إذاعة الجيش: إسرائيل تواجه نقصاً في صواريخ الاعتراض

logo
العالم العربي

تغطية غير متوازنة وتوصيف منحاز.. الإعلام الغربي يرى حرب غزة بـ"عين واحدة"

تغطية غير متوازنة وتوصيف منحاز.. الإعلام الغربي يرى حرب غزة بـ"عين واحدة"
22 نوفمبر 2023، 4:22 م

لا يزال تعاطي الإعلام الغربي مع الحرب الدائرة في غزة يفتقد للكثير من التوازن في تناول المواد الإخبارية أو التحليلية لتوصيف الوضع أو لاستشراف مخارج للأزمة، وبدت اهتماماته غير متكافئة فيما يخص طرفي الصراع، وغير متناسبة مع حجم الخسائر لدى كل طرف.

ورغم صور الدمار المتداولة يوميًا في قطاع غزة، يصر شق واسع من الإعلام الغربي، في فرنسا، وإنجلترا، والولايات المتحدة، وغيرها، على أن ما تقوم به إسرائيل يندرج في إطار الدفاع عن النفس، وهو ردّ فعل على ما قامت به حركة حماس الفلسطينية، يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.



"مجازر" مقابل "الدفاع عن النفس"

ولا تتردد وسائل الإعلام الغربية، من صحف ومحطات تلفزيونية وإذاعية ومواقع إخبارية، في وصف هجوم 7 أكتوبر بـ"المجازر" التي ارتكبتها حركة حماس، لكنها تمتنع عن استخدام هذا الوصف في الحديث عن القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني في غزة، بتاريخ 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أو قصف مدرسة الفاخورة التي تؤوي مئات اللاجئين، والذي خلّف أكثر من 200 من الضحايا.



ورغم الإجماع، في الأوساط الحقوقية خاصة، على أن ما يرتكبه الجيش الإسرائيلي في غزة يرتقي في بعض مظاهره إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فإن كثيرًا من المحطات التلفزيونية الفرنسية مثلًا، لا ترى إلا بـ"عين واحدة"، وتمتنع عن الجزم بهذا الأمر مقابل نعت هجمات حركة حماس بأسوأ النعوت، ولا تتحرج في تصنيفها ضمن خانة "جرائم الحرب".

الخطاب المتداول في تلفزيون "بي أف أم تي في"، مثلًا، يمنح حيزًا أكبر للحديث عن خسائر الجانب الإسرائيلي جرّاء الصواريخ التي تطلقها حركة حماس من شمال قطاع غزة، أو صواريخ ميليشيات حزب الله من جنوب لبنان، مقابل تخصيص حيز زمني أقل لوصف نتائج وتداعيات القصف الإسرائيلي للأحياء السكنية ومجمعات اللاجئين وحتى مقار تابعة لمنظمة الأمم المتحدة.

وتقول جمعية الصحفيين المناهضين للعنصرية (في فرنسا) إن التغطية الإخبارية الفرنسية لما يجري في غزة منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر الماضي "غير متوازنة" في العديد من وسائل الإعلام الفرنسية، لاسيما بسبب "ميلها إلى إخفاء الفلسطينيين وتجريدهم من إنسانيتهم"، وفق وصف الجمعية في بيان لها.

وأشار البيان إلى أن عدم التوازن هذا يطال الصحفيين أنفسهم، حيث يعاني كثيرون من "التهميش، وانعدام الثقة المهنية من جانب رؤسائهم، الذين يتجاهلون زواياهم المقترحة، ويتحكمون في إنتاجهم بطريقة غير مسبوقة، كل هذا دون إثارة ردود فعل من الزملاء أو الرؤساء الحاضرين"، بحسب قوله.

ونبّه البيان إلى أن تمسك الصحفيين في غرف التحرير باحترام حقوق الشعب الفلسطيني، يُنظر إليه على أنه انحياز للفلسطينيين، لاسيما إذا كان الصحفيون عربًا أو مسلمين.

وتجد صفة الانحياز وعدم التوازن في التغطيات الإعلامية صدى لها لدى المنظمات الحقوقية التي تفضح مثل هذه الأساليب غير المهنية وغير الأخلاقية، إذ أشارت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان في تقرير لها إلى أن "دورة العنف الحالية هي النتيجة المتوقعة للاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، ونظام الفصل العنصري الذي استمر لفترة طويلة، رغم الدعوات والتحذيرات الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان وآليات الأمم المتحدة".

