من جلسات المحكمة الاتحادية في العراق
من جلسات المحكمة الاتحادية في العراقمتداولة

"الإقليم يصعّد".. انسحاب عضو في المحكمة الاتحادية في العراق دعمًا لكردستان

أعلن القاضي عبد الرحمن زيباري، أحد أعضاء المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الثلاثاء، انسحابه من المحكمة "احتجاجًا على قرارات صدرت أخيرًا ضد إقليم كردستان"، وفق ما ذكر القاضي زيباري.

وقال عبد الرحمن زيباري، في مؤتمر صحفي عقده في أربيل: "وجدت نفسي في موقع أصبحت فيه جهودي وإمكانياتي العلمية والمهنية عاجزة عن تحقيق غايتها في الدفاع عن مصالح إقليم كردستان، بصفته إقليمًا دستوريًّا معترفًا به في العديد من مواد الدستور الاتحادي".

وعزا القاضي سبب انسحابه إلى "ما لمسه من وجود نزعة في قرارات المحكمة المتتالية نحو العودة التدريجية إلى أُسس النظام المركزي للحكم، والابتعاد شيئًا فشيئًا عن أُسس ومبادئ النظام الاتحادي، من خلال توسيع نطاق الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية".

وبين أن "المحاكم الدستورية في جميع الأنظمة السياسية التي تتبنى النظام الفيدرالي الاتحادي هي ضمانة لحماية وترسيخ هذا النظام، وحفظ التوازن بين السلطات الاتحادية وسلطات الولايات أو الأقاليم، ومنع تجاوز كل مستوى من مستويات الحكم على صلاحيات المستوى الآخر".

وأضاف أن "منطق الأشياء يقتضي أن يكون حرص المحكمة الدستورية في أي بلد مُنصبًّا على حماية سلطات الأقاليم أو الولايات، أكثر من حرصها على السلطات الاتحادية؛ لأن هذه الأخيرة وبحكم طبيعتها وطبيعة صلاحياتها في موقع أقوى من سلطات الأقاليم، غير أن ما لمسته هو عكس ذلك"، وفق تعبيره.

القاضي عبد الرحمن زيباري
القاضي عبد الرحمن زيباريفيسبوك

قرارات بالأغلبية

وأكد زيباري أن "الدستور العراقي لعام 2005 يُعد من الدساتير الجامدة التي حرص المشرع على إخضاع تعديله لإجراءات معقدة حماية للمبادئ الدستورية المتفق عليها، ولحقوق جميع الأطراف والمكونات وجميع مستويات الحكم"، مستدركًا: "غير أن ما لمسته في اتجاهات وقرارات المحكمة الاتحادية العليا وتفسيراتها لنصوص الدستور في الكثير من الدعاوى هو الاتجاه نحو التفسير الواسع الخارج عن السياق، والذي قد يصل إلى مستوى التعديل الدستوري".

وأكد أنه بالنظر لعدم سن وتشريع قانون جديد للمحكمة الاتحادية العليا وفق ما تقتضيه المادة (92) من الدستور، فإن مواد ونصوص القانون المعدل للمحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لعام 2005، الذي شرع قبل نفاذ دستور عام 2005، والمتعلقة بتشكيل المحكمة وآلية التصويت فيها أثناء إصدار الأحكام والقرارات، والتي تكون في معظمها بالأغلبية، جعلت ممثلي إقليم كردستان (وهما قاضيان ضمن العدد الإجمالي لأعضاء المحكمة التسعة) عاجزين من الناحية العددية عن تفادي صدور قرارات وأحكام تعتبر في نظرهما ماسة بحقوق الإقليم وكيانه الدستوري، الأمر الذي جعل تمثيلهما للإقليم غير ذات قيمة حقيقية ومؤثرة من الناحية العملية، وأقصى ما يمكن فعله هو تثبيت الرأي المخالف لرأي الأكثرية.

