"عدو أم حليف"؟.. الدبلوماسية التركية تتأرجح في نظرتها للسعودية
"عدو أم حليف"؟.. الدبلوماسية التركية تتأرجح في نظرتها للسعودية"عدو أم حليف"؟.. الدبلوماسية التركية تتأرجح في نظرتها للسعودية

"عدو أم حليف"؟.. الدبلوماسية التركية تتأرجح في نظرتها للسعودية

تلقي الأزمة الاقتصادية التركية بظلالها على علاقات أنقرة الخارجية، التي طالما اتسمت دبلوماسيتها بالتقلب، تجاه دول المنطقة الكبرى والفاعلة، وبينها السعودية، وسط ضبابية تعقد كشف طبيعة النظرة التركية حاليًا للرياض في وقت يبدو فيه قادة تركيا في موقف المراجع لعلاقاتهم الخارجية بشكل عام.

فبينما ينهمك قادة تركيا في توجيه الانتقادات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بوصف واشنطن، المسؤولة الرئيسة عن أزمة الليرة التركية وفق الادعاء التركي، لا يغيب اسم السعودية عن وسائل الإعلام التركية، التي تتعدد توصيفاتها للرياض متأرجحة بين اعتبارها حليفًا تارة وعدوًا تارة أخرى، فيما يبدو أنه مؤشر على اتضاح موقف تركي جديد في الفترة المقبلة.

الموقف التركي المتذبذب

لا يبدو أن قادة أنقرة قادرون على تحديد موقفهم من الرياض حالياً، وهو ما ينعكس تذبذبًا في المواقف بتدوينات النخب التركية بمواقع التواصل الاجتماعي وتغطيات وسائل الإعلام التركية، التي تصف السعودية أنها دولة "إرهابية" وأحياناً "متشددة"  وأحياناً أخرى "إسلامية" وفي بعض المرات "صديقة".

ويقول مراقبون إن التذبذب وتقلب المواقف المعروف عن تركيا، يجعل من الصعوبة توقع إلى أين ستمضي أنقرة في علاقاتها مع السعودية في الفترة المقبلة، فمن غير المقبول أن يوصف العاهل السعودي الملك سلمان بـ "الملك الإرهابي" في بعض الصحف التركية بينما تستمر علاقات البلدين الرسمية دون تأثر.

ويرى المراقبون أن التذبذب التركي في العلاقات الخارجية مع الدول يظهر حتى في هذه الجزئية، في إشارة إلى الإساءات التي ترد في بعض وسائل الإعلام  التركية تجاه السعودية وقادتها، إذ تسارع بعض وسائل الإعلام التركية لحذف تلك التوصيفات المسيئة للرياض فيما تواصل أخرى النشر رغم ردود الفعل الغاضبة.

هل السعودية بلد صديق؟

نشرت صحيفة "خبر 7" التركية قبل يومين، تقريراً صحفياً عن تقديم الرياض مبلغ مئة مليون دولار تقول السعودية إنها لصالح "مشاريع استعادة مصادر الرزق والخدمات الأساسية"، ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في مناطق شمال شرق سوريا، بعد تحريرها من تنظيم داعش.

لكن الصحيفة التركية عنونت تقريرها بالقول "ملك التنظيم الإرهابي" في إشارة إلى العاهل السعودي الملك سلمان، إذ انتقدت بعض وسائل الإعلام التركية الخطوة السعودية، وقالت إنها ستذهب لدعم الميليشيات الكردية التي تسيطر على المنطقة في شمال شرق سوريا، والتي تتبع حزب العمال الكردستاني المصنف "إرهابياً" عند أنقرة.

ولم تبدي أنقرة أي رد فعل رسمي على الخطوة السعودية التي تصفها الرياض بأنها "امتداد لعهد قطعته السعودية خلال المؤتمر الوزاري للتحالف الدولي الذي عقد في بروكسل في الـ 12 من تموز/يوليو 2018، بهدف دعم جهود التحالف لإعادة تنشيط المجتمعات المحلية مثل مدينة الرقة التي دمرها إرهابيو تنظيم داعش، في مجالات الصحة والزراعة والكهرباء والمياه والتعليم والنقل (الطرق والجسور الرئيسة) وإزالة الأنقاض".

ويقول مراقبون، إن غياب الموقف التركي الرسمي من الخطوة السعودية بينما تهاجمها بعض وسائل الإعلام التركية وتتجاهلها أخرى، يزيد التذبذب في السياسة التركية، والذي ألقى بظلاله بشكل لافت قبل أيام قليلة على علاقات أنقرة بحليفها الوثيق، قطر، عندما تعرضت الدوحة لانتقادات لاذعة في صحيفة "تقويم" التركية" قبل أن تحذف تقريرها في اليوم التالي بعد إعلان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد دعم أنقرة بـ 15 مليار دولار على شكل استثمارات متنوعة.

وسارعت صحيفة "خبر 7" لحذف تقريرها المسيء للسعودية دون أن توضح إن كان ذلك استجابة لدعوة أو أمرًا رسميًا، لكن تقارير مشابهة بعناوين تصف السعودية وملكها بـ "الإرهاب"، ما زالت موجودة في الصحافة التركية.

السعودية بلد عدو

وتحت عنوان "الملك سلمان أصبح ملك الإرهابيين بعد تقديم مئة مليون دولار"، أوردت صحيفة "العقد الجديد" الرواية السعودية لهدفها من تقديم المساعدة المالية، لكنها أشارت لكون المبلغ الكبير سيذهب إلى الميليشيات الكردية، مشيرة أيضاً لزيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان إلى مناطق سيطرة الوحدات الكردية العام الماضي.

وبينما كان الكاتب التركي فاتح ألتايلي، يشرح جزءاً من تاريخ العلاقة بين بلاده والسعودية، بما في ذلك اتهامه للسعودية بعدم نسيان عداوتهم للعثمانيين الأتراك، واتهامهم الرياض أيضاً بدعم إقامة دولة كردية كبرى، اختار التساؤل في نهاية مقاله الذي نشرته قناة "خبر تورك" واسعة المشاهدة، عبر موقعها الإلكتروني، قائلاً " ماذا كنا ننتظر من هذه الوهابية الدنيئة؟".

وتحفل كثير من وسائل الإعلام التركية، بمثل تلك التقارير والتوصيفات المسيئة للسعودية وقادتها، في الآونة الأخيرة، ولا يتم حذف تلك الإساءات، فيما يعزي مراقبون انتشار مثل ذلك الخطاب الإعلامي العدائي، إلى الخطاب السياسي لقادة أنقرة، والذين يتحدثون عن مؤامرة عالمية تستهدف بلادهم.

علاقة غامضة

ولا يرجح المحللون مضي أنقرة قدُماً في عداء السعودية ذات المكانة والثقل الاقتصادي والسياسي والديني، ويعتقدون أن علاقات البلدين قد تبقى بالفتور ذاته فقط، مستشهدين بالتنسيق العسكري التركي الأمريكي في مناطق شمال سوريا، واستضافة أنقرة لقاعدة عسكرية أمريكية رغم علاقات البلدين المتوترة في الشأن الاقتصادي الذي برز بعد رفض تركيا إطلاق سراح قس أمريكي متهم بالتجسس لصالح واشنطن.

ويقول كتاب ومحللون أتراك، إن بعض ما يكتب في الصحافة التركية ضد السعودية يكون رد فعل على مواد تنتقد تركيا بالحدة ذاتها، وتنشر في الصحافة السعودية، وإن ذلك لا يشمل أي موقف رسمي.

وتطرح تحليلات سياسية أخرى توقعاً بأن تكون الانتقادات التركية للسعودية والتي لم تخرج عن إطار وسائل الإعلام لحد الآن، مقدمة لتغيير مرتقب، في إطار سياسة تركيا التي غيرت تحالفاتها وبدلت مواقفها بضع مرات في غضون أعوام قليلة، بما في ذلك موقفها من الصراع السوري، وعلاقتها مع موسكو، والعراق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com