مركز الملك عبدالله المالي في الرياض.. كيف غابت البنوك وتأخر التنفيذ؟
مركز الملك عبدالله المالي في الرياض.. كيف غابت البنوك وتأخر التنفيذ؟مركز الملك عبدالله المالي في الرياض.. كيف غابت البنوك وتأخر التنفيذ؟

مركز الملك عبدالله المالي في الرياض.. كيف غابت البنوك وتأخر التنفيذ؟

تحث الممكلة العربية السعودية الخطى من أجل إكمال أكبر مركز مالي في البلاد، يضم برجين مضيئين يرتبطان ببعضهما بجسور معلقة، مع توافر أحدث التقنيات التكنولوجية؛ ووسائل المواصلات المتطورة، من بينها قطار يسمح للزوار ورجال الأعمال بالطواف في أرجاء المنطقة كلها في غضون 11 دقيقة.

ورغم طموح مشروع المركز المالي الذي بلغت تكلفة إعماره 10 مليارات دولار، إلا أن الأمر المحير هو خلوه من البنوك، إذ لم يتم حتى الساعة الاتفاق مع أي مؤسسة مالية واحدة لتشغل حيزا ضمن الـ73 مبنى، التي تقوم المملكة على إنشائها في مركز الملك عبدالله المالي، وذلك وفقا لوليد العيسى المدير التنفيذي ومدير مشروع تنمية المركز المالي في الرياض.

وتعد مجموعة التمويل "سامبا" أحد المقرضين على مساحة تبلغ 1.6 مليون متر مربع شمال مركز المدينة، حيث اشترت إحدى القطع العقارية و تباشر بناء برجها الخاص.

وقال العيسى في إحدى المقابلات إن البنوك السعودية ترغب في تعمير مبانيها الخاصة، ودفع أقل ما أمكن، ويضيف: إنهم لا يقدرون العلامة التجارية للموقع، كما يفعل المستثمرون في الغرب، إذ يدفعون أموالا إضافية فقط ليتواجدوا في التجمعات المالية.



بؤرة مالية عصرية

مركز الملك عبدالله المالي بؤرة مالية تجمع البنوك وشركات الخدمات المصرفية، والمدققين الماليين، و المحامين، بالإضافة إلى البورصة المحلية والسوق الرأسمالية في منطقة واحدة.

وستشيد خمس مبان في قلب المركز بما في ذلك أطولها، والذي يتكون من 76 طابقا، وسيتم تطويقها بعشرات المكاتب و لشقق والفنادق وقاعات المؤتمرات، ومناطق التسلية.



وستتفرع ممرات المشي التي تنخفض عن مستوى الشارع، لتشكل شبكة بين المباني وتوفر مساحة تنخفض فيها درجة الحرارة 8 درجات عن نظيرتها الموجودة على الشارع .

ويقول القائمون على المشروع إنه تم أخذ معايير الاستدامة البيئية في الحسبان، في كامل خطوات بناء المشروع، فقد تم تركيب الخلايا الشمسية على الأسطح، ودمجها بواجهات المباني.

وستعمل الممرات المعلقة بين الأبراج على تقليل الحاجة إلى استخدام السيارات، كما ستساعد الإضاءة الذكية على الحد من استهلاك الطاقة.

ويمكن تسمية المركز المالي بـ"المنطقة الحرة" الشبيهة بمركز دبي المالي العالمي؛ ما يعني أن المنطقة ستمتلك إطارا تنظيميا مستقلا، ووفقا للموقع الإلكتروني لمركز دبي المالي العالمي، تعمل أكثر من 1300 شركة فعالة مع 18521 موظفا في مركز دبي.

وبتتبع تاريخ المشروع حدد العيسى العديد من القرارات التي أخرت إتمام المشروع ورفعت من تكلفته، فكان مخططا بناء مركز الملك عبدالله المالي على مراحل كما بني مركز دبي، مع توفير مطور المشروع البنى التحتية مثل الطرق والاتصالات، وشبكات المياه، والصرف الصحي، وقيام مطوري المشروع من القطاع الخاص بالبناء، وفقا للمخطط والتقسيمات المنصوص عليها في الخطة الرئيسة.



إغراء أصحاب البنوك

عند التجول في موقع البناء عبر شارع الملك فهد الرئيس، ترى الرافعات الضخمة مثبتة في أعالي المباني، التي انتهى تصميمها الخارجي، ولكنها تحتاج إلى أعمال كثيرة لإنجازها من الداخل.

و ترى الخطوط الإسمنتية لا تزال قيد التشييد، والتي ستدعم سكة القطار التي تمر من بين الأبراج ذات الواجهات الزجاجية المليئة بالتصاميم الهندسية.



ولا يزال تحدي ملء هذه المباني قائما إذ ينبغي بذل جهد كبير في جذب شركات الإقراض، وقد وافقت شركة PriceWaterhouseCoopers LLP أن تستأجر 4,400 متر مربع وحدة عقارية لتأسيس بنك مركزي، وذلك على مساحة تبلغ 8.700 متر مربع.

ويؤكد مدير مشروع تنمية المركز المالي أنه يكفي النجاح في إقناع سبعة أو ثمانية بنوك للانتقال إلى المركز لتنتقل بقية البنوك، مضيفا "نريد أن يكتب النجاح لأحد المباني وبعدها سيتدافع الجميع إلى هنا".

وقال رمزي درويش المستشار لدى شركة Cluttons LLC في إحدى المقابلات الصحفية إنه سيكون هناك طلب دون أدنى شك على الاستثمار في المركز المالي، ولكن لا يزال موعد استكمال أعمال البناء غير محدد، وتابع بعد الانتهاء من البناء سيبرز تحد جديد؛ يتلخص في بيع أو تأجير كافة المساحات التي تم بناؤها، وذلك نظرا لعدد المكاتب الضخم الذي أُنشئ.

و في ذات السياق تسعى الحكومة لتقديم حوافز تغري بها البنوك للقدوم للمركز المالي، قد تتضمن تجزئة الضرائب على مدة تصل إلى 10 سنوات أو أكثر، بالإضافة إلى وضع قوانين خاصة تسهل من عمليات التوظيف، وإصدار تأشيرات العمل .

ويقول مسؤولون ماليون إن الشركة الرائدة، التي تشرف على تطوير الموقع للمؤسسة العامة للتقاعد قد تبحث عن مطور عقاري آخر، كبديل لمجموعة بن لادن، إن لم تقم المجموعة بمتابعة أعمال البناء في غضون شهرين، وتملك "بن لادن" تقريبا نصف قيمة عقود المشروع.

وقد وصلت المجموعة المذكورة بالفعل استفسارات من المؤسسة العامة للتقاعد حول تأخر العمل في المنشأة المالية، وردت "بن لادن" على الاستفسارات عبر رسالة إلكترونية بقولها إن عدم إيفاء مالكي المشروع بالشروط التعاقدية المتفق عليها، أثر بشكل كبير على تقدم المشروع، حيث لم يلتزموا بشروط دفع المستحقات المالية المترتبة في وقتها، مؤكدة أن وضعها التعاقدي صحيح جدا، ومدعّم بالبراهين والوثائق اللازمة.

الاستعداد لما بعد النفط

وفقا لتقرير مطول لوكالة "بلومبييرغ" الأمريكية تعاني خطط السعودية في دعم صناعات مختلفة، وتقوية موقع الرياض كبؤرة مالية دولية، استعدادا لمستقبل ما بعد النفط، من تأخيرات وتجاوزات في كلف الإعمار، وفشل في إدراك الحاجة للبنوك المحلية.

وبناء على ذلك سيشكل جذب المستثمرين للمركز المالي تحديا كبيرا، وذلك في ظل توقف أعمال البناء، ورغبة مطوّري المركز في تغيير شركة المقاولات الرئيسة التي تتكفل بإنجاز أعمال البناء، علما أن 70% من المشروع تم إنجازه.



تغيير الخطة

ويقول العيسى إن الخطة تغيرت بالكامل في 2009" بأوامر من الحكومة"، ليتم بناء المشروع بمرحلة واحدة، مع حصول مجموعة بن لادن السعودية، أكبر شركة مقاولات في المملكة، على 50% من عقود البناء، وهذه ليست أسهل طريقة للقيام بالأعمال".

وأضاف "عليك إنشاء البنية التحتية في البداية، وإذا لم تقم بذلك ستواجهك المشاكل في البناء، ومع ضرورة التعاون بين المقاولين، تصبح المهمة أصعب".

وبالفعل أصبح العمل أكثر صعوبة، إذ كان التصريح المعلن عن المشروع يقول إن البناء سيبدأ في عام 2007 وينتهي بعد ثلاثة أعوام، وقال مدير عام الشركة إنه للآن تم إنفاق قرابة 28مليار ريال (6.9 مليار دولار) وسيحتاج المشروع لقرابة 10 مليارات ريال إضافية.

آمال غير واقعية

ويرى مدير المشروع الأول من نوعه في المملكة أن التأخير الملاحظ جاء نتيجة التوقعات غير الواقعية، أكثر من المشاكل أثناء البناء، فأطول بناية والتي ستستضيف هيئة الرقابة المالية، قدر بأنها ستحتاج ثلاث سنوات لإتمام بنائها، بالإضافة لـ 55 مبنى آخر كان من المفترض تصميمها وإنهاؤها خلال 36 شهرا، وأضاف أنه يقوم بالضغط من أجل إنهاء المشروع في سنة 2017 ، لكن إتمام القطار المعلق لن يكون قبل 2019.

واستدرك "لا أحد في العالم يستطيع القيام بذلك، كانت توقعات التسليم في العقد الأصلي غير واقعية".



وقال العيسى إن العمل على المشروع توقف بشكل كبير، وسيكون على مجموعة بن لادن حل مشاكلها والعودة لإتمام المشروع، وإلا سيلغى العقد معها ويتم توزيع مسؤوليتها على بضع شركات أخرى لإتمام العمل، وأضاف أنه من الصعب القيام بتغير كهذا؛ لأن العديد من شركات المقاولات تتجنب الأعمال المكتملة جزئيا.

وأضاف سنتواصل مع الشركات المتواجدة حاليا في الموقع، ثم نتواصل مع شركات مثل "مجموعة الحبتور ليتون" حيث قاموا بتقديم مقترحات للعمل معنا في السابق مؤكدا أن مجموعة الحبتور ليتون مملوكة بنسبة 45% من مجموعة سيميك الأسترالية المحدودة، والمعروفة سابقا بـ"مقاولين ليتون".

وختم بالقول "المؤسسة العامة للتقاعد" (شبه مستقلة عن الحكومة) تقوم بالدفع للمقاولين مع تقدم العمل في المشروع، ولا تعاني من أية مشاكل في الدفع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com