وقالت الفيدرالية الدولية إنه "في فترة تتسم بالتوترات الشديدة، وتطرف الخطاب والدعم غير المشروط لإسرائيل، من المهم الدعوة إلى وقف التصعيد والوقف الفوري لإطلاق النار لحماية السكان المدنيين، الذين هم الضحايا الرئيسون لهذا الصراع".

واعتبرت الفيدرالية أن غزة تعاني حصارًا متواصلًا منذ 16 عامًا، حوّلها إلى سجن مفتوح غير صالح للعيش لأكثر من مليوني فلسطيني، الأمر الذي لا نجد له صدى في وسائل الإعلام الغربية، التي تنظر إلى الصراع من منطلق واحد، هو هجمات حماس يوم 7 أكتوبر الماضي، مع التركيز على فظاعتها.



تحويل وجهة

ولا تتردد بعض الصحف والمواقع الفرنسية في "تحويل وجهة" الرأي العام في كل مرة يشتد فيها القصف على غزة، أو يوقع عددًا كبيرًا من المدنيين، وهذا ما اشتغلت عليه صحف "لوموند" و"لوفيغارو" ومجلة "لوبوان" وموقع "20 دقيقة" وموقع تلفزيون "بي أف أم تي في"، والتي تستحضر في كل مرة ما حصل في 7 أكتوبر، وتركز على ما تعتبره "مجازر وحشية" قامت بها عناصر حماس، بينما تتولى آلة الحرب الإسرائيلية حينها دكّ المستشفيات والمدارس والأحياء السكنية، وتوقع مئات الضحايا دون إيلاء اهتمام كبير لكل ذلك.



"فخ الكلمات"

ويقول تقرير لإذاعة فرنسا الدولية إن غرف الأخبار التي تعمل على تغطية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في غزة تعمل وسط "فخ من الكلمات"، وهي تجد صعوبة في توصيف ما يجري بصفة دقيقة وموضوعية، وتفتح هذه الصعوبة الباب على تبني مواقف مسبقة من جانب الصحفيين في الغرب لتوصيف حركة حماس بـ"المنظمة الإرهابية"، مع أنه من الممكن استخدام تعابير موضوعية للغاية لتصنيف حماس، مثل "حركة إسلامية" أو "كوماندوس"، التي تعني وحدة عسكرية بسيطة ترتكب هجمات.

ومن الكلمات المثيرة للجدل أيضًا، والتي ينطوي استخدامها على موقف مسبق "جيش الدفاع الإسرائيلي"، وتعطي العبارة الانطباع بأن هذا الجيش مؤهل فقط ليكون "جيش دفاع"، مع أنه غزا من قبل لبنان وسوريا، وما زال يحتل فلسطين.

ويمثل استخدام مصطلح "الأراضي المحتلة" أيضًا مقياسًا لدرجة موضوعية وسائل الإعلام التي تتابع الوضع في غزة، وتستحضر جوانب من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، و"الأراضي المحتلة" هو المصطلح المقرر في القانون الدولي ويستخدمه المجتمع الدولي بأكمله، وهو الاسم الرسمي في جميع قرارات الأمم المتحدة باستثناء إسرائيل، وأحيانًا الولايات المتحدة.

ويؤكد خبراء في تحليل الخطاب السياسي أن "غياب استخدام عبارة "الأراضي المحتلة" ينطوي على دلالة كبيرة: فعندما نتحدث عن "الأراضي المتنازع عليها" أو عندما نتحدث عن يهودا والسامرة بدلًا من الضفة الغربية، فإننا نريد أن نتبنى وجهة النظر الإسرائيلية، وهذا يعني القول إنها لا تعترف بأن هذه الأراضي يجب أن تعود إلى الشعب الفلسطيني، وأن الشعب الفلسطيني يتمتع بالحق في "تقرير المصير"، وأن هذه ستكون أراضي لن يتم تحديد وضعها بوضوح، وبالتالي ستكون مفتوحة تمامًا للتفاوض مع المطالبات المشروعة بالسيادة من جانب إسرائيل"، كما يقول المحامي فرانسوا دوبويسون لموقع "راديو فرنس".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC