صندوق"باندورا" اليونانية
صندوق"باندورا" اليونانيةصندوق"باندورا" اليونانية

صندوق"باندورا" اليونانية

يوسف ضمرة

يمكن اعتبارها دعابة سمجة؛ أن يعلن شباب الثورة في اليمن دعمهم لعلي عبد الله صالح، في مواجهة عبد الملك الحوثي! لكن الأهم هو أن اليمن دخل نفق الفوضى، وسار على خطى ليبيا. أما سوريا فحكايتها أكبر بالطبع، حيث يجري العمل على تدميرها يوميا من دون هوادة. بينما بدأ الإرهاب يضرب في القاهرة لا في سيناء وحدها، ويغلي مرجل ضخم تحت المياه التونسية والجزائرية، جراء انتشار السلاح الأعمى في ليبيا، في ظل بنية أقل ما يقال فيها إنها بنية تسودها ثقافة القبيلة والعقيدة، إضافة للعامل الخارجي البارز. بينما العراق غارق في فوضاه الطائفية تحت تأثير العامل الخارجي أيضا.



هذه محصلة 4 سنوات من"الربيع العربي" وهذه هي" أزهاره" التي تفتحت وقطفناها؛ فهل كان"البو عزيزي" يدرك أنه بإحراق نفسه، سيفتح صندوق"باندورا" وتتطاير الشرور من كل حدب وصوب؟

لا أحد يعرف تماما شكل الفوضى وتفاصيلها في اليمن، ولهذا ربما يكون غريبا علينا أن نسمع شباب الثورة يؤيدون عودة صالح إلى السلطة. والأمر ينطبق تماما على الفوضى الليبية، التي لا نعرف تفاصيلها وخباياها. كل ما نعرفه هو أن أوروبا وأمريكا يحركون البعض، ويوظفون حراك البعض الآخر؛ صحيح أن كثيرا من الناس العاديين البسطاء كانوا صادقين في حراكهم، لكنهم كانوا يدركون جيدا ما الذي لا يريدونه، لكنهم في المقابل لا يدركون تماما ما الذي يريدونه بديلا. والسبب كما نظن هو غياب المشاريع الثورية الناضجة للأحزاب والجماعات، إضافة إلى الدور الخارجي الذي يغذي حالة التيه هذه.


فلا الجماهير خرجت في تونس لإعادة رموز بن علي، ولا في مصر لإعادة رموز مبارك، ولا في اليمن لإعادة رموز صالح. هذا كله نتيجة حتمية لحراك مرتبك بلا قيادات ثورية حقيقية، حيث برزت جماعة الإخوان المسلمين ـ غير الثورية ـ أصلا، والمحافظة جدا، والتي لا تصلح أبدا لقيادة فعل ثوري، الأمر الذي أدى إلى هذه الفوضى في ليبيا واليمن ومصر ولاحقا سوريا.


بسهولة بالغة نجح السبسي في تونس في مواجهة الرئيس المدعوم من الإخوان المسلمين، بعد أن أدرك التونسيون أن البلاد تذهب في اتجاه آخر غير الذي كانوا يتوقعونه كنتيجة لانتفاضتهم. فهم لم يثوروا على بن علي إلا لأسباب تتعلق بالحكم الواحد والشمولي والفاسد. ولهذا رفضوا أن يكون البديل حكما شموليا محافظا ومتزمتا. أما اليمن فقد كانت إزاحة الرئيس علي صالح، كافية لرموز الثورة الشعبية، بعد تدخلات دولية وإقليمية، الأمر الذي أدرك معه قسم كبير من الشعب اليمني أن الانتفاضة اليمنية لم تؤت ثمارها، فتحرك الحوثيون ومعهم قطاعات سياسية كالناصريين والقوميين، ووصلت الأمور إلى حد اقتحام العاصمة صنعاء، وفرض حال جديدة تستوجب تغييرا شاملا. على هذه الخلفية تحرك الجنوبيون، ثم من يسمون بشباب الثورة. لكن أحدا لا يعرف إلى أين تتجه الأمور حاليا، وإن أظهر الجنوب بوادر الانفصال التي لطالما كانت حلما لم يمت يوما، على الرغم من كل الانتكاسات التي أصابته من قبل.


علينا انتظار وجهة الحكم الجديد في السعودية، وتداعيات الحرب على داعش في العراق، والرؤية الأمريكية التي ستكون لها كلمة الفصل غالبا في هذه المنطقة، من دون أن ننسى تأثيرات إيران وأهميتها بعد تقوية الشوكة الحوثية، على الرغم من الاختلاف بين الإثني عشرية والزيدية، كما يؤكد الحوثيون أنفسهم. لكن الثابت فيما يبدو، أن عودة صالح ليست واردة كما قد يظن البعض، حتى وإن تناقلت الأخبار معلومات عن تنسيق قائم بينه وبين الحوثيين، إضافة إلى حكاية دعم شباب الثورة؛ الدعابة السمجة!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com