصوص عليها على غرار تنظيم المؤتمرات، وتوضيح الحسابات المالية.
وعلّق رئيس حركة "عازمون" عياشي زمال بأنّ القرار "علامة على احترام القانون في تونس، موضحًا أنّه وفق القانون التونسي فإنه لا يحق للسلطة التنفيذية حلّ الأحزاب السياسية، والأمر متروك للقضاء، وهذا ما قامت به رئاسة الحكومة حين بادرت بتنبيه 150 حزبًا حتى تقوم بتوضيح أوضاعها المالية، وأصدرت الجهات القضائية أحكامًا بتعليق نشاط 97 حزبًا، وحلّ 15 حزبًا.
وقال زمال في تصريح لـ "إرم نيوز" :"هذا أمر إيجابي لأنه فضلًا عن كونه يُكرّس سلطة القانون، فإنه يزيد في تنقية المناخ السياسي، إذ إن أغلب الأحزاب لا وجود لها على أرض الواقع، واليوم حان الوقت للخروج من طفرة الأحزاب والجمعيات التي شهدتها تونس بعد الثورة، والانتقال نحو مرحلة جديدة قائمة على بناء أحزاب قوية ومهيكلة لها مالية شفافة، ويقوم عملها على صياغة برامج تنفع الناس، وتقطع مع الأحزاب الأيديولوجية والعائلية"، وفق تعبيره.
وأكد رئيس حركة "عازمون" أن "هذا القرار لن يمسّ بأي شكل من الأشكال بحرية ممارسة العمل السياسي أو الحق في التنظّم السياسي وتكوين الأحزاب، بل هو قرار جاء لتكريس واقع جديد."
من جانبه اعتبر المحلل السياسي محمد صالح العبيدي، أنّ القرار يأتي في سياق تنظيم الحياة السياسية في تونس بعد التجاوزات الكبيرة التي قامت بها الأحزاب السياسية واستفادتها من المال العام دون القيام بدورها السياسي والاجتماعي، وفق تعبيره، لكنه حذّر من أن تكون هناك غايات سياسية وراء الموضوع.
وأضاف العبيدي في تصريحات لـ "إرم نيوز" أنّه من المهمّ هيكلة الحياة السياسية وفقًا لما يقتضيه القانون، ولكن الأهم ألا يتم استغلال قانون تنظيم الأحزاب والجمعيات لتحقيق غايات سياسية وإضعاف دور الأحزاب وربما إقصائها من المشهد.
وأشار "العبيدي" إلى أنّ قوى المعارضة لا تنظر بعين الرضا إلى هذه الإجراءات، وتعتبر أنّها تحدّ من دور الأحزاب السياسية في وقت تستعد فيه البلاد لاستحقاقات انتخابية، لا سيما الانتخابات الرئاسية العام 2024.