وتابع زيباري: "ثبتنا موقفنا الدستوري والقانوني المخالف والمعارض في العديد من الأحكام والقرارات، لكن دون جدوى حقيقية؛ لأن القرارات تصدر بالأكثرية وليس بالإجماع".

وختم زيباري بالقول: "من منطلق شعوري بالمسؤولية أمام شعب إقليم كردستان بجميع مكوناته وأمام مؤسساته وكيانه الدستوري، فإنني أعلن انسحابي من عضوية المحكمة الاتحادية العليا، بعدما تسببت الحقائق التي ذكرتها أعلاه في تعذر تحقيق الأهداف التي شغلت المنصب من أجلها، ومن تغيير اتجاهات المحكمة التي أشرت إليها آنفًا".

مبنى المحكمة الاتحادية العليا
مبنى المحكمة الاتحادية العليامتداولة

"قضاة احتياط"

وفي السياق، قالت المحكمة الاتحادية العليا في بيان مقتضب، إن "إعلان انسحاب القاضي عبد الرحمن سليمان زيباري من عضوية المحكمة الاتحادية العليا، لا يؤثر على سير العمل لوجود ثلاثة قضاة احتياط".

من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي، محمد علي الحكيم، إن "انسحاب القاضي عبد الرحمن زيباري من عضوية المحكمة الاتحادية العليا، ليس له تداعيات قانونية، لكن أكيد له تداعيات سياسية، وربما تكون هناك خطوات تصعيدية جديدة من الإقليم ضد بغداد بعد سحب الكثير من صلاحياتها".

وبين الحكيم، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "إعلان انسحاب زيباري من عضوية المحكمة، سيعمق الخلاف ما بين بغداد وأربيل"، مؤكدًا أن "هذا الانسحاب لم يأتِ بقناعة شخصية من القاضي، بل جاء بتوجيه سياسي، ما يعني أن الإقليم سيتمرد على قرارات المحكمة، ولن يلتزم بها".

وتابع: "إقليم كردستان شعر بخطورة استمرار بغداد في سحب صلاحياته وتحجيمه؛ لذلك بدأ يصعد من الخطوات السياسية"، متوقعًا أن تشهد المرحلة المقبلة "انسحاب أو تعليق حضور النواب الكرد في البرلمان، أو حتى في مجلس الوزراء (الحكومة)".

أخبار ذات صلة
ضغوط بغداد على إقليم كردستان تنذر بأزمة جديدة في العراق

وتعمل القوى السياسية ضمن الإطار التنسيقي الحاكم في العراق، الذي يجمع الكتل والأحزاب القريبة من إيران، على سحب الكثير من الصلاحيات الممنوحة لإقليم كردستان، عبر صدور قرارات من قبل المحكمة الاتحادية العليا.

وخلال الفترة الماضية، نجحت الحكومة الاتحادية العراقية بسحب الكثير من صلاحيات حكومة الإقليم، أبرزها ربط ملف توزيع رواتب الموظفين بالإقليم عبر بغداد، وإجراء الانتخابات في الإقليم من قبل المفوضية في بغداد، إضافة إلى إلغاء قانون النفط والغاز المعمول به في الإقليم، وألزمت أربيل بتسليم "كامل إنتاج النفط، من الحقول التي كانت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان تستخرج النفط منها، وتسليمها للحكومة الاتحادية المتمثلة بوزارة النفط العراقية، مع توحيد الإجراءات القضائية بين المحاكم العراقية ومحاكم الإقليم وتسليم المطلوبين، وإلغاء إجراءات الرسوم الجمركية الخاصة بالإقليم، وحصرها بيد بغداد فقط، إلى جانب الحد من سلطة إقليم كردستان في منح تأشيرات الدخول للأراضي العراقية، وحصرها بيد بغداد فيما يتعلق بالدول التي تفرض بغداد تأشيرة مسبقة للدخول إليها، وكذلك عمل المطارات والمنافذ الحدودية في الإقليم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com