الجيش الإسرائيلي في محيط قطاع غزة
الجيش الإسرائيلي في محيط قطاع غزةرويترز

لماذا فشل التفوق العسكري الإسرائيلي في كبح جماح حماس؟

استشهد الكاتب البريطاني شاشانك جوشي، في مقاله بمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، بعملية "مول كريكيت 19" بين إسرائيل وسوريا قبل أكثر من 40 عاماً، في الأيام الأولى للغزو الإسرائيلي للبنان، عام 1982، كأحد الأمثلة التي بدا فيها الجيش الإسرائيلي متفوقا بشكل كبير.

وقال الكاتب البريطاني، إن هذه المعركة كانت بالنسبة لإدوارد لوتواك وإيتان شامير، مؤلفا كتاب "فن الابتكار العسكري"، دليلا على ذلك النوع من الإبداع العسكري الذي تتفوق فيه إسرائيل.

أخبار ذات صلة
رغم القتل والدمار.. إسرائيل تدعو سكان غزة لإنقاد حياة الرهائن لدى حماس

ورأى الكاتب جوشي، أن الحديث عن هذا الكتاب الآن يأتي في توقيت محرج؛ لأن الكتاب يمجد القوة العسكرية الإسرائيلية عقب هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر على إسرائيل، والذي يعتبر أكثر الأيام دموية بالنسبة لإسرائيل منذ نشأتها، والأكثر دموية بالنسبة لليهود في أي مكان منذ المحرقة.

وقال الكاتب، إن الحرب على غزة التي تلت هجوم السابع من أكتوبر، أدت إلى جعل جزء كبير من القطاع مدمرا، ورغم أن هذه الحرب استطاعت إضعاف حركة حماس، لكنها لم تتمكن من تدميرها.

ورأى الكاتب أنه وعلى الرغم من إخفاقات الجيش الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فإن أداءه بات يفوق ثقله منذ تأسيسه، مشددا على أن تفوق إسرائيل الواضح في الأسلحة والاستخبارات أدى في بعض الأحيان إلى حالة من "الشعور بالرضا" عن نوايا وقدرات خصومها.

وأشار الكاتب إلى أن "الابتكار التكتيكي والعملياتي" للجيش الإسرائيلي لا يمكن وحده أن يكسبه الحرب.

الجيش الإسرائيلي وإعادة التدوير

وبيّن الكاتب، أن ميليشيا حزب الله أرغمت إسرائيل على تطوير نظام القبة الحديدية، بعد أن أطلقت أربعة آلاف صاروخ على إسرائيل في عام 2006، حيث أنشأت إسرائيل القبة الحديدية في أربع سنوات، من عام 2007 إلى عام 2011، بمساعدة مالية كبيرة من الحكومة الأمريكية.

كما شجع الخطر المستمر إسرائيل على الارتجال، حيث كانت الميليشيات اليهودية (وجيش الدفاع الإسرائيلي فيما بعد) محرومة من الأسلحة القادمة من الخارج؛ ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إعادة تدوير الدبابات السوفيتية التي استولى عليها في حروبه ضد جيرانه العرب، ما سمح له بمواكبة الجيوش العربية الأكبر بكثير في ذلك الحين.

ويعتقد لوتواك وشامير، مؤلفا كتاب "الابتكار العسكري"، أن الابتكار التكنولوجي هو مفتاح النجاح العسكري؛ فقد كان لدى الولايات المتحدة طائرات بدون طيار قبل إسرائيل، لكن الأخيرة حولت الطائرات الأمريكية بدون طيار للتدريب على الأهداف إلى أفخاخ ثورية في عام 1973.

من جانبه، اعتبر عالم السياسة ستيفن بيدل في كتابه "القوة العسكرية"، أن ما يهم حقًّا هو اتباع التكتيكات؛ فالجيوش المدربة جيدًا، والمبنية حول وحدات صغيرة متماسكة قادرة على استخدام التضاريس الجغرافية للغطاء والإخفاء، ولا تزال قادرة على البقاء في مواجهة الأسلحة الحديثة.

المكر كبديل للقوة

ويقول كاتب المقال، إن الجيوش الصغيرة التي تواجه أعداءً أكبر يجب أن تعتمد على عنصر المكر بدلاً من القوة.

وضرب الكاتب مثالا على ذلك حرب أكتوبر التي شنتها مصر على إسرائيل، حيث فشلت المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) في ذلك الحين بالتنبؤ ليس فقط بالحرب، بل وأيضاً بالتكتيكات المبتكرة التي استخدمتها مصر، وعلميات التدريب التي تم تنفيذها منذ عام 1967.

الصحفي أبراهام رابينوفيتش في كتابه عن "الحرب على الإرهاب" من جانبه يؤكد "أن العامل المشترك وراء كل هذه الإخفاقات كان بسبب ازدراء الأسلحة العربية التي امتلكها العرب منذ حرب 1976، مبينا أن السؤال الذي لم يعالجه لوتواك وشامير في كتابهما عن التفوق العسكري الإسرائيلي، هو ما إذا كانت التكنولوجيا التي امتلكتها إسرائيل قد عززت الشعور بالرضا عن النفس.

وبالمثل كما حدث في هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي، فقد فشلت إسرائيل في الأشهر التي سبقت هجمات حركة حماس في التعامل مع ما التقطه الحراس الإسرائيليون، وصغار ضباط المخابرات من إشارات دالة على وجود هجوم وشيك لحماس، مبينًا أنه "من بين هذه الإشارات التي تجاهلتها إسرائيل تدريبات حماس على تفجير السياج الحدودي ودخول الكيبوتسات، حيث رفضت إسرائيل هذه التحذيرات باعتبارها "سيناريوهات خيالية".

إخفاقات استخباراتية معقدة

ورأى الكاتب، أنه من السابق لأوانه الجزم بشكل قاطع حول سبب مقاومة كبار الضباط الإسرائيليين للأدلة التي تشير إلى وقوع هجوم محتمل من قبل حماس.

وأوضح "أن الإخفاقات الاستخباراتية معقدة، لكن العديد من العوامل التي كانت مؤثرة في الفترة التي سبقت السابع من أكتوبر من المرجح أن تحاكي تلك التي أصابت جيش الدفاع الإسرائيلي في عام 1973، والتي تدور حول تصور سياسي جامد لما قد يفعله العدو أو لا يفعله، والاستهانة المنهجية بقدرات العدو، والاقتناع بأن وسائل المراقبة والدفاع عالية التقنية، مثل أجهزة استشعار الاهتزاز، وكاميرات الحدود المثبتة على طول المحيط مع غزة ستكون كافية".

وختم الكاتب بالقول: "إن الابتكار لا يكفي لاستئصال وتدمير عدو قضى ما يقرب من عقدين من الزمن يختبئ في المناطق الحضرية الكثيفة وتحتها، كما أنها لا تساعد في إقناع جيران إسرائيل العرب بتمويل إعادة إعمار غزة بعد الحرب والمشاركة في حكمها".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com