لماذا السودان مهم؟

لماذا السودان مهم؟

أثار الاهتمام الدولي الكبير بالسودان منذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الجاري التساؤلات حول أسبابه وما الذي يجعله بهذا القدر من شتى الأطراف الفاعلة، مقارنة بصراعات أخرى في دول مجاورة لا تلقى جزءا ولو قريبا من هذا الاهتمام.

وتفسير ذلك الاهتمام يرجع لعدة أسباب، ففي حين يمتلك البلد- شاسع المساحة والمجاور لسبع دول- موارد اقتصادية هائلة، يتمتع السودان كذلك بموقع إستراتيجي حساس، يمثل محط أنظار العالم.

وفي محاولة لاستقراء الأهمية التي جعلت الصراع الداخلي في السودان ذا بعد دولي وإقليمي يمكننا النظر إلى العوامل التالية:

البحر الأحمر

يمتلك السودان سواحل بحرية ممتدة على الجانب الغربي من البحر الأحمر يصل طولها نحو 700 كيلو متر، وهو ما جعله مباشرا لمساحة كبيرة من أحد أهم الممرات العالمية؛ إذ يعبر من البحر الأحمر ما يقارب 20% من التجارة العالمية و30% من تجارة النفط، عبر قناة السويس.

هذا الموقع الفريد على ساحل البحر الأحمر جعل الموانئ السودانية حلبة تنافس بين القوى الفاعلة إقليميا ودوليا، ووفق ما ذكره تقرير لمركز كارنيغي نشر في فبراير 2021، فقد برز عقب سقوط البشير في 2019 التهافت الدولي والإقليمي على السودان، حيث سعت دول إقليمية وقوى عظمى عالمية لحجز موطئ قدم في تلك المنطقة بالغة الأهمية اقتصاديا وإستراتيجيا.

ويذكر التقرير- على سبيل المثال- إقدام روسيا في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، عبر وزارة الدفاع، بإبرام اتفاق مدته 25 عامًا مع السلطات السودانية لإنشاء قاعدة بحرية روسية جديدة في ميناء بورتسودان، قادرة على استيعاب 300 جندي روسي تقريبًا.

نهر النيل

يمر نهر النيل الذي يعد أحد أطول أنهار العالم بالسودان، وتبرز أهمية النهر في كونه مصدرا أساسيا للماء والغذاء في معظم البلدان التي يمر عبرها مع تزايد أهميته في دولتي المصب لاسيما مصر، والتي يعد النيل فيها مسألة وجودية كمصدر شبه وحيد لمياه الشرب والزراعة كذلك.

وخلال السنوات الماضية كان النيل محور نزاع معقد بين مصر وإثيوبيا التي تعد أحد أهم منابعه بسبب بناء الأخيرة سدا عملاقا قد يقلل من حصة مصر من المياه، وقد كان السودان طرفا أساسيا في ذلك النزاع.

دول الجوار

يمتلك السودان حدودا مع سبع دول هي مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا، ويشهد عدد من تلك الدول صراعات داخلية، مثل أفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا، كما خرجت إثيوبيا للتو من حرب أهلية طاحنة بين الحكومة المركزية وجبهة تحرير تيغراي.

وفي حال استمرار التدهور الأمني في السودان يخشى أن تأخذ الصراعات في دول الجوار امتدادًا داخل السودان أو أن تتخذه بعض جماعات التمرد قاعدة انطلاق لشن هجمات داخل تلك الدول، لاسيما مع وجود لاجئين من أغلبها داخل السودان.

خرائط غوغل

اللجوء   

أحد العوامل المهمة في سياق الاهتمام الدولي بالصراع السوداني هي خوف الدول الأوروبية من موجة لجوء غير مسبوقة إذا اتجهت السودان لقائمة الدول الفاشلة؛ إذ إنها وعبر حدودها الرخوة مع ليبيا المجاورة والمطلة على البحر المتوسط كانت معبرا رئيسيًا للمهاجرين الأفارقة إلى الشمال، رغم محاولات ضبط الحدود المدعومة غربيا.

وفي حالة انهيار الدولة في السودان فستكون فرصة ذهبية لطوفان الأفارقة الحالمين بالهجرة للتسلل عبر ليبيا أو مصر للوصول إلى البحر، وهو ما تود القوى الغربية منعه.

الإرهاب

بالنظر إلى تصاعد التهديدات التي تمثلها الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل الأفريقي والصومال، والتي امتدت مؤخرا إلى الكونغو في وسط أفريقيا، يخشى أن يصير السودان مرتعا جديدا تلك الجماعات التي تتخذ من الانفلات الأمني والفوضى السياسة مدخلا لفتح بيئات عمل جديدة لها.

وبالعودة لموقع السودان الإستراتيجي والأهمية الدولية له، ستمثل تلك الجماعات حال حصلت على موطئ قدم فيه تهديدا عالميا، ربما يستهدف إمدادات النفط والقوات الأجنبية النشطة في منطقة القرن الأفريقي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com